من الإسلامبولي إلى نصر الله.. هل تُمهِّد طهران لتطبيع تاريخي مع القاهرة؟

قرر مجلس بلدية طهران تغيير اسم أحد شوارع العاصمة الإيرانية من “خالد الإسلامبولي” إلى “الشهيد السيد حسن نصر الله” في خطوة رمزية لافتة ومغازلة واضحة لـ القاهرة، وذلك في وقت تشهد فيه العلاقات المصرية الإيرانية محاولات حثيثة لإعادة تطبيعها بعد عقود من القطيعة والجمود السياسي.
الشارع الذي حمل لسنوات اسم “الإسلامبولي”، الضابط المصري الذي اغتال الرئيس أنور السادات عام 1981، شكّل نقطة خلاف بارزة بين القاهرة وطهران، إذ اعتبرته مصر دليلاً على تمجيد إيران لقاتل رئيسها، وهو ما كان يُعَدّ عائقاً رمزياً ونفسياً أمام أي مسار تقاربي.
رسالة واضحة من طهران إلى القاهرة
وكان المتحدث باسم مجلس بلدية طهران، علي رضا ناد، صرّح مساء الثلاثاء لوكالة “تسنيم” الإيرانية بأن القرار جاء بعد مناقشات داخل لجنة تسمية الشوارع، وأن عدة أسماء طُرحت ليُستقر في النهاية على “الشهيد السيد حسن نصر الله”، الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، الذي قُتل في غارة إسرائيلية استهدفت مقر الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية في سبتمبر 2024.
ويرى مراقبون أن هذا التغيير يحمل رسالة واضحة من طهران إلى القاهرة مفادها “نحن جادون في فتح صفحة جديدة”، وأن إيران مستعدة لتقديم تنازلات رمزية من أجل إعادة العلاقات.
ردّ مصري حذر
بحسب وسائل إعلام، وصف مصدر مصري رسمي الخطوة بأنها “إيجابية ومحل ترحيب”، لكنه شدد على أنها “ليست حجر الزاوية لعودة العلاقات الكاملة”، موضحاً أن القاهرة تنتظر من طهران خطوات أكثر جوهرية تتعلق بأمن المنطقة، خاصة في ما يتعلق بوقف تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، وهي قضية تمس بشكل مباشر الاقتصاد المصري وقناة السويس.
وأكد المصدر أن “الانفتاح المصري على إيران يستند إلى الرغبة في استقرار إقليمي حقيقي”، وأن أية بادرة من طهران يجب أن تقترن بإجراءات ميدانية ملموسة، وليس فقط رموزاً في لوحات الشوارع.
من خالد الإسلامبولي إلى نصر الله: تغيّر في الرموز؟
اسم خالد الإسلامبولي ظل يمثل تحدياً في العلاقات المصرية الإيرانية، خصوصاً أن إيران أطلقت اسمه على أحد شوارعها في أعقاب اغتيال السادات، واحتفلت به كـ”شهيد الثورة الإسلامية”، ما دفع القاهرة إلى تجميد العلاقات لسنوات طويلة.
اليوم، وبينما تغيّر طهران اسم الشارع إلى “حسن نصر الله”، فإن ذلك يُقرأ كمؤشر على تغير في لغة الخطاب الرمزي الإيراني، وإن لم يكن بالضرورة تغييراً في جوهر السياسة الخارجية، خاصة أن “نصر الله” يبقى رمزاً محورياً في سياسة “المقاومة” التي تتبناها إيران إقليمياً.
زيارة عراقجي للقاهرة
التحرك الإيراني لا يأتي من فراغ. فقد سبقه قبل أيام وصول نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى القاهرة، حيث التقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من المسؤولين، في زيارة وصفت بأنها “كاسرة للجليد”.
وخلال زيارته، شارك عراقجي في جولة شعبية بمنطقة خان الخليلي التاريخية، أدى فيها صلاة المغرب بمسجد الحسين، ثم تناول العشاء بمطعم “نجيب محفوظ” برفقة ثلاثة وزراء خارجية مصريين سابقين، في مشهد التُقط بعناية ليظهر الانفتاح الإيراني على المزاج الشعبي والدبلوماسي المصري.
ملفات عالقة بين القاهرة وطهران
ورغم هذه الأجواء الإيجابية، تبقى عدة ملفات شائكة تقف حائلاً أمام التطبيع الكامل، أبرزها الملف اليمني وتورط إيران في دعم الحوثيين، بجانب ملف الأمن في البحر الأحمر: حيث تُتهم طهران بالمسؤولية غير المباشرة عن الهجمات التي أثّرت على حركة الملاحة.
بالإضافة إلي الملف السوري واللبناني: حيث تطالب مصر إيران بكبح نفوذ الميليشيات المسلحة التي تدعمها طهران.
وبينما تشير القاهرة إلى ضرورة الحفاظ على “أمن الخليج” و”وقف التدخلات الإيرانية في الدول العربية”، ترى طهران في مصر شريكاً إقليمياً كبيراً يمكن التحالف معه لكسر عزلتها، خاصة في ظل العقوبات الغربية.
هل تكفي الخطو الإيرانية لعودة علاقات القاهرة وطهران؟
بحسب تقارير ففي السياسة، لا يمكن الاستخفاف بدلالات الرموز، خاصة حين تتعلق بشخصيات مثيرة للجدل كخالد الإسلامبولي أو حسن نصر الله. ومع ذلك، فإن عودة العلاقات المصرية الإيرانية تحتاج إلى ما هو أكثر من تغيير اسم شارع في طهران.
المطلوب اليوم، وفق مراقبين، هو خريطة طريق واضحة تتضمن ملفات أمن البحر الأحمر، وتقليص نفوذ الميليشيات، ووقف الحملات الإعلامية العدائية، قبل الحديث عن إعادة السفراء وفتح السفارات.
ومع ذلك، فإن تغيير الاسم خطوة مهمة تُسجَّل في رصيد طهران، وقد تكون نقطة الانطلاق نحو تطبيع تاريخي طال انتظاره.
اقرأ أيضًا: العالم يحبس أنفاسه.. ماذا يحدث لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟