أمريكا تختبر طائرات FPV في غابات ألمانيا.. أسلحة اغتيال دقيقة بـ5 آلاف دولار تُغير وجه الحرب
بدأ الجيش الأمريكي تجارب ميدانية حية لطائرات مسيّرة مسلحة من نوع FPV (الرؤية من منظور الشخص الأول)، ضمن مشروعه التحديثي “التحوّل أثناء الاشتباك” (TiC)، وذلك في غابات ألمانيا، في خطوة تعكس تحوّلًا نوعيًا في أساليب القتال الحديثة.
أمريكا تنفذ تجارب حية للطائرات المسيرة “FPV”
وتنفذ قوات من فرقة المشاة الثالثة هذه التجارب باستخدام طائرات مسيّرة منخفضة التكلفة، مصممة لضرب أهداف متحركة وثابتة على حد سواء، في خطوة تعزز التحول نحو قدرات هجومية لا مركزية تعتمد على الطائرات بدون طيار ضمن الوحدات التكتيكية.
ثورة تكتيكية في ساحة المعركة
تُعد هذه التجارب أول تطبيق عملياتي لأنظمة PBAS (أنظمة الغرض الواحد القابلة للاستهلاك)، وهي طائرات بدون طيار هجومية يمكن تزويدها بحمولات فتاكة أو غير فتاكة، مع الحفاظ على انخفاض التكلفة وسهولة الحمل والتشغيل.
كل حزمة من هذه الأنظمة تضم نظارات FPV للرؤية المباشرة، ووحدة تحكم، وشاشة عرض، بالإضافة إلى مزيج من الطائرات بقياسات 10 و5 بوصات، بتكلفة تُقدر بنحو 5000 دولار فقط، ما يجعلها مناسبة للنشر السريع على نطاق واسع في تشكيلات القتال المختلفة.
وتهدف المهام الحالية في ألمانيا إلى اختبار فاعلية هذه الأنظمة في بيئات غابات رطبة ومعقدة، وصقل تكتيكات استخدامها ضمن المرحلة الثانية من مشروع TiC.
دقة ومرونة في الاشتباك القريب
تمنح طائرات FPV مشغليها منظورًا حيًا كما لو كانوا بداخل الطائرة نفسها، ما يتيح قدرة عالية على المناورة والاستهداف في بيئات مكتظة أو معقدة. وعلى عكس الطائرات المسيّرة ذات البرمجة المسبقة أو التشغيل الذاتي، فإن هذه الطائرات تُقاد يدويًا بالكامل، ما يوفّر تحكمًا دقيقًا يجعلها مثالية لعمليات الضرب السريع، والاستطلاع، والدعم في البيئات الحضرية أو الوعرة.
وعندما تُجهز كطائرات “انتحارية” (Loitering Munitions)، يمكنها حمل متفجرات يتم توجيهها بدقة نحو المواقع المعادية، ما يمنح القوات ميزة المفاجأة التكتيكية، والتفوق في الاشتباك القريب.
حمولات فتاكة وغير فتاكة لمهام متنوعة
تُجهز طائرات FPV بحمولات تناسب طبيعة المهمة؛ من رؤوس حربية مضادة للدروع، أو شظايا متفجرة، إلى عبوات ناسفة مرتجلة تستهدف الأفراد والمركبات. كما يمكن تزويدها بحمولات غير فتاكة كأجهزة تشويش إلكتروني، أو قنابل دخان، أو عبوات صوتية ولمسية لتفريق الحشود أو التشويش على مواقع العدو.
وتشمل استخداماتها التكتيكية المحتملة ضربات مباشرة ضد المركبات الخفيفة، قمع الدفاعات الجوية، تطهير الخنادق، اختراق التحصينات، أو تعطيل البنى التحتية مثل الرادارات ومراكز القيادة.
دروس من أوكرانيا: عندما غيّرت FPV معادلات الحرب البرية
أثّرت تجربة الحرب الأوكرانية الروسية بشكل كبير في تبنّي الجيش الأمريكي لهذه التقنية. فمنذ عام 2022، اعتمد الطرفان بشكل واسع على طائرات FPV لتنفيذ هجمات دقيقة بتكلفة منخفضة.
وقد برزت أوكرانيا في تطوير هذه المنصات عبر تحويل طائرات تجارية صغيرة إلى ذخائر طائرة، قادرة على إرباك الدفاعات التقليدية وتدمير أهداف حساسة بكفاءة عالية.
فعالية وتكلفة وسرعة انتشار
توفر طائرات FPV ميزات استراتيجية في ساحات القتال الحديثة، أبرزها القدرة على المناورة في بيئات لا تناسب الطائرات الأكبر حجمًا، وتنفيذ مهام استطلاعية أو هجومية دقيقة بحسب الحاجة.
كما تدعم هذه الطائرات مفهوم “الحرب اللامركزية”، حيث تستطيع وحدات صغيرة تنفيذ هجمات مستقلة ضد أهداف معادية دون الاعتماد على دعم مركزي من المدفعية أو الطيران التقليدي.
وتتيح طبيعتها منخفضة التكلفة وقابليتها للاستهلاك تنفيذ هجمات مكثفة أو تضليلية على أهداف عالية القيمة، مع ميزة لوجستية واضحة تتمثل في سهولة النقل والتخزين والنشر.
الجيش الأمريكي يستعد لعقيدة قتالية جديدة
مع استمرار الجيش الأمريكي في دمج أنظمة PBAS ضمن تشكيلاته القتالية، سيلعب ما يتم جمعه من دروس خلال هذه التجارب دورًا حاسمًا في صياغة العقيدة العسكرية المستقبلية.
الهدف واضح وهو توفير أدوات دقيقة، سريعة النشر، ومنخفضة التكلفة، تعزز فاعلية الجندي الأمريكي على خط المواجهة وتُمكّنه من حسم المعركة عبر التكنولوجيا الذكية.
اقرأ أيضاً.. سقوط أسطورة الميركافا.. كيف تحولت درة الصناعات العسكرية الإسرائيلية إلى فريسة بحرب غزة؟