أرامكو السعودية تعلن استثمار 3.4 مليار دولار لتوسعة مصفاة تكرير بالولايات المتحدة

في خطوة جديدة تؤكد مكانة “أرامكو السعودية” كلاعب عالمي في أسواق الطاقة، أعلنت الشركة عن ضخ استثمارات بقيمة 3.4 مليار دولار لتوسعة مصفاة تكرير النفط التابعة لها في الولايات المتحدة.
وذلك ضمن مساعيها لتعزيز تكاملها مع الصناعات البتروكيميائية، وتوسيع نطاق أعمالها في قطاع الغاز الطبيعي المسال والتكنولوجيا.
أرامكو السعودية.. استثمارات استراتيجية في أكبر مصفاة تكرير أمريكية
خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن فعاليات منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي المنعقد في الرياض، كشف المهندس أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة “أرامكو السعودية”، عن خطة ضخمة لتوسعة مصفاة التكرير التابعة للشركة في الولايات المتحدة، وهي الأكبر من نوعها في البلاد.
وقال الناصر إن المشروع، الذي تبلغ قيمته 3.4 مليار دولار، يهدف إلى تعزيز تكامل المصفاة مع قطاع البتروكيميائيات، ما يتيح استغلال الموارد النفطية بشكل أكثر كفاءة، ويزيد من القدرة التنافسية لمنتجات أرامكو في السوق الأمريكية والعالمية.
وأشار إلى أن هذا الاستثمار يعكس ثقة “أرامكو” في الاقتصاد الأمريكي واستقراره، ويُعد امتدادًا لعلاقات الطاقة المتينة بين السعودية والولايات المتحدة.
أرامكو السعودية وتوسع في الغاز الطبيعي المسال
وفي سياق توسع الشركة في قطاع الغاز، أعلن الناصر عن توقيع مذكرات تفاهم مع شركة “سيمبرا” الأمريكية، لتوفير نحو 6.2 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال، مع خطط لزيادة الكمية إلى 7.5 مليون طن بحلول عام 2030.
وأوضح أن هذا التوسع يأتي ضمن استراتيجية أرامكو للحصول على حصة سوقية أكبر في سوق الغاز المسال العالمية، لافتًا إلى أن الغاز الأمريكي يتمتع بكلفة منخفضة وطلب متزايد، ما يجعله خيارًا استراتيجيًا للشركة.
ويُذكر أن الصفقة الجديدة مع “سيمبرا” تضاف إلى اتفاقية ملزمة سابقة وقعتها “أرامكو” مع شركة “نكست ديكيد” الأمريكية في أبريل 2025، تقضي بتوريد 1.2 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال لمدة 20 عامًا، من منشأة “ريو غراندي” بنظام التسليم على ظهر السفينة، وبسعر مرتبط بمؤشر “هنري هب”.
رؤوس أموال ضخمة واستثمارات في التقنية
وخلال كلمته، أشار الرئيس التنفيذي لـ”أرامكو” إلى أن الشركة تمتلك رأس مال استثماري يصل إلى 7.5 مليار دولار، يستهدف دعم الشركات الناشئة والتقنيات المبتكرة، موضحًا أن نحو 63% من هذه الاستثمارات – أي ما يعادل 2.5 مليار دولار – تُنفذ في السوق الأمريكية، بفضل توفر الكفاءات، وبيئة الأعمال التنافسية، والجامعات الرائدة.
وأكد أن “أرامكو” تعمل على الاستثمار في التكنولوجيا العالمية، من خلال شراكات مع كبرى الشركات مثل إنفيديا، غوغل، آي بي إم، وكوالكوم، مشيرًا إلى أن المملكة تمتلك الإمكانات التي تجعلها في موقع مثالي لتوفير الطاقة لمراكز البيانات العملاقة، في ظل نمو الطلب على الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
الريادة في الطاقة المتجددة وتقنيات الكربون
وتطرق الناصر إلى الدور الريادي للسعودية في مجال الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى أن شركة “أكواباور”، إحدى الشركات السعودية الرائدة في الطاقة، نجحت في خفض تكلفة الكهرباء من الطاقة الشمسية بنسبة 90%، ومن طاقة الرياح بنسبة 60%، مما يعزز من فرص الاعتماد على مصادر طاقة نظيفة.
كما أشار إلى أن “أرامكو” تواصل أبحاثها في مجال استخلاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وهي تقنية لا تزال باهظة التكلفة، وتسعى الشركة إلى خفض نفقاتها وزيادة كفاءتها ضمن جهودها للمساهمة في تقليل الانبعاثات ودعم أهداف الاستدامة.
رؤية موحدة بين الرياض وواشنطن
جاءت هذه التصريحات على هامش منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، الذي يُعقد تزامناً مع الزيارة الرسمية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة، حيث التقى بولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وعلى رأسها الطاقة والتكنولوجيا.
ويهدف المنتدى إلى دعم الشراكات الاقتصادية بين الرياض وواشنطن، وخلق فرص استثمارية جديدة في القطاعات الحيوية، بما في ذلك الطاقة، الصناعة، البنية التحتية، والتقنيات الحديثة، ويجمع نخبة من قادة الشركات وصناع القرار من الجانبين.
اقرأ أيضًا.. بقيمة 600 مليار دولار.. البيت الأبيض يعلن عن استثمارات سعودية ضخمة في أمريكا
أرامكو السعودية شراكة عالمية وثقة طويلة الأمد
يؤكد هذا الإعلان الجديد من “أرامكو” على التزام السعودية بتوسيع شراكاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ليس فقط في مجال النفط الخام، بل أيضاً في الغاز والتكرير والتكنولوجيا، ما يعزز من مكانة المملكة كقوة مؤثرة في خارطة الطاقة العالمية.
ومع هذه الخطوات، تثبت “أرامكو” مجددًا أنها أكثر من مجرد شركة نفط، بل هي مؤسسة عالمية تستثمر في المستقبل، وتؤسس لاقتصاد أكثر تنوعًا وكفاءة واستدامة، بما يتماشى مع تطلعات رؤية السعودية 2030.
ويشير الاستثمار السعودي في الولايات المتحدة، بقيادة “أرامكو”، يمثل أكثر من مجرد توسيع لنطاق الأعمال؛ إنه رسالة ثقة في الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
ويؤكد كذلك رؤية واضحة لمستقبل قطاع الطاقة العالمي، حيث تتكامل الاستدامة مع الابتكار، وتُبنى جسور التعاون بين الشرق والغرب على أساس المصالح المشتركة والنمو المشترك.