ألمانيا تفتح الباب لأهالي غزة.. قرار إنساني أم سياسة تهجير ناعم؟

أعلنت ألمانيا استئناف البتِّ في طلبات اللجوء المقدَّمة من فلسطينيين قادمين من قطاع غزة، بعد أن جُمِّدت لأشهُر بموجب قرار مثير للجدل.

وبينما رحّبت منظمات حقوقية بالخطوة، تصاعدت التساؤلات حول دوافعها الحقيقية: هل هو قرار إنساني يُنصف ضحايا حرب لا تنتهي، أم بداية لسياسة “تهجير ناعم” تُفرغ غزة من سكانها تدريجياً؟

تعليق سابق أثار الغضب

في يناير 2024، قرر المكتب الفيدرالي لشؤون الهجرة واللاجئين في ألمانيا وقف البت في طلبات اللجوء المقدمة من سكان قطاع غزة، مستنداً إلى المادة 24 من قانون اللجوء الألماني، والتي تتيح تأجيل البت في الحالات التي تمر بـ”ظروف مؤقتة غير واضحة”. آنذاك، تم تبرير القرار بأن الوضع في غزة غير مستقر، ويصعب تقييمه بشكل نهائي.

إلا أن التعليق طال أكثر من اللازم، وتسبب بموجة من الغضب في الأوساط الحقوقية والبرلمانية، لا سيما من قبل أحزاب المعارضة مثل “اليسار”، التي اعتبرت القرار تعسفياً ومخالفاً للواجبات الإنسانية.

القضاء يُجبر ألمانيا على استقبال سكان غزة

لم يكن الضغط السياسي وحده كفيلاً بإحداث التغيير، بل لعبت الدعاوى القضائية دوراً محورياً. فقد كشفت وزارة الداخلية الألمانية في ردها على طلب إحاطة من النائبة اليسارية كلارا بونغر أن المحاكم الألمانية نظرت في 238 دعوى تقاعس ضد المكتب الفيدرالي، تقدم بها لاجئون فلسطينيون خلال الفترة بين أكتوبر 2023 وأبريل 2025.

وقد أُدين المكتب بالتقاعس في 187 قضية، مما ألزمه بالبت الفوري في تلك الطلبات. وفي ثلاث حالات، منحت المحاكم المدّعين حماية ثانوية، في حين تم تعليق 48 دعوى أخرى لأسباب لم تُفصّلها الوزارة.

وبحسب الوزارة، فإن القرار بالاستئناف لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة تقييم جديد للموقف. فقد خلص المكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين إلى أن الوضع في غزة بات كارثياً وطويلاً، لا تنطبق عليه صفة “المؤقت”. الحرب مستمرة، واتفاقيات وقف إطلاق النار فشلت، ومعاناة المدنيين تتزايد. وبالتالي، لم يعد هناك مبرر قانوني لتعليق الطلبات.

جدل حول نوايا القرار

ورغم الترحيب الظاهري، أطلق نشطاء ومنظمات تحذيرات بشأن احتمال استخدام هذه الخطوة كأداة لـ”التهجير الناعم”. فبينما يهرب الفلسطينيون من القصف، ويجدون في أوروبا ملاذاً آمناً، تُطرح تساؤلات هل يُراد فعلاً إنقاذ المدنيين؟ أم أن فتح باب اللجوء سيُستخدم في تفريغ غزة من سكانها، في ظل مشاريع إقليمية ودولية لإعادة رسم خريطة القطاع؟

يتزامن هذا القرار مع انعقاد اجتماع لوزراء داخلية عدد من دول الاتحاد الأوروبي في منطقة “تسوغ شبيتسه” الجبلية في بافاريا، برعاية الوزير الألماني ألكسندر دوبرينت. ورغم الطابع العام للاجتماع الذي يركّز على ملفات الهجرة والأمن، لم يتضح بعد ما إذا كان موضوع لجوء فلسطينيي غزة سيكون مطروحاً ضمن جدول الأعمال.

اقرأ أيضًا: النفط مقابل الرواتب.. هل يطوي اتفاق بغداد وأربيل صفحة الصراع بالعراق؟

زر الذهاب إلى الأعلى