“ميت حي”| وفاة شاب يمني مرتين خلال 24 ساعة وسط ذهول مواقع التواصل الاجتماعي

اهتزت مدينة المكلا بمحافظة حضرموت في اليمن بحادثة وفاة مروعة لشاب يمني لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، بعد أن أُعلن عن وفاته مرتين في غضون أقل من 24 ساعة.
القصة التي بدأت بأزمة صحية مفاجئة، انتهت بفاجعة كشفت عن عمق الإهمال والتردي في الخدمات الطبية، وأشعلت موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، مطالبة بمحاسبة المسؤولين وإصلاح النظام الصحي المنهار.
تفاصيل حادثة وفاة شاب يمني مرتين
بحسب وسائل إعلام يمنية، بدأت فصول المأساة مساء يوم الجمعة الماضي، عندما نُقل الشاب عبدالغني أنور، البالغ من العمر 17 عامًا، وهو من أبناء منطقة جول الشفاء بديس المكلا، إلى أحد المستشفيات الخاصة في المدينة إثر تعرضه لأزمة صحية طارئة.
لم يمضِ وقت طويل حتى تلقت أسرته الخبر الصادم من إدارة المستشفى: “البقاء لله.. توفي الشاب”. استسلمت الأسرة المكلومة لقضاء الله وقدره، ولم تشكك في تشخيص الأطباء، وقامت بنقل جثمان ابنها إلى ثلاجة الموتى بمسجد الشهداء في حي الديس، تمهيدًا لإجراءات الدفن.
لكن القدَر كان يخبئ مفاجأة أخرى، وإن كانت مؤلمة. أثناء تجهيز الجثمان في ثلاجة المسجد، لاحظ المسؤول عن الثلاجة علامات حياة على الشاب؛ أنفاس خفيفة تخرج من أنفه وعروق لا تزال تنبض. صرخ المسؤول في الحاضرين: “الولد حي!”. تحولت دموع الحزن إلى مزيج من الذهول والأمل، وسارعت الأسرة بنقل ابنها مرة أخرى، هذه المرة إلى قسم الطوارئ في مستشفى آخر بالمدينة، متشبثين بخيط رفيع من الأمل في إنقاذه.
الإهمال يقتل الأمل
للأسف، لم يكتب لعبدالغني عمر جديد. ففي المستشفى الثاني، وبحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية ومصادر مقربة من الأسرة، تُرك الشاب على سرير الطوارئ لما يقارب الساعة دون أي تدخل طبي عاجل أو إسعافات ضرورية. كانت الحجة المروعة هي “عدم وجود أطباء مناوبين في الفترة المسائية”.
هذا التأخير القاتل والإهمال الصارخ كان كفيلاً بأن تزهق روح الشاب مرة أخرى، وهذه المرة كانت الوفاة حقيقية ونهائية، لتنتهي قصة عبدالغني بمأساة مضاعفة، تاركة وراءها غضبًا عارمًا وأسئلة مريرة حول قيمة حياة الإنسان في ظل هذا الواقع الصحي المتردي.
غضب على مواقع التواصل بعد وفاة شاب يمني
لم تمر الحادثة مرور الكرام، فقد أشعلت تفاصيلها المؤلمة موجة غضب واسعة بين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي. عبر الناشطون عن سخطهم الشديد من حالة “التسيب” و”اللامبالاة” التي وصلت إليها بعض المرافق الصحية، منددين بما وصفوه بـ”ندرة الكفاءة” لدى بعض الكوادر الطبية وغياب الرقابة الإدارية الفعالة.
وطالب الكثيرون بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عن هذه “الجريمة الطبية”، معتبرين أن ما حدث لعبدالغني ليس مجرد خطأ طبي، بل هو نتيجة حتمية لسنوات من الإهمال والتدهور الذي يعاني منه القطاع الصحي في اليمن بشكل عام، وحضرموت بشكل خاص.
انهيار القطاع الصحي في اليمن
تأتي هذه الحادثة لتسلط الضوء مجددًا على الواقع الكارثي للقطاع الصحي في اليمن، الذي يعاني من انهيار شبه تام بفعل سنوات الحرب الطويلة وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية.
تشير تقارير ودراسات حديثة، منها دراسة لمركز أبعاد للدراسات والبحوث، إلى أن أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن إما دمرت أو تعمل بشكل جزئي، مع نقص حاد في الكوادر الطبية المؤهلة، والأدوية، والمستلزمات الأساسية.
كما يعاني القطاع من ضعف شديد في التمويل، واعتماد شبه كامل على الدعم الخارجي الذي لا يفي بالاحتياجات المتزايدة. وتتفاقم الأزمة مع انتشار سوء التغذية والأوبئة، مثل الكوليرا، مما يضع ضغطًا هائلاً على ما تبقى من النظام الصحي الهش.
اقرأ أيضًا: الشرع يكشف عن فرصة لم تحدث منذ 500 عام في سوريا.. ماذا يقصد؟