ياسر أبو شباب.. زعيم عصابة خائن أم أمل غزة الأفضل؟

بعد مرور أكثر من عام على الحرب في غزة، برزت شخصية جديدة ومثيرة للجدل على المسرح المتضرر: ياسر أبو شباب. قائد ما يُسمى بالقوات الشعبية، وهي ميليشيا فلسطينية معادية لحماس، يُسيطر أبو شباب الآن على مناطق رئيسية في جنوب شرق غزة، حيث تلتقي حدود القطاع بإسرائيل ومصر.

في مقابلة حصرية مع صنداي تايمز، يُصرّ على أنه ليس متعاونًا ولا مجرمًا، بل هو فلسطيني عادي لديه خطة لإنقاذ شعبه من حماس وإسرائيل والفوضى نفسها.

بين المؤيدين والمتهمين: هل أبو شباب مُنقذ أم بلاء؟

يُنظر إلى أبو شباب وميليشياته، كما يُقال، على أنهم قوة موازنة حيوية لحكم حماس، مما يُتيح إمكانية قيام سلطة محلية جديدة.

ومع ذلك، بالنسبة لمنتقديه، فهو إما خائن أو زعيم عصابة، يُزعم أنه يستغل علاقاته القبلية وموقعه الاستراتيجي لنهب المساعدات الإنسانية المخصصة لمدنيي غزة الجائعين.

تدور مزاعم حول حصوله على دعم إسرائيلي – أسلحة وتدريب وتسامح. ويصف سياسيو المعارضة في إسرائيل رجاله بـ”البلطجية” المرتبطين بتنظيم داعش، وهي اتهامات ينفيها بشدة.

في أول مقابلة مطولة له، قال أبو شباب لصحيفة صنداي تايمز: “أنا لست عميلاً لإسرائيل ولا رجل عصابات. كنت عامل بناء عادياً قبل الحرب. ليس لدي أي تدريب عسكري. أنا مجرد فلسطيني عادي يهتم بشعبه”.

الأزمة الإنسانية واللوم: المساعدات والسلاح والدماء

لا تزال المخاطر الإنسانية جسيمة. يوم السبت، قُتل أكثر من 30 فلسطينياً كانوا يسعون للحصول على الطعام من مراكز إغاثة مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) بنيران إسرائيلية، وفقاً لمسؤولين محليين.

تُصرّ المؤسسة على أن معظم الضحايا وقعوا بعيداً عن مواقعها وقبل ساعات العمل، مُكرّرةً دعواتها للمدنيين بعدم المخاطرة برحلات خطرة ليلاً. ينفي أبو شباب تورطه في مرافقة قوافل المساعدات، لكنه يرحب بوجودها.

يقول إن قواته الشعبية ليست مسؤولة عن نهب المساعدات – وهي تهمة وجهها إليه سام روز، القائم بأعمال مدير الأونروا في غزة، والذي يزعم أن رجال الشباب يختطفون الشاحنات الداخلة عبر معبر كرم أبو سالم بشكل روتيني. في المقابل، يتهم الشباب حماس بالنهب، ويقول إن جماعته ممولة من شبكات قبلية، وليس من إسرائيل.

يقول: “بدأت قبيلتي وعائلتي بتوزيع المساعدات على المحتاجين”، واصفًا جهدًا شعبيًا ممولًا بتبرعات من عشيرة الترابين، التي يمتد نفوذها عبر غزة ومصر والأردن والخليج. وقد كلّف هذا النشاط عائلته غاليًا: إذ يزعم أن حماس قتلت 52 من أقاربه، بمن فيهم شقيقه وابن عمه.

النفوذ القبلي والألاعيب السياسية: دور مصر في مستقبل غزة

يقول المحللون إن صعود حركة أبو شباب لا يأتي من إسرائيل فحسب، بل من جهات عربية فاعلة أيضًا، مثل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ومصر والإمارات العربية المتحدة.

يُقال إن إبراهيم العرجاني، “ملك المعابر” النافذ من قبيلة الترابين، قد جنى ملايين الدولارات من نقل البضائع بين سيناء وغزة. بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح، انتقلت تدفقات المساعدات إلى كرم أبو سالم، وهي منطقة تخضع الآن لسيطرة حركة الشباب.

يقول مهند صبري، الصحفي والخبير البارز: “تريد مصر أن تكون اللاعب الرئيسي في أي نظام مالي يحدث في غزة بعد الحرب”. ويضيف: “ياسر أبو شباب هو خيارهم المناسب”.

وعند سؤاله عما إذا كانت حركته قادرة على إدارة معبر رفح بعد الحرب، أبدى أبو شباب ثقته قائلاً: “أولًا، علينا هزيمة الإرهاب، وبعد ذلك، غزة المثالية بالنسبة لنا هي غزة مفتوحة على العالم، وعلى مصر والدول العربية وإسرائيل”.

تهديد وقف إطلاق النار: لا أمان لمنافسي حماس

مع تقدم محادثات وقف إطلاق النار، يبدو مستقبل أبو شباب بعيدًا عن الأمان. في 2 يوليو، أمرته محكمة تابعة لحماس بتسليم نفسه خلال عشرة أيام بتهمة الخيانة والعمالة. ونشر على فيسبوك صورةً جريئةً قال فيها: “أفكر بتسليم نفسي… لكنني لم أجد من يستحق ذلك سوى ضميري وواجبي تجاه شعبي”.

يقول أبو شباب ونائبه، الضابط السابق في السلطة الفلسطينية غسان دهين، إن أي وقف لإطلاق النار قد يكون قاتلًا لمعارضي حماس.

فقدت حركتهم بالفعل شخصيات بارزة في عمليات اغتيال مستهدفة. يقول دهين، الذي يتهمه منتقدوه منذ فترة طويلة بالتطرف والتورط السابق مع داعش (وهي ادعاءات ينفيها): “نحاول تأمين مناطقنا وأنفسنا قدر الإمكان والاستعداد لوقف إطلاق النار. لكن لا يوجد دعم حقيقي لنا لمحاربة حماس. نطالب المجتمع الدولي بمساعدتنا في تحرير غزة من حماس”.

أقرا أيضا.. إعصار ويفا يضرب هونج كونج.. الصين تلغي الرحلات الجوية والفصول الدراسية

منطقة آمنة أم معسكر اعتقال؟ ساحة المعركة القادمة في غزة

تتمثل أحدث خطة للحكومة الإسرائيلية في إنشاء “مدينة إنسانية” جنوب غزة، وهو اقتراح ندد به رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، واصفًا إياه بأنه “معسكر اعتقال” محتمل.

يعتقد الشباب ودهين أن المنطقة التي يسيطرون عليها قد تصبح مركزًا لمثل هذه المدينة – ملاذًا آمنًا يُفترض أن يكون للمدنيين بعيدًا عن حماس. ومع ذلك، فإن مستقبل هذه المناطق، ومن يسيطر عليها، محل نزاع حاد في المفاوضات الجارية.

يزعم دهين: “منطقتنا دليل على أن إسرائيل لا تستهدف المدنيين عمدًا – ففي منطقتنا، لا وجود لحماس، ولا إطلاق نار على إسرائيل، لذا لا يرد الإسرائيليون. هذا هو ضماننا الوحيد للأمن”. ويضيف أن مئات العائلات – آلاف الأشخاص – يعيشون الآن في “منطقتهم الآمنة”، وينضم إليهم متطوعون، بمن فيهم منشقون عن حماس.

يقول دهين: “نحن بحاجة إلى أطباء ومعلمين وأشخاص لخدمة سكان منطقتنا الآمنة”. لم تسمح إسرائيل بعد لأعداد كبيرة بالنزوح، ولكن في اللحظة التي تسمح فيها بذلك، نعتقد أن معظم سكان غزة سيكونون على استعداد للقدوم.

بين الشرير والأمل: مغامرة أبو شباب

يبقى أن نرى ما إذا كان ياسر أبو شباب سيصمد لفترة كافية لرؤية غزة جديدة. بالنسبة للبعض، هو زعيم عصابة؛ وبالنسبة لآخرين، هو الأمل الأخير. مع استمرار العنف، قد يعتمد مستقبل غزة على أي قصة – وأي قائد – ستسود.

زر الذهاب إلى الأعلى