أكبر تغييرات جذرية تعيد رسم ملامح موسم الحج 2025.. إصلاح تاريخي وابتكارات غير مسبوقة

مع بدء موسم حج 2025، أجرت المملكة العربية السعودية إصلاحات شاملة تُعيد صياغة أحد أقدس التقاليد الإسلامية. بدءا من حظر اصطحاب الأطفال للحج، مرورا بنظام الأولوية للحجاج لأول مرة، إلى نشر الذكاء الاصطناعي وأكبر نظام تبريد هواء في العالم، كل هذه التغييرات تشير إلى نقطة تحول رئيسية في هذه الشعائر التي تعود إلى قرون.
ووفقا لصحيفة “تايم”، يجذب الحج، أحد أركان الإسلام الخمسة، ما يقرب من مليوني مسلم سنويا من جميع أنحاء العالم إلى مكة المكرمة. ويُفتتح هذا العام بمزيج من التجديد الروحي والابتكار التكنولوجي.
حظر اصطحاب الأطفال
لقد كان قرار وزارة الحج والعمرة السعودية بمنع الأطفال من مرافقة آبائهم أو أولياء أمورهم خلال الحج أكثر التغييرات إثارة للجدل هذا العام. ويقول المسؤولون إن هذا القرار ينبع من مخاوف أمنية بعد وفاة أكثر من 1300 حاج عام 2024، معظمهم بسبب الحر والازدحام.
وقال الشيخ وليد بسيوني، رئيس معهد المغرب، وهو قائد حج خبير: “لقد فوجئ الناس وصدموا. لكنهم قد يغيرون ذلك لاحقا عندما يكون الطقس أفضل بكثير، لأن الحج يأتي في التقويم القمري”.
وعلى الرغم من أن الحد الأدنى للسن لا يزال غامضا – حيث تشير التقارير إلى 12 أو 15 عاما كحد أقصى – إلا أن هذه الخطوة قد أنهت تقليدا عائليا راسخا يتمثل في الحج متعدد الأجيال.
مع ذلك، ومع تزامن موسم الحج مجددا مع حرارة الصيف الشديدة، يعتقد الكثيرون أن هذا التقييد قد يكون مؤقتا. ويعني التحول البطيء للتقويم القمري أن مواسم الحج الأكثر برودة متوقعة بين عامي 2034 و2041.
منح الأولوية للحجاج لأول مرة
وفي سياسة بارزة أخرى، طبّقت السلطات السعودية نظاما يمنح الأولوية للمسلمين الذين يؤدون فريضة الحج لأول مرة.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها محاولة لمعالجة التفاوتات طويلة الأمد في فرص الحصول على الحج، حيث كان بإمكان الأفراد الأثرياء من الدول الغنية الحصول على أماكن مرارا وتكرارا، بينما انتظر العديد من الحجاج لأول مرة في الدول النامية لسنوات.
وبوضع الحجاج لأول مرة في مقدمة طابور الانتظار، يبدو أن المملكة العربية السعودية توازن بين الواقع اللوجستي والضرورات الأخلاقية.
موسم الحج 2025 تحت المراقبة
وقد بلغ الأمن والتحكم خلال الحج آفاقا جديدة في عام 2025. ولأول مرة، نشر الدفاع المدني السعودي طائرات بدون طيار تعمل بالذكاء الاصطناعي – تُسمى صقر – قادرة على التصوير الحراري ومراقبة الحشود في الوقت الفعلي. هذه الطائرات مُبرمجة للكشف عن الحجاج غير المصرح لهم، ودعم حملة “لا حج بدون تصريح” التي أطلقتها المملكة.
ومنذ أبريل، سُمح فقط للحجاج الذين يحملون تأشيرات حج رسمية، أو إقامات سارية المفعول، أو تصريحا رسميا بدخول مكة المكرمة. وقد أعادت السلطات 269 ألف شخص حاولوا دخول المدينة بدون تصاريح.
أكبر نظام تبريد في العالم يتحدى حرارة مكة
واستجابة لدرجات الحرارة القياسية – بما في ذلك ارتفاعات بلغت 51 درجة مئوية في السنوات الأخيرة – قامت المملكة العربية السعودية بتركيب أكبر نظام تبريد متكامل في العالم في المسجد الحرام. بسعة تبريد تبلغ 155 ألف طن، صُمم النظام لحماية الحجاج من الحرارة الشديدة.
وتشمل التدابير الأخرى لتخفيف آثار الحر؛ أكثر من 400 محطة تبريد في جميع أنحاء مسارات الحج، و50,000 متر مربع من المساحات المظللة الموسعة، ونشر آلاف الكوادر الطبية الإضافية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وتؤكد هذه الاستثمارات استراتيجية الحكومة لتحديث البنية التحتية للحج مع الحفاظ على الجوهر الروحي للشعيرة.
تشديد ضوابط التأشيرات يهدف إلى الحد من الدخول غير المصرح به
وقد شهدت سياسات التأشيرات أيضا تشديدا كبيرا، يُقيد الآن دخول الحجاج من 14 دولة – بما في ذلك العراق وباكستان والمغرب – بتأشيرات حج لمرة واحدة. في السابق، كانت تأشيرات الدخول المتعددة تسمح لبعض الأفراد بأداء الحج بشكل غير رسمي من خلال الدخول خلال فترة الحج.
وتنتهي صلاحية جميع تأشيرات الحج الآن في العاشر من محرم (6 يوليو 2025) مما يُوحد مدة التأشيرات ويُعزز الرقابة على أعداد الحجاج.
اقرأ أيضا.. أضحية كل 7 ثوان.. السعودية تبهر العالم بأسرع منظومة ذكية للهدي في تاريخ الحج
أوضح بسيوني: “يُجيز الفقهاء للحكومة فرض قيود على بعض الشعائر الدينية”، مشيرا إلى أن سابقة قد وُضعت خلال جائحة كوفيد-19 عندما كان التطعيم إلزاميًا. “المبدأ هو أن أي قاعدة يجب أن يكون لها فائدة واضحة – وهنا، الفائدة هي السلامة”.
مرحلة انتقالية
ويُمثل موسم حج 2025 أكثر من مجرد إصلاح لوجستي شامل، بل يعكس جهدا أوسع نطاقا لحماية الحجاج، وضمان العدالة، وضمان مستقبل أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم. ويتفق الخبراء على أنها ناجمة عن تحديات حقيقية تفرضها ضخامة الحجم والمناخ والإنصاف.