وارنر براذرز ديسكفري تعلن انقسامها إلى شركتين بحلول 2026
أعلنت وارنر براذرز ديسكفري، إحدى أكبر تكتلات الإعلام في العالم والشركة الأم لشبكات HBO وCNN واستوديوهات وارنر براذرز، يوم الاثنين عن تقسيم أعمالها إلى شركتين مُدرجة في البورصة، لفصل قسم البث التلفزيوني والاستوديوهات سريع النمو عن شبكاتها التلفزيونية التقليدية.
من المتوقع اكتمال هذه الخطوة بحلول منتصف عام 2026، مما يُشير إلى تحوّل جذري في ظلّ استمرار قطاع الإعلام في التحوّل من التلفزيون التقليدي إلى البث الرقمي.
تفاصيل تقسيم الشركة: البث التلفزيوني والاستوديوهات والشبكات العالمية
ستشهد إعادة الهيكلة قطاع “البث التلفزيوني والاستوديوهات” – الذي يضمّ تلفزيون وارنر براذرز، ومجموعة وارنر براذرز موشن بيكتشر، واستوديوهات دي سي، وHBO، وHBO Max، ومكتبات الشركة السينمائية والتلفزيونية الضخمة – بقيادة الرئيس التنفيذي الحالي ديفيد زاسلاف.
في غضون ذلك، سيرأس غونار ويدنفيلز، المدير المالي لشركة “غلوبال نتوركس”، التي ستضم شبكات CNN وTNT Sports وDiscovery وغيرها من العلامات التجارية التلفزيونية العالمية.
صرح صامويل أ. دي بيازا الابن، رئيس مجلس إدارة شركة وارنر براذرز ديسكفري، بأن الانفصال يهدف إلى “تعزيز قيمة المساهمين” وإتاحة الفرص لكلا الشركتين.
وصف زاسلاف هذا الانفصال بأنه يوفر “تركيزًا أكثر وضوحًا ومرونة استراتيجية”، مما يضع كل شركة في وضع أفضل للمنافسة في المشهد الإعلامي المتطور اليوم.
ضغوط الصناعة وتقليد المنافسين
يأتي هذا القرار بعد أشهر من التكهنات وضغوط الصناعة، حيث يتوقع المحللون موجة من عمليات الدمج وإعادة الهيكلة في ظل سعي عمالقة الإعلام للتعامل مع تغير عادات المستهلكين وارتفاع التكاليف في ظل حرب البث.
أعلنت كومكاست، منافس وارنر براذرز ديسكفري، مؤخرًا عن خطوة مماثلة من خلال فصل شبكات الكابل التابعة لها، بما في ذلك MSNBC وCNBC، إلى كيان مستقل.
أشارت جيسيكا ريف إيرليتش، محللة الأبحاث في بنك أوف أمريكا، إلى أن أصول وارنر براذرز ديسكفري في مجال الكابل قد تصبح شريكًا جذابًا للشركة الجديدة المنفصلة عن كومكاست، مما يُلمح إلى عمليات اندماج محتملة في المستقبل في ظل سعي القطاع للتكيف مع واقع ما بعد الجائحة وانخفاض نسبة مشاهدة القنوات التلفزيونية المدفوعة.
إعادة الهيكلة المالية وتأثير المساهمين
لتسهيل عملية الانقسام، أعلنت وارنر براذرز ديسكفري عن قرض مؤقت بقيمة 17.5 مليار دولار، والذي سيتم إعادة تمويله قبل إتمام الصفقة. ستحتفظ جلوبال نتوركس بحصة تصل إلى 20% في ستريمينغ آند ستوديوز، والتي تخطط لتسييلها لخفض ديون الشركة بشكل أكبر.
كان لهذا الإعلان تأثير فوري على معنويات المستثمرين، حيث ارتفعت أسهم الشركة بأكثر من 10% في تداولات ما قبل السوق. على الرغم من انخفاض سهم الشركة بنحو النصف منذ اندماج وارنر ميديا وديسكفري في عام 2022، إلا أن أخبار يوم الاثنين تُؤكد على التزام متجدد بتقديم قيمة للمساهمين في ظل بيئة ترفيهية سريعة التغير.
إطلاق العنان لقيمة شركتين قويتين
يقول قادة الصناعة والمديرون التنفيذيون إن الانفصال لا يتعلق بالتخلي عن الاستراتيجية السابقة، بل بتعظيم إمكانات شركتين قويتين، وإن كانتا مختلفتين جوهريًا.
وكتب زاسلاف في مذكرة للموظفين: “لكل منهما تركيز مميز، ومهمة واضحة، وإمكانية النجاح وفقًا لشروطها الخاصة”.
سيُمكّن هذا الانفصال قطاع البث والاستوديوهات من تسريع طموحاته العالمية دون أن تُثقله التحديات التي تواجه قطاع التلفزيون الكبلي التقليدي، الذي لا يزال يفقد المشاهدين وإيرادات الإعلانات مع توجه الجماهير نحو الإنترنت.
أقرا أيضا.. المقاتلون الأجانب في سوريا.. من حلفاء متمردين إلى منبوذين بالجيش الجديد
السياق التاريخي ونهاية حقبة
يأتي هذا الانفصال الاستراتيجي بعد ثلاث سنوات فقط من الاندماج الذي أدى إلى نشأة شركة وارنر براذرز ديسكفري.
جمعت الصفقة الأصلية بين وارنر ميديا التابعة لشركة AT&T وديسكفري، بهدف بناء قوة محتوى هائلة. ومع ذلك، عانت الشركة الناتجة من ديون ثقيلة وتحديات تواجه التلفزيون الكبلي.
كما يُنظر إلى هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها علامة على تفكك عقود من اندماج وسائل الإعلام. تدرك الشركات بشكل متزايد أن دمج أعمال متباينة قد يعيق النمو والابتكار في ظل التغير التكنولوجي السريع وتغير توقعات المستهلكين.
ما هو التالي لشركة وارنر براذرز ديسكفري؟
ستواصل الشركتان الجديدتان دورهما كلاعبين رئيسيين في قطاع الترفيه العالمي. ستعزز شركة ستريمينغ آند ستوديوز تركيزها على المحتوى الأصلي والمنصات الرقمية، بينما ستستفيد غلوبال نيتووركس من علاماتها التجارية العريقة في مجالات الرياضة والأخبار والترفيه.
مع تطور عملية الانفصال، يتوقع مراقبو الصناعة أن تدرس المزيد من شركات الإعلام العملاقة استراتيجيات مماثلة، مما قد يُعيد تشكيل المشهد الإعلامي العالمي في السنوات المقبلة.
