أسعار العقارات في دبي.. هل سيؤدي فائض المعروض إلى الهدوء مستقبلاً؟
تعتبر دبي من أكثر المدن جاذبيةً في العالم بالنسبة للمستثمرين في سوق العقارات، وذلك بفضل موقعها الاستراتيجي، بنيتها التحتية المتطورة، والبيئة الاقتصادية الجاذبة، ومع ذلك، فإن الأسئلة حول مستقبل السوق العقاري في الإمارة بدأت تتزايد في الفترة الأخيرة، خاصةً مع تصاعد الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة.
ومن خلال هذا التقرير، من خاص عن مصر، سنستعرض توقيت استقرار أسعار العقارات في دبي وتأثير العوامل الجيوسياسية والاقتصادية على هذا السوق الحيوي.
نمو قوي في سوق العقارات بدبي
وشهدت سوق العقارات في دبي نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، مدفوعًا بعدة عوامل، أبرزها الدعم الحكومي للإمارة وموقعها كوجهة سياحية وتجارية رائدة.
ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة “إس آند بي غلوبال”، فإن أسعار العقارات في دبي ارتفعت بنسبة 16% مقارنة بذروة السوق في سبتمبر 2014، و57% مقارنة بأدنى مستوياتها خلال جائحة كورونا في نهاية عام 2020، وهذا النمو السريع أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستستمر أم أن السوق ستشهد استقرارًا قريبًا.
اقرأ أيضًا: اقتصاد العالم في قبضة مصر.. الموانئ المصرية تسيطر على حركة التجارة الدولية
وتتوقع وكالة “إس آند بي” أن تبدأ أسعار العقارات في الاستقرار مع حلول العام المقبل، حيث يتم تسليم آلاف الوحدات السكنية المباعة خلال السنوات الماضية.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا الزخم في تسليم الوحدات السكنية إلى خلق فائض في المعروض، وهو ما قد يضغط على الأسعار نحو الاستقرار أو حتى التراجع الطفيف، وذلك يعتمد بشكل كبير على نمو الطلب والزيادة السكانية في الإمارة.
وبحسب التقرير، فإنه من المرجح أن تستقر أسعار العقارات بين عامي 2025 و2026.
حجم المعاملات العقارية ودور الطلب الأجنبي
وشهدت المعاملات العقارية في دبي زيادة كبيرة خلال الربع الثاني من العام الجاري، بنسبة 45% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقًا لمؤشرات السوق.
ويعزو هذا الارتفاع بشكل كبير إلى التدفق المستمر للمستثمرين الأجانب الذين يرون في دبي وجهة آمنة ومستقرة لاستثمار أموالهم.
جدير بالذكر أن سياسات الحكومة الإماراتية، مثل التأشيرة الذهبية والإصلاحات في قوانين التملك العقاري، ساهمت بشكل كبير في تعزيز هذا التدفق.
وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت تقارير العقارات أن الطلب على الفلل الفاخرة والوحدات السكنية الراقية زاد بنسبة 21% خلال الربع الثاني من عام 2024 مقارنة بالعام الماضي، وهذه الزيادة في الطلب تعزز من احتمالية استمرارية النمو القوي في القطاع على المدى القصير، على الرغم من التوقعات بزيادة العرض في السوق.
اقرأ أيضًا: ما وراء الكواليس.. كيف أعادت مصر وروسيا إحياء مشروع مدينة الشمس بقناة السويس؟
التأثير المحتمل للاضطرابات الجيوسياسية
وعلى الرغم من أن دبي تعد منطقة محمية نسبيًا من تأثيرات الصراعات الإقليمية، إلا أن التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط يمكن أن تلقي بظلالها على الاقتصاد المحلي، خاصةً إذا تفاقمت الأوضاع.
ووفقًا لتقرير “إس آند بي غلوبال”، فإن السيناريو الأسوأ يتمثل في تصاعد النزاعات في المنطقة لدرجة تؤثر سلبًا على أنشطة دبي الأساسية، مثل السياحة وتدفقات رأس المال.
ومن الناحية التجارية، والتي تمثل حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، فإن التقرير يشير إلى أن دبي بعيدة نسبيًا عن تأثيرات الاضطرابات الجيوسياسية في البحر الأحمر، حيث أن معظم تجارتها تأتي من مناطق بعيدة عن الصراعات.
وبلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية لدبي حوالي 2 تريليون درهم إماراتي في عام 2023، مما يعزز مكانتها كمركز تجاري عالمي، ومع ذلك، فإن أي تصعيد كبير في المنطقة قد يؤثر على ثقة المستثمرين ويزيد من تكاليف الطاقة، وهو ما يمكن أن يؤثر بشكل غير مباشر على سوق العقارات.
مشروعات عقارية ضخمة في دبي
ومن المتوقع أن يستمر سوق العقارات في دبي بالنمو خلال السنوات القليلة القادمة، بفضل المشروعات العقارية الضخمة التي تم الإعلان عنها، حيث يتوقع أن يتم تسليم أكثر من 40,000 وحدة سكنية في كل من عامي 2024 و2025، وهو ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة التي شهدت تسليمًا يتراوح بين 15,000 و30,000 وحدة سنويًا.
وهذه الأرقام تشير إلى وجود فائض محتمل في المعروض، مما قد يؤدي إلى استقرار أو حتى تراجع في أسعار العقارات مع مرور الوقت.
وبالإضافة إلى ذلك، تتوقع وكالة “مورغان ستانلي” أن تتجه شركات التطوير العقاري في دبي إلى زيادة أرباحها من خلال التركيز على مشاريع مستقبلية تضمن استمرار النمو في السوق.
كما أن الحكومة الإماراتية تعمل على تعزيز البيئة الاستثمارية من خلال تبسيط الإجراءات وتقليل القيود على المستثمرين الأجانب، مما يزيد من جاذبية السوق العقاري.
اقرأ أيضًا: استثمارات بـ6.4 مليار دولار لتوطين صناعة السلع الاستفزازية في مصر
آفاق الاقتصاد ومستقبل الاستثمارات في دبي
وتعد دبي واحدة من أكثر الاقتصادات استقرارًا في المنطقة، وهي تتمتع ببنية تحتية متطورة وبيئة استثمارية آمنة، مما يجعلها وجهة مفضلة للمستثمرين، ومع استمرار تدفق رأس المال الأجنبي وارتفاع الطلب على العقارات الفاخرة، من المتوقع أن يظل السوق العقاري قويًا خلال السنوات القادمة.
وإلى جانب ذلك، فإن التوقعات الاقتصادية تشير إلى أن دبي ستواصل الاستفادة من موقعها الاستراتيجي كبوابة بين الشرق والغرب، ومن ارتباطها القوي مع الأسواق الآسيوية، التي تبقى بعيدة نسبيًا عن تأثيرات الاضطرابات الإقليمية، وهذه العوامل تضمن استمرار جاذبية دبي كوجهة استثمارية آمنة ومستقرة.
ويمكن القول أن سوق العقارات في دبي يشهد حاليًا فترة من النمو المتسارع، مع توقعات باستقرار الأسعار خلال السنوات القادمة بسبب زيادة العرض المتوقع.
وعلى الرغم من أن الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة قد تؤثر بشكل طفيف على السوق، إلا أن دبي تتمتع بمكانة قوية تجعلها محمية نسبيًا من التأثيرات السلبية للصراعات، ويبقى الطلب الأجنبي والنمو السكاني العاملين الأساسيين في تحديد مستقبل السوق العقاري في الإمارة.