أسعار النفط ترتفع لأعلى مستوى لها منذ خمسة أشهر بعد الضربة الأمريكية لإيران

ارتفعت أسعار النفط لأعلى مستوياتها في خمسة أشهر عقب تصعيد حاد في الشرق الأوسط، حيث شنت الولايات المتحدة غارات جوية على منشآت نووية إيرانية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وفقا لتقرير الجارديان، أحدثت هذه التطورات صدمةً في أسواق الطاقة العالمية، حيث وصل خام برنت لفترة وجيزة إلى 81.40 دولارًا للبرميل – بزيادة قدرها 5.7% – قبل أن يتراجع إلى 78.32 دولارًا، بزيادة قدرها 1.7% خلال اليوم.
على الرغم من الارتفاع الأولي، لا تزال أجواء الأسواق المالية يسودها الحذر لا الذعر. يراقب المتداولون الوضع عن كثب، ويقيّمون احتمالية وقوع المزيد من الأعمال العدائية والانتقام المحتمل من جانب إيران، مما قد يُزعزع إمدادات الطاقة ويُفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
البرلمان الإيراني يصوت لإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي
في خطوة قد تحمل تداعيات زلزالية على الاقتصاد العالمي، صوّت البرلمان الإيراني على إغلاق مضيق هرمز، وهو ممر ملاحي حيوي يُنقل عبره حوالي خُمس نفط العالم.
رغم أن هذا التصويت غير مُلزم – إذ إن السلطة النهائية فيه بيد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني – إلا أنه زاد من المخاوف من حدوث صدمة كبيرة في الإمدادات قد تدفع أسعار الطاقة إلى الارتفاع، وتزيد التضخم، وتقوض النمو العالمي.
حذّر المحللون على الفور من أن مجرد احتمال إغلاق المضيق قد يُؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط. وحذر خورخي ليون، رئيس قسم التحليل الجيوسياسي في شركة ريستاد إنرجي والمسؤول السابق في أوبك، قائلاً: “من المتوقع حدوث قفزة في أسعار النفط.
في سيناريو متطرف، حيث ترد إيران بضربات مباشرة أو تستهدف البنية التحتية النفطية الإقليمية، سترتفع أسعار النفط بشكل حاد. وحتى في غياب رد انتقامي فوري، من المرجح أن تُحتسب الأسواق علاوة مخاطر جيوسياسية أعلى”.
توقع أولي هفالباي، المحلل في SEB، أن يرتفع سعر خام برنت بما يتراوح بين 3 و5 دولارات للبرميل عند فتح الأسواق. بل إن بعض التوقعات أكثر تشاؤمًا: فقد حذر بنك جي بي مورغان سابقًا من أن استمرار الصراع في الشرق الأوسط قد يدفع الأسعار إلى 130 دولارًا للبرميل إذا ظل المضيق مغلقًا لفترة طويلة.
صندوق النقد الدولي يحذر من تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي
يراقب المجتمع الدولي الأزمة بقلق متزايد. وقد حذرت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، من المخاطر الأوسع نطاقًا خلال مقابلة مع تلفزيون بلومبرج.
أشارت جورجيفا إلى أنها “تنظر إلى هذا الأمر كمصدر آخر لعدم اليقين في بيئة شديدة عدم اليقين”، مسلطةً الضوء على احتمالية “التأثيرات الثانوية والثالثية” على الاقتصادات الكبرى إذا امتدت الاضطرابات إلى ما وراء أسواق الطاقة.
وأوضحت جورجيفا: “قد يكون هناك المزيد من الاضطرابات التي تؤثر على آفاق النمو في الاقتصادات الكبرى، ثم يكون هناك تأثير محفز يتمثل في تخفيض توقعات النمو العالمي”.
وأكدت أملها في ألا تتعطل طرق إمدادات الطاقة، مضيفةً: “دعونا نرى كيف ستتطور الأحداث. أدعو الله ألا يحدث ذلك”.
أقرا أيضا.. طهران تدرس خيارات انتقامية.. هل يدخل وكلاء إيران على خط الرد؟
الرهانات: التضخم، ومخاوف الركود، ومستويات تاريخية
قد تكون عواقب إغلاق مضيق هرمز لفترة طويلة وخيمة. فمع مرور خُمس إمدادات النفط العالمية عبر الممر المائي، فإن أي انقطاع طويل الأمد يهدد بإشعال فتيل فترة من التضخم المرتفع، ورفع تكاليف النقل والبنزين عالميًا، وخطر انزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود.
منذ منتصف يونيو، ارتفعت أسعار خام برنت بالفعل بأكثر من 10%، عقب الضربات الإسرائيلية الأولية على المنشآت النووية الإيرانية وتبادل الصواريخ اللاحق بين طهران وتل أبيب.
واستقر خام برنت يوم الجمعة عند 77.01 دولارًا للبرميل، بينما أغلق خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند 73.84 دولارًا.
في حين قلل بعض الخبراء من احتمالية استمرار الاضطراب لفترة طويلة، مشيرين إلى أن معظم صادرات النفط الإيرانية إلى الصين تعتمد على المضيق، يحذر المحللون من أن المزيد من التصعيد قد يؤدي إلى تجاوز الأسعار حتى تلك التي بلغتها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
لا يزال سعر خام برنت عند أعلى مستوى له على الإطلاق عند 147.50 دولارًا، والذي سُجل في يوليو 2008 قبل الأزمة المالية العالمية.
التوقعات: ترقب وترقب مع تطور الأزمة
بينما يترقب العالم رد فعل القادة الإيرانيين وخصومهم، لا يزال المشاركون في السوق وصانعو السياسات في حالة ترقب. وبينما لا يزال الوضع يتطور، فإن إجماع الخبراء واضح: إن خطر المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط يحمل مخاطر كبيرة ليس فقط على أسواق الطاقة، بل على الاقتصاد العالمي ككل.