أكبر خسارة منذ عقود.. إغلاق مصفاة ليندسي يزلزل صناعة النفط البريطانية ويفتح أبواب البطالة

أعلنت الحكومة البريطانية رسميًا عن إغلاق مصفاة ليندسي للنفط في شمال شرق لينكولنشاير، بعد أن أخفقتْ جهودها في إيجاد مشتر موثوق للموقع الذي يعاني من أزمة مالية حادة.

وقال وزير الطاقة مايكل شانكس في بيان: “لم يتم تقديم أي عروض موثوقة لشراء المصفاة بالكامل، وستبدأ الآن مرحلة تصفية تدريجية للعمليات”.

ووفقًا لـ “بي بي سي” البريطانية، يأتي هذا القرار بعد فشل عملية بيع استمرت أسابيع، في أعقاب انهيار الشركة المالكة مجموعة براكس، مما يهدد مستقبل 625 موظفا بشكل مباشر، فيما تشير التقديرات إلى أن عدد المتضررين قد يصل إلى 1000 وظيفة، مع الأخذ في الحسبان المقاولين وسلسلة التوريد ذات الصلة.

انهيار بسبب الديون وسوء الإدارة.. الحكومة تلقي اللوم على المالكين السابقين

وانهارت مجموعة براكس في يونيو بعد تراكم ديون ضخمة بلغت حوالي 250 مليون جنيه إسترليني لصالح هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية (HMRC).

وأظهرت تقارير صحفية أن مؤسسي المجموعة، الزوجان سانجيف كومار سوسايبيلاي وزوجته أراني، سحبوا ما مجموعه 11.5 مليون جنيه إسترليني كرواتب وأرباح على مدى ثلاث سنوات، بينما كانت الشركة تغرق في الديون.

وقال شانكس بلهجة غاضبة: “نشعر بخيبة أمل بالغة من الوضع غير المقبول الذي ترك فيه المالكون السابقون مصفاة براكس ليندسي”. وأضاف أنه من واجبهم “القيام بالتصرف الأخلاقي” وتقديم مساهمة مالية طوعية لدعم العاملين المتضررين.

أمل ضائع في إنقاذ المصفاة.. العروض الجزئية لم تكن كافية

وكانت المصفاة، التي استحوذت عليها براكس من شركة توتال الفرنسية في عام 2021، تعتبر أصغر مصفاة نفط في المملكة المتحدة ولكنها لعبت دورا محوريا بجوار مصفاة فيليبس 66 هامبر الأكبر حجما والتي لا تزال تعمل.

وبحسب رسالة إلكترونية حصلت عليها صحيفة “الجارديان” البريطانية، فقد تم إبلاغ العاملين أن المصفاة لن تستقبل أي شحنات جديدة من النفط الخام، وأن المرحلة المقبلة ستقتصر على معالجة الشحنات المتبقية قبل الإغلاق النهائي.

وأشارت الرسالة إلى أن العروض التي قدمت لشراء أجزاء من أصول المصفاة – مثل التخزين والتوزيع – لم تكن قابلة للتطبيق لإنقاذ المصفاة ككل.

وقد أدار “مديرون خاصون” من شركة FTI Consulting عمليات المصفاة مؤقتا خلال فترة البحث عن مشتر. وأكد هؤلاء في اتصالاتهم بالموظفين أن عملية البيع لم تسفر عن نتيجة شاملة، رغم وجود “اقتراحات متعددة” لشراء أصول منفردة.

الحكومة تعلن ضمان تدريب شامل للعمال وتعدهم بفرص في قطاع الطاقة النظيفة

وفي ضوء ما وصفه الوزير شانكس بـ”الانتقال الحتمي”، أعلنت الحكومة أنها ستضمن بقاء جميع العاملين الحاليين في وظائفهم حتى نهاية أكتوبر على الأقل. كما تعهدت بإطلاق برنامج تدريب شامل لتأهيلهم من أجل العمل في قطاعات الطاقة النظيفة المتنامية.

وقال شانكس: “سنضمن حصول العمال على المهارات اللازمة لفرص عمل مستقبلية، بما يتماشى مع تحولنا نحو مستقبل طاقة مستدامة”. وأكد أن الحكومة تتابع باهتمام أي اهتمام بشراء أصول فردية من قبل مستثمرين محتملين.

النقابات تطالب بالمساءلة وتُحذر من التداعيات الاقتصادية

كما أعربت نقابة يونايت، وهي أكبر نقابة عمالية في المملكة المتحدة، عن قلقها العميق إزاء الأثر الاجتماعي والاقتصادي لإغلاق مصفاة ليندسي. وقالت النقابة إن غياب خطة إنقاذ شاملة يهدد المنطقة بانكماش اقتصادي حاد.

وفي المقابل، بدأت وزارة أمن الطاقة تحقيقًا رسميًا في ممارسات الإدارة المالية لمجموعة براكس، بينما يواجه سانجيف سوسايبيلاي حاليًا دعاوى قضائية بتهمة الإخلال بالواجب الائتماني من قبل الإدارة القضائية المعينة من الحكومة.

اقرأ أيضًا.. على طريق الريادة.. السعودية تطلق أكبر مشروع لتصدير الطاقة الخضراء إلى أوروبا

سقوط مصفاة ليندسي.. درس في إدارة الانتقال الطاقي في بريطانيا

ويعكس صعود وسقوط مصفاة ليندسي بوضوح التحديات المتزايدة التي تواجه البنية التحتية النفطية في العالم. فبينما تدفع الأزمات البيئية والمالية الحكومات نحو الطاقة المتجددة، يبقى التحدي الأكبر هو تأمين انتقال عادل للعاملين والمجتمعات التي اعتمدت طويلا على الصناعة التقليدية.

وإغلاق المصفاة ليس فقط نهاية فصل في تاريخ الطاقة البريطاني، بل هو أيضا إنذار مبكر حول ما يمكن أن يحدث إذا لم يتم التخطيط للانتقال الطاقي بعناية وعدالة.

زر الذهاب إلى الأعلى