أطماع البحر الأحمر تُشعل القرن الأفريقي… هل تعود الحرب بين إثيوبيا وإريتريا؟

كشفت تقارير عن تصاعُد التوتر مجددًا بين أسمرة وأديس أبابا، على خلفية اتهامات وجهتها إريتريا لـ إثيوبيا بشن “حملة دبلوماسية عدائية” وتهديد “سلامة الأراضي الإريترية”، في تطوُّر يعكس عمق الأزمة المتنامية بين البلدين، رغم توقيع اتفاق سلام بينهما عام 2018 أنهى عقدين من العداء المسلَّح.
وتأتي الاتهامات الإريترية، بحسب بيان صادر عن وزارة الإعلام في أسمرة، بعد تحركات دبلوماسية وصفتها بـ”العدائية”، شملت مخاطبات رسمية من أديس أبابا إلى الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من قادة الدول، تتهم فيها إريتريا بـ”التعدي على السيادة الإثيوبية”.
توتر مزمن رغم اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا
ورغم ما بدا أنه انفراجة تاريخية في العلاقات بين البلدين عقب توقيع اتفاقية السلام بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي عام 2018، فإن مراقبين يربطون جذور التوتر الحالي بالخلافات التي أعقبت اتفاق “بريتوريا” للسلام بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي في نوفمبر 2022، والذي لم تُستشر فيه أسمرة، رغم مشاركتها الفعلية في النزاع.
ويشير مراقبون إلى أن غياب التنسيق بين الحليفين السابقين في الحرب على تيغراي، كشف تصدعات واضحة في العلاقة، خصوصًا بعد إعلان أديس أبابا صراحة عن رغبتها في امتلاك منفذ سيادي على البحر الأحمر، ما أثار مخاوف أسمرة التي رأت في ذلك تهديدًا مباشرًا لميناء عصب الحيوي.
اتهامات متبادلة وتلويح بالحرب بين إثيوبيا وإريتريا
وتُحمّل أسمرة الحزب الحاكم في إثيوبيا “مسؤولية التصعيد”، مشيرة إلى تصريحات “استفزازية” صادرة عن قيادات إثيوبية خلال العامين الماضيين، تصفها بـ”العدوانية” تجاه الأراضي الإريترية، وتُلمّح إلى رغبة في “الاستيلاء على عدد من الموانئ”.
في المقابل، تنفي أديس أبابا هذه الاتهامات، إذ أكد برلماني إثيوبي – وفق مصادر مطلعة – أن بلاده “تتمسك باحترام سيادة الدول المجاورة، ولا ترى بديلًا عن الحوار المباشر”، مستبعدًا في الوقت ذاته خيار الحرب، الذي وصفه بـ”الخاسر للطرفين”.
أسباب الصراع بين إثيوبيا وإريتريا
يرى مراقبون أن نقطة الخلاف الجوهرية تتمثل في سعي إثيوبيا – وهي دولة حبيسة – للحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر، سواء عبر التفاهم أو القوة، ما يضعها في مسار تصادمي مع جيرانها، خصوصًا إريتريا.
ويلفت مراقبون إلى أن تصريحات مستشار الأمن القومي الإثيوبي، التي شدد فيها على “حق بلاده في الوصول إلى البحر”، أعادت إشعال فتيل التوتر مع أسمرة، التي ترى في هذه الخطابات “تغطية على نوايا توسعية حقيقية”.
اتهامات متبادلة بالدعم والتآمر
شهدت الأشهر الماضية تبادلًا متزايدًا للاتهامات بين الطرفين. ففي فبراير الماضي، اتهم الرئيس الإثيوبي السابق، مولاتو تيشومي، السلطات الإريترية بـ”دعم متمردين في شمال إثيوبيا” و”السعي لإعادة إشعال الصراع”، وهي اتهامات نفتها أسمرة، معتبرة أنها “محاولة لصرف الأنظار عن أزمات داخلية”.
وفي الوقت نفسه، استضافت أديس أبابا مؤتمرًا علنيًا لمعارضين إريتريين، ما اعتبرته أسمرة “تدخلًا سافرًا في شؤونها الداخلية”. كما نُشرت تقارير إثيوبية رسمية وصفت السلوك الإريتري بـ”العدائي”، واتهمت أسمرة بـ”تهديد الاستقرار الإقليمي”.
ويحذر مراقبون من أن استضافة المعارضين والتصريحات النارية المتبادلة تغذي بيئة خصبة لاحتمالات الانفجار، في ظل هشاشة التوازنات في منطقة القرن الأفريقي.
احتمالات مفتوحة
وسط هذه المعطيات، يرى مراقبون أن جميع السيناريوهات تبقى مطروحة، في ظل غياب قنوات تواصل رسمية مستقرة بين الطرفين، وتضارب الخطابات السياسية، والتراشق الإعلامي المتواصل.
وبينما تؤكد أديس أبابا مرارًا أنها “لا ترغب في الحرب”، فإن استمرار التصعيد والمناورات قد يؤدي إلى تدهور سريع، خاصة في ظل تقارير عن تحركات عسكرية على جانبي الحدود.
ويرى مراقبون أن احتمالات التهدئة ليست مستحيلة، خصوصًا مع تدخل أطراف دولية فاعلة حريصة على استقرار خطوط التجارة البحرية، إلا أن “الخطر الأكبر يظل في الأطماع المفتوحة والتفسيرات المتباينة لمفهوم السيادة، وهو ما يجعل النزاع قابلاً للاشتعال في أي لحظة”.
اقرا أيضا: 60 نعشًا تهز طهران.. كيف ودعت إيران قادتها وعلماءها ضحايا الحرب مع إسرائيل؟