أحداث السويداء تصل لبنان.. هل يدفع اللاجئون السوريون ثمن العنف ضد الدروز؟

امتد لهيب أحداث السويداء جنوب سوريا إلى لبنان، حيث شهدت مناطق في جبل لبنان توترات واعتداءات متفرقة طالت لاجئين سوريين، في ظل حالة غليان داخل الطائفة الدرزية التي أعلنت “النفير العام” تضامنًا مع دروز سوريا الذين قُتل منهم المئات في مواجهات عنيفة بمحافظة السويداء جنوب سوريا.

وفي أعقاب الأحداث التي هزّت السويداء منذ الأحد 13 يوليو، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص بينهم نساء وأطفال، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، خرج مئات من أبناء الطائفة الدرزية في لبنان في احتجاجات غاضبة، مطالبين بوقف ما وصفوه بـ”العنف المنظم ضد الدروز في سوريا”.

وتحوّلت شوارع بيروت وبعض بلدات جبل لبنان، مثل خلدة والشوف وعاليه، إلى مساحات للتظاهر وقطع الطرق، وسط هتافات تندد بـ”صمت العالم” حيال ما يجري في السويداء، ومطالبات للحكومة السورية الانتقالية بقيادة أحمد الشرع بوقف الانتهاكات.

اعتداءات على سوريين في لبنان بعد أحداث السويداء

في ظل تصاعد الغضب الشعبي، سجلت اعتداءات جسدية ولفظية طالت لاجئين سوريين في عدة قرى بجبل لبنان. ففي بلدة المشرفة، أُصيب عاملان سوريان بجروح إثر تعرّضهما للضرب من قبل شبان لبنانيين، وتم نقلهما إلى المستشفى.

كما أوردت وسائل إعلام محلية تقارير عن حوادث مشابهة في صوفر وقبرشمون، شملت ضربًا وشتائم وتهديدات.

وانتشرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تظهر تعرض سوريين للاعتداء، إلا أن وسائل إعلام مثل “مونت كارلو الدولية” أفادت بعدم قدرتها على التحقق من صحة هذه الفيديوهات بشكل مستقل.

حظر التجول في لبنان

على خلفية التوتر، أصدرت بعض بلديات جبل لبنان تعاميم تقيّد حركة السوريين، من بينها قرارات بحظر التجول الليلي، إلى جانب بدء عمليات إحصاء تشمل أعداد اللاجئين ومواقع إقامتهم.

هذه الإجراءات أثارت انتقادات من منظمات حقوقية لبنانية ودولية، معتبرة أنها تفتح الباب أمام خطاب كراهية وتحريض عنصري، وتتناقض مع الالتزامات الأخلاقية تجاه اللاجئين الفارين من الحرب.

مشيخة العقل تدعو لضبط النفس

في محاولة لاحتواء الغضب، دعت مشيخة العقل في لبنان أبناء الطائفة الدرزية إلى عدم الانجرار نحو الاعتداء على العمال السوريين، مشددة على أهمية التحلي بالحكمة والقيم الأخلاقية. كما طالبت المشيخة في بيانها الصادر في 16 تموز/يوليو الحكومة السورية الانتقالية بوضع حد لما وصفته بـ”العنف الدموي بحق دروز السويداء”، داعية إلى حماية المدنيين ووقف التصعيد.

مخاوف من توسع رقعة الفتنة

ويرى مراقبون أن التوتر الطائفي الحاصل ينذر بتدهور أكبر في لبنان، خاصة في ظل الانقسام السياسي الداخلي ووجود آلاف اللاجئين السوريين الذين باتوا بين مطرقة الغضب الشعبي وسندان القرارات الرسمية.

ويخشى كثيرون من أن تتحول هذه التوترات إلى اشتباكات أوسع، تعيد لبنان إلى مربع العنف الطائفي والانقسامات القديمة.

وتمثل أزمة السويداء منعطفًا خطيرًا في المشهدين السوري واللبناني، حيث تتداخل الاعتبارات الطائفية مع الأبعاد السياسية والاجتماعية، في وقت يعاني فيه لبنان من هشاشة أمنية واقتصادية متزايدة.

وتبقى التساؤلات مفتوحة هل تنجح القيادات الدينية والسياسية في احتواء هذا التصعيد؟ أم أن الأحداث الأخيرة ستفتح الباب أمام جولة جديدة من الفوضى يدفع ثمنها الأبرياء؟

اقرأ أيضا: السويداء تشتعل من جديد.. هل تفجّر فتنة الدروز والبدو حربًا أهلية في سوريا؟

زر الذهاب إلى الأعلى