أمريكا تتدخل في الحرب وتقصف ثلاثة مواقع نووية إيرانية.. فوردو ونطنز وأصفهان

في تصعيدٍ مُثيرٍ للصراع الإسرائيلي الإيراني المُستمر، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صباح يوم الأحد أن الولايات المتحدة قد أنجزت ما وصفه بـ”هجومٍ ناجحٍ للغاية” على ثلاثة مواقع نووية إيرانية من أهمّ المنشآت النووية الإيرانية: فوردو ونطنز وأصفهان.
وفقا لتقرير نيويورك تايمز، تُمثّل هذه الضربات غير المسبوقة، التي أكّدها ترامب عبر منشورٍ على حسابه على “Truth Social”، التدخّل المباشر للجيش الأمريكي في الصراع الإقليمي، بعد أيامٍ فقط من تكهناتٍ مُكثّفةٍ حول ما إذا كانت واشنطن ستتدخّل.
كتب ترامب: “جميع الطائرات الآن خارج المجال الجوي الإيراني وفي طريقها إلى الوطن بسلام”. وأضاف: “أُلقيت حمولةٌ كاملةٌ من القنابل على الموقع الرئيسي، فوردو. تهانينا لمحاربينا الأمريكيين العظماء. لا يوجد جيشٌ آخر في العالم يُمكنه فعل هذا. الآن هو وقت السلام!”.
الأهداف الاستراتيجية: فوردو، ونطنز، وأصفهان
استهدفت الضربات الأمريكية أكثر مراكز التخصيب النووي تحصينًا وأهمية في إيران. ولطالما اعتُبرت فوردو، وهي منشأة تحت الأرض مبنية على سفح جبل، منيعةً تقريبًا ضد الهجمات التقليدية.
تعرضت نطنز، منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران، لقصف إسرائيلي قبل أيام قليلة، لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إن العملية الأمريكية تضمنت حمولة أثقل واستهدافًا أوسع نطاقًا.
أما الموقع الثالث، الواقع بالقرب من مدينة أصفهان التاريخية، فتعتقد أجهزة الاستخبارات الغربية أنه يضم جزءًا كبيرًا من مخزون إيران من اليورانيوم شبه الصالح للاستخدام في الأسلحة.
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، هدفت العملية إلى “إضعاف القدرات النووية الإيرانية” وتأخير قدرتها على تطوير سلاح نووي لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات على الأقل. وزعم وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن حملة القصف المشتركة “أبعدت إيران سنوات عن العتبة النووية”، مع إقراره بأنه لم يتم تدمير جميع المنشآت المهمة، وخاصة فوردو، بالكامل. التصعيد والرد: ماذا بعد؟
تأتي هذه الضربات في خضم تبادل مكثف للهجمات بين إسرائيل وإيران. يوم السبت، شنت إسرائيل أيضًا موجة من الغارات الجوية على مواقع صواريخ إيرانية وبنية تحتية نووية ومستودعات أسلحة، بينما ردت إيران بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة استهدفت مدنًا إسرائيلية.
بدأت وزارة الخارجية الأمريكية إجلاء المواطنين الأمريكيين من إسرائيل، وحث السفير مايك هاكابي الأمريكيين في إسرائيل والضفة الغربية على التسجيل لإجلائهم المحتمل بحرًا أو جوًا.
في غضون ذلك، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده لن تُقلص أنشطتها النووية “تحت أي ظرف من الظروف”، رافضًا المطالب الأمريكية بتفكيك برنامجها. وفي حديثه لوكالة مهر للأنباء، أكد بزشكيان أن إيران لا تزال منفتحة على المفاوضات، لكنه حذر من أنها ستواصل الرد العسكري على إسرائيل ردًا على أي هجمات أخرى.
المخاطر: العواقب الإقليمية والعالمية
يُمثل التدخل الأمريكي تحولاً تاريخياً في الصراع، إذ يُقرّب واشنطن وطهران من مواجهة عسكرية مباشرة أكثر من أي وقت مضى في السنوات الأخيرة. ومن المرجح أن تختبر هذه الضربات ليس فقط قدرة البرنامج النووي الإيراني على الصمود، بل أيضاً قدرة الولايات المتحدة وإسرائيل على تحقيق أهداف أمنية مستدامة في منطقة مُتقلبة.
يُحذّر مُحللون من أن الهجوم على فوردو ومواقع أخرى، على الرغم من أهميته العسكرية، قد يُثير المزيد من التصعيد. وصرح مُحلل أمني كبير في القدس: “إذا تحركت الولايات المتحدة وإسرائيل لتدمير منشآت التخصيب الإيرانية، فلدى إيران كل الأسباب للرد – ربما باستهداف الأصول الأمريكية وحلفائها في جميع أنحاء المنطقة”.
لم يُصدر البنتاغون تفاصيل عن أنواع الذخائر المُستخدمة أو مدى الأضرار التي لحقت بها، مع أن مراقبين مُستقلين يُشيرون إلى أن منشأة فوردو تُعتبر من بين أكثر المواقع النووية تحصيناً في العالم، وتتطلب قنابل قوية “خارقة للتحصينات” لإحداث أضرار جسيمة.
أقرا أيضا.. الحرب والتضخم والجفاف.. التهديد الثلاثي الذي يؤثر في إمدادات الغذاء العالمية
ردود الفعل الدولية والدعوة للسلام
جاء إعلان ترامب في سياق دعوة إلى “السلام”، إلا أن قادة العالم ما زالوا حذرين. أشادت الحكومة الإسرائيلية بالعملية باعتبارها إنجازًا كبيرًا، بينما أدانت القيادة الإيرانية العملية ووصفتها بأنها عمل عدواني.
دعا دبلوماسيون في أوروبا والأمم المتحدة إلى ضبط النفس، محذرين من أن المزيد من التصعيد قد يعم الشرق الأوسط بأكمله.
في الوقت الحالي، ينتظر العالم ليرى ما إذا كان إعلان ترامب انتصاره يمثل نقطة تحول نحو خفض التصعيد، أم بداية مرحلة أكثر خطورة في صراع ذي تداعيات عالمية.