أقوى بداية سنوية منذ 2022.. ارتفاع قياسي للاستثمارات الأجنبية في السعودية

سجلت المملكة العربية السعودية أقوى بداية سنوية للاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) منذ عام 2022، حيث بلغت التدفقات 6.4 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2025، بزيادة قدرها 24% عن الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب البيانات الأولية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء.
ووفقا لوكالة “بلومبرج”، فإن هذا النمو يشير إلى عودة تدريجية للثقة في البيئة الاستثمارية السعودية، على الرغم من أنه لا يزال أقل بقليل من مستوى الربع الرابع من 2024.
ويُعد هذا الأداء بداية واعدة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 التي تقودها الحكومة برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
انتعاش تدريجي في ثقة الاستثمار
تُعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة عنصرا محوريا في رؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد التاريخي على النفط.
وتسعى المملكة إلى تنمية قطاعات ناشئة مثل السياحة، الخدمات اللوجستية، التكنولوجيا، والترفيه، ما يتطلب تدفقات رأسمالية ضخمة ومستدامة من الخارج.
ووفقا لبيانات نشرتها بلومبرج، يشير هذا الارتفاع الأخير إلى تزايد الاهتمام الدولي، وإن كان يأتي في سياق نمو متواضع خلال الأرباع الماضية وغياب صفقات ضخمة تُضاهي صفقة خط أنابيب أرامكو البالغة 15.5 مليار دولار في أوائل عام 2022.
التحديات مستمرة رغم التقدم
على الرغم من المكاسب الأخيرة، لا يزال طموح المملكة العربية السعودية في جذب 37 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر هذا العام بعيد المنال.
فقد تخلفت المملكة عن هدفها لعام 2024 بمليارات الدولارات، ويؤكد المحللون أن استمرار النمو سيتطلب خطوات ملموسة.
وتشمل التحديات الرئيسية التي أشار إليها المحللون تقلبات عائدات النفط، وحذر المستثمرين بشأن الشفافية والأطر التنظيمية، والمخاوف الجيوسياسية التي قد تؤثر على تقييمات المخاطر.
وعلاوة على ذلك، تواصل المملكة العربية السعودية مواجهة ضغوط الميزانية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط الخام وارتفاع الطلب على الاستثمار المحلي، مما يزيد من الحاجة إلى تدفقات رأس مال أجنبي مستدامة.
مكاسب سوق العمل تُقدم بصيص أمل
في ظل أرقام الاستثمار الأجنبي المباشر، تُقدم مؤشرات اقتصادية أخرى أخبارا إيجابية. فقد انخفض معدل البطالة في المملكة العربية السعودية إلى أدنى مستوى تاريخي له عند 6.3% في الربع الأول من عام 2025، وفقًا لنفس قاعدة البيانات.
وقد عدل صندوق النقد الدولي مؤخرا توقعاته للنمو في المملكة بالرفع، متوقعا نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.5% لعام 2025، مشيرا إلى استمرار قوة سوق العمل.
ويشير الخبراء إلى أن هذه المكاسب تعكس الثمار المبكرة للإصلاح الاقتصادي الأوسع. كما أنها تُؤكد على ضرورة أن تُوازي المملكة التقدم المحلي بنجاح مماثل في جذب رأس المال العالمي.
منعطف حرج في الإصلاح الاقتصادي للمملكة العربية السعودية
وتمثل أحدث أرقام الاستثمار الأجنبي المباشر مؤشرا متفائلا بحذر على مستقبل الاستثمار العالمي في المملكة العربية السعودية. وبينما يُظهر ارتفاع التدفقات الوافدة أن جهود جذب رأس المال الأجنبي تكتسب زخما، فإن تحقيق هدف الاستثمار الأجنبي المباشر للعام بأكمله سيتطلب إجراءات سياسية أكثر حزما، وإشراك المستثمرين، وإبرام الصفقات.
مع سعي المملكة للتوازن الدقيق بين الأهداف الطموحة والقيود الاقتصادية العملية، ستكون الأرباع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا الزخم سيستمر، أم أنه قد يتلاشى دون تحقيق مكاسب تحويلية.