هل تستطيع القوات البرية الأوروبية تأمين أوكرانيا؟
![القوات الأوروبية في أوكرانيا](https://aboutmsr.com/wp-content/uploads/2025/02/هل-تستطيع-القوات-البرية-الأوروبية-تأمين-مستقبل-أوكرانيا؟-780x470.webp)
القاهرة (خاص عن مصر)- مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تتكثف المناقشات حول كيفية منع العدوان الروسي في المستقبل، ووضع القوات الأوروبية في أوكرانيا.
وفقًا لتقرير صنداي تايمز، يزعم المحللون أن تأمين السلام الدائم قد يتطلب نشر 150 ألف جندي، إلى جانب الدعم الجوي الأمريكي، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وأنظمة الدفاع الصاروخي. تكتسب فكرة التدخل العسكري الأوروبي زخمًا، لكنها تظل محفوفة بالتحديات السياسية واللوجستية.
دور ترامب ومعضلة وقف إطلاق النار
تعهد الرئيس دونالد ترامب بإنهاء الحرب، لكن تفاصيل استراتيجيته لا تزال غير واضحة. ومع اقتناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمكاسبه الاستراتيجية، فإن أي وقف إطلاق نار يتم التفاوض عليه من المرجح أن ينطوي على قيام القوات الأوروبية بدور مركزي في أمن أوكرانيا. ومع ذلك، تظل القضية الرئيسية قائمة: من الذي سيرسل القوات، وبأي أعداد، لضمان عدم استئناف روسيا للأعمال العدائية؟
المساهمات العسكرية الأوروبية: راغبة ولكن محدودة؟
من المرجح أن يشهد مؤتمر ميونيخ الأمني السنوي، الذي يحضره نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو، مناقشات مكثفة حول الالتزامات العسكرية الأوروبية. وفي حين أبدت دول مثل فرنسا وبريطانيا ودول البلطيق استعدادها للمساهمة بقوات، تظل ألمانيا مترددة. ويبدو أن عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، وهي الضمانة الأمنية المفضلة، غير مرجحة في المستقبل القريب، مما يجعل الترتيبات الأمنية البديلة ضرورة.
يسلط الخبراء الضوء على مخاطر نشر قوات أوروبية دون مشاركة أمريكية كبيرة. وسوف تتطلب القوات الأوروبية الدعم الأمريكي في الدفاع الجوي والاستخبارات واللوجستيات الاستراتيجية لمقاومة التهديدات الروسية المحتملة. وقد طرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فكرة نشر 200 ألف جندي أجنبي، لكن المسؤولين الأوروبيين يعتبرون هذه الأرقام غير واقعية نظرا للقيود العسكرية الخاصة بهم.
التحديات الاستراتيجية والحقائق العسكرية
أكد مسؤول أوروبي كبير أنه بدون الدعم الأميركي، ستظل أي قوة أوروبية معرضة للخطر إلى حد كبير. وحتى نشر 40 ألف جندي ــ وهو اقتراح أكثر تواضعا ــ من شأنه أن يرهق الموارد الأوروبية. إن الردع الحقيقي يتطلب قوة لا تقل عن مائة ألف جندي لضمان التناوب الفعال والقدرة على الاستجابة للطوارئ.
وتحذر كلوديا ميجور، الخبيرة الدفاعية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، من سياسة “الخداع والدعاء”. إن نشر قوات غير كافية قد يؤدي إلى استفزازات روسية بدلاً من ردعها. وقد امتنعت بولندا، وهي لاعب إقليمي رئيسي، عن إرسال قوات، مفضلة الانتظار للحصول على التزامات أميركية واضحة قبل المشاركة بشكل أكبر.
اقرأ أيضًا: لن نشتريها.. ترامب: الولايات المتحدة لديها السلطة للاستيلاء على غزة
العامل الأمريكي: عدم اليقين في ظل ترامب
تؤكد ألكسندرا دي هوب شيفر من صندوق مارشال الألماني على عدم اليقين المحيط بمشاركة ترامب. وهي تشير إلى أن ترامب قد يتفاوض على صفقة، ويزعم النصر، ويتوقع من الدول الأوروبية أن تتحمل العبء المالي والعسكري. وفي الوقت نفسه، يزعم أنتوني برينتون، السفير البريطاني السابق لدى روسيا، أن استعداد أوروبا لاتخاذ إجراءات مستقلة سيكون حاسما للحفاظ على النفوذ في أي محادثات سلام مستقبلية.
موقف روسيا: لا تسامح مع قوات حلف شمال الأطلسي
إن أهداف بوتن تظل كما هي: إجبار أوكرانيا على الخضوع، ووقف توسع حلف شمال الأطلسي، وإنشاء منطقة عازلة بين روسيا والغرب. وقد رفضت وزارة الخارجية الروسية بالفعل فكرة نشر قوات حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، ووصفتها بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”. وهذا يعني أنه حتى لو وافقت الدول الأوروبية على نشر القوات، فإنها ستواجه معارضة قوية من موسكو.
نماذج مختلفة للانتشار
يحدد فريدمان ثلاثة نهج محتملة للانتشار العسكري في أوكرانيا، ولكل منها عيوب كبيرة:
قوات حفظ السلام: عادة ما تكون تحت قيادة الأمم المتحدة، وتكون قوات حفظ السلام مسلحة بشكل خفيف وتركز على الحفاظ على وقف إطلاق النار. ومع ذلك، فإن خط المواجهة الشاسع في أوكرانيا – الذي يمتد لأكثر من 800 ميل – يتطلب عددًا كبيرًا من القوات غير عملي.
قوات تريبور: يستخدم حلف شمال الأطلسي حاليًا هذا النموذج في أوروبا الشرقية، حيث تعمل الوحدات الصغيرة كرادع. ومع ذلك، فإن مثل هذه القوات ستحتاج إلى تعزيزات قوية لتكون فعالة، وقد يؤدي وجودها في أوكرانيا إلى إثارة رد فعل روسي كبير.
القوات الرادعة: الخيار الأكثر مصداقية، يتطلب هذا النموذج ما يصل إلى 150 ألف جندي مدرب تدريباً عالياً، ودفاعات جوية قوية، ودعم استراتيجي من الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن مثل هذا الانتشار سيكون مستحيلاً تقريباً بدون مشاركة أمريكية، مما يجعل جدواه موضع شك.
استراتيجية “القنفذ”: نهج أكثر واقعية؟
نظراً لهذه التحديات، يقترح بعض المحللين استراتيجية “القنفذ”: تعزيز الجيش الأوكراني بالأسلحة المتقدمة والدعم اللوجستي والتدريب. من شأن هذا النهج أن يجعل أي غزو روسي مستقبلي مكلفاً للغاية. ومع ذلك، فإنه يتطلب التزاماً غربياً طويل الأجل ودعماً مالياً كبيراً.