مصر تطلق قطار صناعة الهواتف المحمولة من الحلم إلى الريادة في الشرق الأوسط وأفريقيا
تصنيع الهواتف في مصر
تشهد مصر طفرةً غير مسبوقة في مجال صناعة الهواتف الذكية، بعد سنوات من الاعتماد الكامل على الاستيراد، فمنذ أن خطتْ أولى خطواتها في هذا القطاع، استطاعت البلادُ جذب الشركات العالمية العملاقة، مثل “سامسونج” و”هواوي”، إلى جانب إطلاق أول هاتف ذكي مصري، أصبحت مصر في طريقها اليوم نحو تحقيق أهداف طموحة لتصبح مركزًا إقليميًا لصناعة الهواتف الذكية، مستفيدةً من التكلفة التنافسية وأفق التصدير الواعد للأسواق الأفريقية والشرق الأوسط.
وتطورت صناعة الهواتف المحمولة في مصر على مدى السنوات الماضية بشكل لافت، بدايةً من المحاولات المحلية للتصنيع وحتى جذب الشركات العالمية للانتقال للإنتاج المحلي.
مصنع سامسونج في بني سويف
افتتحت “سامسونج” الكورية الجنوبية مصنعًا في محافظة بني سويف منذ 2013، يختص بإنتاج الشاشات وبعض المنتجات الإلكترونية، وقد توسَّع المصنع فيما بعد ليشمل تجميع الهواتف الذكية. هذا المصنع، الذي تم إنشاؤه باستثمارات كبيرة، يعدّ أحد أبرز المصانع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ويصدر منتجاته إلى عدة دول. واستطاعت “سامسونج” من خلاله الاستفادة من الاتفاقيات التجارية التي توفر مصر مع الدول الأفريقية والأوروبية، حيث يُصنع جزء كبير من الهواتف المُجمَّعة في مصر ويتم تصديرها إلى الأسواق الأفريقية.
إطلاق أول هاتف مصري “سيكو”
كانت البداية الرسمية لصناعة الهواتف المحمولة في مصر مع دخول شركة “سيكو” (SICO) المصرية إلى هذا المجال. أعلنت الشركة عن أول هاتف ذكي مصري الصنع، “Nile X”، في 2018. تم إنتاج الهاتف من خلال مصنع في المنطقة التكنولوجية بأسيوط بتكلفة بلغت 400 مليون جنيه مصري، وبقدرة إنتاجية تصل إلى نحو 1.8 مليون جهاز سنويًا. ووضعت “سيكو” أسس الصناعة المحلية للهاتف، لكن تراجعت شعبيته في السوق مع تطور الشركات الأخرى.
دخول مصانع الهواتف الصينية
مع ازدياد الطلب المحلي على الهواتف الذكية وانخفاض تكلفة التصنيع في مصر، دخلت عدة شركات صينية للاستفادة من الفرص السوقية، ومن أبرز تلك الشركات:
هواوي (Huawei): التي بدأت بتجميع بعض الهواتف محليًا لتلبية الطلب المصري المتزايد. تسعى “هواوي” للتوسع تدريجيًا في عمليات التجميع والتصنيع لتقديم هواتف بأسعار منافسة.
أوبو (Oppo): في 2022، بدأت أوبو باستثمارات لتأسيس مصنع تجميع في مصر. وتهدف الشركة إلى إنتاج الهواتف محليًا لتخفيض التكاليف ودعم السوق.
فيفو (Vivo): أعلنت عن ضخ استثمارات لإنشاء مصانع تجميع هواتف في مصر، مستهدفة توفير موديلات متنوعة لمختلف الشرائح المصرية.
هذه الشركات سعت لتقديم هواتف بأسعار مناسبة بسبب توافر اليد العاملة والتكلفة التصنيعية المنخفضة نسبيًا في مصر، مما ساعد في دعم الصناعة المحلية.
رابعا: شركة آبل (Apple):
في تصريحات رسمية، أوضح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة المصرية تسعى لجذب المزيد من الشركات العالمية إلى السوق المصرية، ومن ضمنها شركة “آبل” الأمريكية، وأجرى مدبولي محادثات مع “آبل” لإقناعها بإنشاء مصنع في مصر، حيث ستستفيد الشركة من انخفاض تكاليف الإنتاج وفرص تصدير كبيرة للأسواق الأفريقية، وتهدف مصر من هذا التعاون إلى تعزيز مكانتها كمركز إقليمي لصناعة وتصدير الإلكترونيات.
الرؤية المستقبلية
تضع مصر خططًا لتحفيز شركات الهواتف الذكية من خلال تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات لوجستية وتطوير المناطق التكنولوجية.
بالأرقام تطور صناعة الهواتف المحمولة في مصر
عام 2016: كانت مصر لا تزال في بدايات التوجه نحو تصنيع الهواتف الذكية، ولم يكن هناك إنتاج فعلي للهواتف، مع الاعتماد الكامل على الاستيراد لتغطية احتياجات السوق المحلية.
عام 2018: كانت البداية الحقيقية مع دخول شركة “سيكو” (SICO) كأول مصنع محلي للهواتف الذكية في مصر. بدأت الشركة بإنتاج حوالي 1.5 مليون هاتف تحت شعار “صنع في مصر”، وفتحت أول خط إنتاج في مدينة أسيوط الجديدة باستثمارات محلية مدعومة من الحكومة لتشجيع الصناعة المحلية.
عام 2020: شهد هذا العام تطورًا في قدرة “سيكو” الإنتاجية، حيث ارتفع إنتاجها إلى 2.5 مليون هاتف، كما تم الإعلان عن خطط لتوسيع الإنتاج المحلي والتصدير للأسواق الإفريقية، وبدأت الشركة في استقطاب بعض الاستثمارات الخارجية لتعزيز الإنتاج.
عام 2021: مع ازدياد الطلب المحلي على الهواتف، زادت “سيكو” إنتاجها إلى 3.5 مليون هاتف، كما أبدت شركات أخرى، بما في ذلك شركات عالمية كبرى مثل “سامسونج” و”هواوي”، اهتمامها بالدخول إلى السوق المصري، وبدأت في دراسة إنشاء خطوط إنتاج محلية بالتعاون مع وكلاء محليين.
عام 2022: ارتفع الإنتاج إلى 5.5 مليون هاتف، مع دخول شركات مثل “أوبو” و”فيفو” في محادثات مع الحكومة المصرية حول إمكانية فتح مصانع في مصر. أعلنت “سامسونج” عن بدء إنتاج بعض الطرازات في مصانع محلية بالتعاون مع شركاء مصريين لدعم الاقتصاد المحلي وتقليل تكاليف الشحن.
عام 2023: مع زيادة المنافسة في السوق المصري، وصلت الطاقة الإنتاجية إلى 7.5 مليون هاتف. قامت “شاومي” بالتعاون مع شركات محلية لتصنيع بعض أجهزتها داخل مصر، وهو ما دعم توجهات الحكومة المصرية في توطين التكنولوجيا وتقليل تكاليف الاستيراد.
اقرأ أيضًا: مصر تسعى لاقتناء 4 غواصات جديدة وتشترط نقل التكنولوجيا والتصنيع المحلي
أشار الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات إلى عدد من شركات الهواتف المحمولة التي تقوم بالتصنيع المحلي لدى الغير، مثل “شاومي” و”نوكيا” و”إنيفينكس” و”مايكروماكس”، ويبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأربع نحو 7.5 مليون وحدة.
عام 2024: إنتاج 11 مليون هاتف، مع دخول استثمارات جديدة من شركات عالمية ومحلية. شركات مثل “نوكيا” بدأت العمل على إنشاء مصانعها الخاصة بالتعاون مع شركاء محليين، وتم إطلاق برامج دعم للصناعة الإلكترونية من قبل الحكومة، لتعزيز القدرة التنافسية للصناعات التكنولوجية المصرية.
كان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء صرح في أغسطس 2024 بأن الشركات في مصر تنتج أكثر من 11 مليون جهاز، موضحًا أن «المشروعات المستهدفة ترفع الإنتاجية إلى 17 مليون جهاز».
عام 2025:تتوقع مصر زيادة الطاقة الإنتاجية للهواتف الذكية بالتعاون مع الشركاء المحليين، لتلبية الطلب المتزايد في إفريقيا والشرق الأوسط، ما يرفع الطاقة الإنتاجية إلى 17 مليون هاتف.
كشف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مايو 2024 أن الحكومة تعمل على إقناع شركة “آبل” الأمريكية بتصنيع هواتفها في مصر.وأضاف مدبولي أنه جار إقناع شركة “آبل” العالمية بافتتاح مصنع لها داخل مصر وأن أكبر 5 شركات لتصنيع الهواتف المحمولة سيكون لـ4 منها مصانع داخل مصر. وأضاف أن مصر نجحت في استقطاب شركة “سامسونغ” و”أوبو وشاومي”، إلى جانب شركة “فيفو” التي ستنتج 6 ملايين جهاز سنويا داخل مصر.
عام 2030: تستهدف مصر إنتاج 100 مليون هاتف عبر إنشاء مصانع جديدة وإضافة خطوط إنتاج حديثة. التوقعات تشير إلى أن الاستثمارات في هذا القطاع ستشمل شركات عالمية مثل “سامسونج” و”هواوي” إلى جانب شركات محلية مثل “سيكو”، التي ستصبح قادرة على تصنيع مكونات أكثر داخل البلاد.
هذا التوسع يعكس النمو الكبير لصناعة الهواتف الذكية في مصر، ويؤكد التزام البلاد بجذب الاستثمارات وتحقيق الاعتماد على الإنتاج المحلي في التكنولوجيا.