أزمة شرعية تهدد حكومة ليبيا المحتملة.. هل يؤدي عزل الدبيبة لتصعيد جديد بأرض المختار؟

في مؤشر جديد على تصاعد التحركات لعزل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أعلن مجلس النواب الليبي، الأحد، مباشرة لجنة مكلفة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة لفحص ملفات المرشحين لتولي رئاسة حكومة جديدة، وذلك في ظل تفاقم التوترات السياسية والأمنية في العاصمة طرابلس.

تحركات برلمانية لعزل الدبيبة

وأوضح بيان صادر عن مجلس النواب أن اللجنة اجتمعت في مقر الديوان بمدينة بنغازي، وبدأت فحص الوثائق الخاصة بالمرشحين للتأكد من استيفائهم الشروط القانونية والإدارية، ما يشير إلى أن المؤسستين التشريعيتين في شرق البلاد ماضيتان في مسار إنهاء دور حكومة الدبيبة، رغم غياب التوافق الوطني الشامل، وعدم صدور أي موقف دولي داعم حتى الآن.

وتُعد هذه الخطوة تصعيدًا واضحًا من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة نحو إعادة تشكيل المشهد التنفيذي، وسط اتهامات لحكومة الدبيبة بالعجز عن ضبط الأوضاع الأمنية في العاصمة.

فشل الدبيبة في منع اشتباكات طرابلس

وتجلّى هذا الفشل الأمني في تصاعد الاشتباكات بين الفصائل المسلحة، والتي أسفرت عن مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، قائد جهاز دعم الاستقرار، أحد أبرز الشخصيات الأمنية في طرابلس.

أدى مقتل الككلي إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين قواته وقوات جهاز الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة، ما يُنذر بإعادة رسم خريطة النفوذ داخل طرابلس، التي شكّلت سابقًا المعقل الرئيسي لحكومة الدبيبة.

احتجاجات شعبية للمطالبة بإقالة الدبيبة

تزامن الحراك السياسي في الشرق مع خروج احتجاجات شعبية في طرابلس ومدن ليبية أخرى، مطالبة بإقالة حكومة الدبيبة، على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية.

وأكدت مصادر محلية استقالة عدد من الوزراء، في حين سعى رئيس الحكومة إلى نفي تلك الاستقالات، في محاولة لاحتواء الأزمة.

ويرى مراقبون أن البرلمان والمجلس الأعلى للدولة يسعيان إلى استثمار هذا الغضب الشعبي للضغط باتجاه تشكيل حكومة بديلة، رغم استمرار الخلافات حول مشروعية هذه الخطوة في ظل غياب الانتخابات، التي تعهّد الدبيبة مرارًا بعدم تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.

اتهامات متبادلة

يتهم أنصار الدبيبة البرلمان والمجلس الأعلى بمحاولة فرض مرحلة انتقالية جديدة دون غطاء شعبي أو دستوري، بينما يرى معارضو الحكومة أنها تجاوزت صلاحياتها، وأخفقت في تنظيم الانتخابات المقررة منذ عام 2021.

ويحمّل الطرفان بعضهما البعض مسؤولية الفشل السياسي، في وقت يبدو فيه أن الانقسام قد دخل مرحلة أكثر خطورة.

تآكل القبضة الأمنية لحكومة الوحدة

على الصعيد الأمني، يشير مقتل “غنيوة” والاشتباكات مع جهاز الردع إلى تصدعات عميقة داخل التحالفات العسكرية الموالية للدبيبة.

ويرى مراقبون أن موازين القوى بدأت تتغير داخل العاصمة، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان حكومة الوحدة لأحد أبرز عناصر بقائها وهو  السيطرة الأمنية.

ورغم تصريحات رئيس الحكومة حول تفكيك سطوة الميليشيات، إلا أن الواقع يشير إلى استمرار هيمنة الفصائل المسلحة على القرار الأمني في الغرب الليبي، ما يعزز اتهامات المعارضة له بتعزيز نفوذه السياسي عبر تحالفات انتقائية مع قادة الميليشيات.

إشكالية شرعية الحكومة الجديدة

رغم بدء خطوات تشكيل حكومة بديلة، تواجه المساعي البرلمانية تحديات حقيقية تتعلق بالاعتراف الداخلي والخارجي. فلم تصدر حتى اللحظة أي مواقف رسمية من البعثة الأممية للدعم في ليبيا أو من الدول الكبرى تجاه هذه التحركات.

كما أن سيناريو استمرار حكومتين متنافستين يهدد بإبقاء ليبيا في حالة من الانقسام المؤسساتي والعجز عن إجراء انتخابات طال انتظارها، وهو ما سيعيد إنتاج الأزمة بدلاً من حلها.

احتمالات التصعيد السياسي والعسكري

تشير التطورات الأخيرة إلى احتمال دخول البلاد مرحلة جديدة من التصعيد السياسي وربما العسكري، خاصة إذا استمرت الأطراف في تجاهل مطلب الشارع بإجراء انتخابات وتوحيد المؤسسات.

وبحسب تقارير فإن رفض الدبيبة التخلي عن منصبه، في مقابل تمسك البرلمان بتشكيل حكومة جديدة، يفتح الباب أمام جولة جديدة من الصراع.

 ليبيا على مفترق طرق

وفق مراقبون، تبدو ليبيا أمام مفترق طرق حاسم: إما العودة إلى دوامة الفوضى، أو انتهاز الفرصة للذهاب إلى انتخابات شاملة تضع حدًا للفترات الانتقالية وتعيد توحيد المؤسسات.

وحتى يحدث ذلك، ستظل الأزمة الليبية رهينة التجاذبات الإقليمية والمصالح الفئوية، بينما يترقب الشارع لحظة الانفراج التي طال انتظارها.

اقرأ أيضا

عربات جدعون تدهس غزة بعد تعطل مفاوضات الدوحة.. متى يتوقف شلال الدم؟

زر الذهاب إلى الأعلى