موقف مفاجئ من مقتدى الصدر بعد ضرب إيران.. ماذا فعل الزعيم الشيعي؟

فاجأ هذا الموقف أوساطا سياسية ودينية عديدة؛ حيث خرج زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ببيان غير تقليدي بعد ساعات من الهجوم الإسرائيلي الواسع على إيران، عبّر فيه عن رفضه لتحويل العراق إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية، موجهاً رسائل لاذعة إلى خصومه، ومطالباً بـ”معاقبة الكيان الصهيوني” دبلوماسياً، لا عسكرياً.

وفيما كانت الأنظار تتوقع خطاباً تصعيدياً من الصدر يتماشى مع مواقف حلفاء طهران، جاء بيانه مخالفاً، ليؤكد أن “العراق ليس بحاجة إلى حروب جديدة”، ويدعو إلى “كتم الأصوات الفردية الوقحة” التي تدفع نحو جرّ البلاد إلى صراع لا شأن لها به.

مقتدى الصدر يرفض الحرب

الزعيم الشيعي الذي يتصدر المشهد السياسي الشيعي خارج المنظومة الموالية لإيران، أدان ما وصفه بـ”استعمال الأجواء العراقية من قبل الكيان الغاصب”، داعياً إلى اتخاذ إجراءات تردع مثل هذه الانتهاكات، لكنه في الوقت ذاته، حذّر من الاستجابة العاطفية أو المتهورة التي قد تنقل النار إلى الداخل العراقي.

وقال الصدر في بيانه:”تمادى الكيان الصهيوني بدعم أميركي مباشر لنشر إرهابه، وسوف لن تكون الجارة إيران المستهدف الوحيد في المنطقة إذا ما استمرت لغة التصعيد”.

لكنه استدرك: “العراق ليس ساحة حرب، ولا ينبغي له أن يكون كذلك، بل يجب كتم الأصوات الوقحة التي تسعى لتوريطه”.

كما لمّح الصدر إلى أن بعض الجهات السياسية تسعى لتوظيف أجواء الخوف لصالحها في الانتخابات المقبلة، واصفاً إياها بـ”الفاسدين”، في إشارة إلى بعض القوى المتحالفة مع طهران.

موقف مقتدى الصدر يربك الحسابات الشيعية

بيان الصدر بدا مختلفاً تماماً عن مواقف قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران، والتي سارعت إلى إصدار بيانات دعم مباشر لطهران وتهديد بالتصعيد. أما الصدر، فاختار نهج التهدئة والتحذير من الانجرار خلف دعوات الحرب.

ووفق تقارير فإن هذا الموقف المفاجئ أحدث ارتباكاً في أوساط حلفائه وخصومه على حد سواء، إذ لم يأتِ متماهياً مع اندفاعة “كتائب المقاومة” العراقية التي هددت بالرد العسكري، ولا مع خطاب طهران نفسه الذي توعد بـ”الانتقام القاسي”.

“معاقبة الكيان… ولكن بالحكمة”

وعلى الرغم من إدانته للهجوم الإسرائيلي واعتباره تهديداً للمنطقة بأسرها، إلا أن الصدر شدد على ضرورة أن تكون المعاقبة ضمن الأطر القانونية والدبلوماسية، ملمّحاً إلى ضعف الحكومة العراقية في الرد على الخرق الجوي.

قال في بيانه:”نطالب الحكومة العراقية، إن وُجدت، باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة الكيان وفق الطرق المعمول بها دولياً، لضمان عدم تكرار هذا الانتهاك”.

رسائل سياسية مشفّرة من مقتدى الصدر

الصدر لم يكتفِ بالتحذير من التصعيد الخارجي، بل وجّه أيضاً رسائل مشفّرة إلى الداخل العراقي، مشيراً إلى أن بث الرعب في صفوف المواطنين هدفه كسب أصوات انتخابية، ما اعتبره مراقبون إدانة مبطنة لقوى شيعية منافسة تسعى لتوظيف الأزمة إقليمياً ومحلياً.

 عملية “الأسد الصاعد”

يُذكر أن إسرائيل نفذت فجر الجمعة عملية عسكرية واسعة ضد إيران، أطلقت عليها اسم “الأسد الصاعد”، شنت خلالها أكثر من 200 غارة جوية، استهدفت منشآت نووية وقادة عسكريين بارزين، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا، بينهم علماء نوويون ونساء وأطفال.

ووصف الجيش الإسرائيلي العملية بأنها “استباقية دقيقة”، وتهدف إلى ضرب القدرات النووية الإيرانية قبل أن تبلغ مرحلة الخطر.

المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، توعد بالرد، مؤكداً أن “الجريمة الصهيونية لن تمر دون عقاب”، فيما أدانت بغداد، وطهران، ومرجعية النجف، ومجموعة من العواصم العربية، الهجوم بشدة.

هل يكرّس مقتدى الصدر عزلة عن حلفاء إيران؟

يرى مراقبون أن موقف الصدر الجديد يندرج في إطار تكريس مسار الاستقلال السياسي عن المحور الإيراني، وتقديم نفسه كقائد شيعي يرفض الانخراط في أجندات إقليمية.

ورغم توجيهه سهام الانتقاد لإسرائيل، إلا أن إصراره على تحييد العراق، ورفضه للخطابات الثأرية، وضعه مرة أخرى في موقع المتمرد على المعادلات الطائفية والسياسية التقليدية.

اقرأ أيضًا: قائد من قلب الأزمة.. من هو عبد الرحيم موسوي رئيس أركان جيش إيران الجديد؟

زر الذهاب إلى الأعلى