نفط ليبيا في قبضة ترامب.. هل تغيّر الصفقات موقف واشنطن من حكومة الدبيبة؟

في تحرك اقتصادي لافت يحمل أبعادًا سياسية عميقة، كشف مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الإفريقية، عن قرب توقيع اتفاقيتين استراتيجيتين بين المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا وشركات أمريكية كبرى، على رأسها “إكسون موبيل” و”كونوكو فيليبس”.

هذه الصفقات تأتي في ظل ضغوط متصاعدة على رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، ووسط تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن بصدد إعادة النظر في موقفها من الحكومة المنتهية ولايتها.

مذكرة تفاهم مرتقبة

وفي تصريح مصور نشرته السفارة الأمريكية في طرابلس، أكد بولس أن مذكرة تفاهم مرتقبة سيتم توقيعها بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة “إكسون موبيل”، بهدف إجراء دراسات استكشافية في مناطق الغاز البحرية، ما يعزز من قدرات ليبيا في إنتاج الطاقة ويضع ثروتها الطبيعية على خريطة الاستثمارات الأميركية.

كما أعلن بولس عن صفقة ثانية قيد الإعداد بين شركاء شركة “الواحة” الليبية، من بينهم “كونوكو فيليبس”، لتطوير حقول النفط الليبية، باستثمارات تصل إلى مئات ملايين الدولارات.

وأشار إلى أن المشروع سيساهم في مضاعفة إنتاج الشركة، معتبراً أن هذه الخطوات تمثل “بداية شراكة استراتيجية طويلة الأمد بين واشنطن وطرابلس”.

زيارة اقتصادية بملامح سياسية

بدأ بولس زيارته إلى ليبيا من العاصمة طرابلس، حيث التقى رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة الذي عرض على الجانب الأميركي شراكة اقتصادية بقيمة 70 مليار دولار تشمل قطاعات النفط والبنية التحتية والطاقة النظيفة.

كما التقى بولس رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وشارك في توقيع اتفاقية بقيمة 235 مليون دولار بين شركة “مليتة” للنفط والغاز وشركة “هيل إنترناشيونال” الأميركية، لدعم مشروع التركيبين A وB في الساحل الليبي.

وفي اليوم التالي، انتقل بولس إلى شرق البلاد، حيث التقى قائد القوات المسلحة في الشرق المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ثم الفريق صدام حفتر، في تحرك يُقرأ على أنه محاولة أمريكية لفهم التوازنات السياسية ومواقف الأطراف الفاعلة شرق البلاد.

مؤشرات اقتصادية تعزز التقارب بين إدارة ترامب والدبيبة

تشير بيانات وزارة التجارة الأمريكية إلى أن التبادل التجاري مع ليبيا بلغ في 2024 نحو 2 مليار دولار. وارتفعت الصادرات الأمريكية إلى ليبيا بنسبة 27.1% مقارنة بـ2023 لتصل إلى 567.2 مليون دولار، بينما بلغت الواردات 1.5 مليار دولار، مسجلة انخفاضاً بنسبة 4.6%.

ورغم العجز التجاري الأميركي البالغ 898.3 مليون دولار، إلا أن الشراكة الاقتصادية مع ليبيا تشهد تصاعدًا، ما قد يعزز مصالح واشنطن في تثبيت نفوذها في شمال أفريقيا عبر أدوات اقتصادية بحتة.

هل ينجح الدبيبة في كسب رضا ترامب؟

يرى محللون أن عبدالحميد الدبيبة يدرك تمامًا عقلية إدارة ترامب التي تركز على الصفقات والمكاسب الاقتصادية، ويحاول عبر بوابة النفط توسيع هامش الدعم الأمريكي لحكومته، خصوصًا في ظل الانتقادات التي واجهها بعد التوترات الأمنية الأخيرة في طرابلس.

في المقابل، تشير زيارة بولس للشرق الليبي إلى أن واشنطن لا تضع بيضها في سلة واحدة، وأن دعم حكومة الوحدة الوطنية قد يكون مشروطاً بتقدّم ملموس في المسار السياسي الليبي.

اقرأ أيضا.. قرار قضائي فرنسي يُثير الجدل.. هل ينجو الأسد من شبح المحاكمة الدولية؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى