أبوظبي على خط النار.. هل تنجح الإمارات في إنهاء صراع أرمينيا وأذربيجان؟

تستعد العاصمة الإماراتية أبوظبي، غدًا الخميس، لاستضافة اجتماع حاسم بين رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، ورئيس أذربيجان إلهام علييف، في أول لقاء رسمي بين الزعيمين منذ الإعلان عن مسودة اتفاق سلام شامل في مارس الماضي، بعد صراع طويل الأمد امتد لما يقارب أربعة عقود.

اللقاء المرتقب يضع الإمارات في صدارة المشهد السياسي الدولي، ويفتح الباب أمام تسوية نهائية لنزاع ناغورنو قرة باغ، الذي طالما أشعل الحروب وأذكى التوترات بين يريفان وباكو.

لماذا أبوظبي؟

اختيار الإمارات لاستضافة هذا اللقاء الحاسم لم يأت من فراغ، بل يعكس ثقة دولية متنامية في قدرتها على توفير بيئة محايدة وآمنة للحوار بين الخصوم. فعلى مدار السنوات الماضية، عملت أبوظبي على تعزيز علاقاتها مع الطرفين، سياسيًا واقتصاديًا، دون الانحياز لأي جهة.

وتُعرف الدبلوماسية الإماراتية بنهجها الهادئ، القائم على الوساطة الصامتة، بعيدًا عن التصريحات الإعلامية الصاخبة أو الضغوط السياسية المباشرة. وهو نهج مكّنها من كسب ثقة جميع الأطراف، وتقديم نفسها كوسيط موثوق في أكثر الملفات تعقيدًا.

أرمينيا وأذربيجان صراع طويل يبحث عن نهاية

تعود جذور النزاع بين أرمينيا وأذربيجان إلى أواخر الثمانينات، حين اندلعت الحرب الأولى حول إقليم ناغورنو قرة باغ، المنطقة ذات الغالبية الأرمنية التي أعلنت الانفصال عن أذربيجان بدعم من يريفان.

وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، لم تهدأ التوترات بين الطرفين، وشهدت المنطقة موجات متتالية من العنف، كان آخرها في خريف عام 2023، حين استعادت أذربيجان السيطرة الكاملة على الإقليم، ما أدى إلى نزوح نحو 100 ألف أرمني إلى داخل أرمينيا.

ورغم التوصل إلى مسودة اتفاق سلام في مارس/آذار الماضي، لم يتم تحديد موعد رسمي للتوقيع، في ظل استمرار بعض النقاط الخلافية، وتوتر متقطع على الحدود، ما يجعل لقاء أبوظبي بالغ الأهمية في رسم ملامح المرحلة المقبلة.

دعم دولي وتأييد تركي

وفق تقارير فإن الاجتماع الإماراتي يحظى بزخم دولي لافت، خاصة مع تعبير واشنطن عن دعمها الكامل لجهود السلام بين الطرفين.

وصرّح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مؤخرًا عن أمله في التوصل إلى تسوية قريبة تُنهي الأزمة التاريخية، مشيرًا إلى أن نجاح الاتفاق سيمثل تحولًا استراتيجيًا في جنوب القوقاز.

من جهته، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال لقائه الأخير برئيس وزراء أرمينيا دعمه للمصالحة مع باكو، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على وجود إرادة إقليمية حقيقية لدفع عجلة السلام.

دور إماراتي يتجاوز الجغرافيا

لم يكن هذا التحرك الأول من نوعه في سجل الوساطة الإماراتية. فخلال السنوات الماضية، لعبت الإمارات دورًا محوريًا في عمليات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، وساهمت في إنهاء النزاع الإثيوبي الإريتري عام 2018،

كما عملت على تخفيف حدة التوتر بين باكستان والهند، ونجحت في توفير قنوات اتصال بين خصوم سياسيين على طاولات غير معلنة.

هل تنجح الإمارات في حسم آخر فصول الصراع؟

رغم أن الطريق إلى السلام لا يخلو من التحديات، فإن اجتماع أبوظبي يفتح نافذة أمل حقيقية لإنهاء أحد أكثر النزاعات تعقيدًا في أوروبا الشرقية. ويُنظر لهذا اللقاء كاختبار حاسم للدبلوماسية الإماراتية التي تتقدم بخطى ثابتة نحو لعب دور عالمي في إعادة تشكيل مشهد الوساطات والنزاعات.

وإذا ما نجحت الجهود في دفع أرمينيا وأذربيجان إلى التوقيع على اتفاق سلام نهائي، فسيُسجل ذلك كأحد أبرز الإنجازات في مسيرة السياسة الخارجية الإماراتية، ويعزز موقعها كقوة ناعمة فاعلة في عالم تتشابك فيه المصالح وتتنازع فيه الدول على النفوذ.

اقرأ أيضًا: الكراهية تخرج عن السيطرة.. لماذا فشلت ألمانيا في حماية السوريات؟

زر الذهاب إلى الأعلى