أمريكا تخوض “معركة جديدة مع الصين بنصف مليار دولار” .. سباق تسلح على معادن الأرض النادرة

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية استثمارًا ضخمًا بقيمة 550 مليون دولار في شركة “إم بي ماتيريالز”، المنتج الأمريكي الأبرز للمعادن الأرضية النادرة.
هذا الاستثمار، الذي يجمع بين قرض قيمته 150 مليون دولار و400 مليون دولار كتمويل بأسهم ممتازة، يهدف إلى فك الاعتماد الأمريكي على الصين في تأمين هذه الموارد الاستراتيجية.
أمريكا تُشعل حرب المعادن النادرة .. نصف مليار دولار لكسر احتكار الصين
يقع هذا التحرك في قلب صحراء موهافي بكاليفورنيا، حيث يقف منجم “ماونتن باس” كالحصن الأخير للولايات المتحدة في معركة المعادن.
هذه المعادن، وعددها 17 عنصرًا نادرا أبرزها النيوديميوم والديسبروسيوم، تشغل أنظمة التوجيه الصاروخي، والطائرات الشبحية، والرادارات الحديثة، إضافة إلى محركات السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح.
ورغم وفرتها الجيولوجية، إلا أن صعوبة تكريرها وتشتتها الجغرافي جعلت الصين تتربع على عرش الإنتاج العالمي، مُكررةً 91% من إمدادات العالم – بحسب وكالة الطاقة الدولية.
الصين .. قوة ناعمة ذات قبضة حديدية
تستغل بكين هذه السيطرة كورقة ضغط استراتيجية. ففي عام 2010، أوقفت صادراتها من هذه المعادن إلى اليابان إثر نزاع إقليمي، ما أدى إلى اضطراب واسع في السوق.
اليوم، مع تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين، تسعى أمريكا لتفادي تكرار هذا السيناريو عبر تعزيز قدراتها المحلية.
إم بي ماتيريالز.. الأمل الأمريكي في كسر الحلقة الصينية
تُعد شركة “إم بي ماتيريالز” حجر الزاوية في هذا المسعى، لكنها تواجه تحديات معقدة.
ورغم إدراجها في البورصة عام 2020، فشلت في بلوغ أهدافها المالية في 2023، ولاتزال تعتمد جزئيًا على شركة “شينغي ريسورسز” الصينية، التي تمتلك حصة فيها وتشتري مركزات خام من منجمها الأمريكي.
ومع تمويل البنتاجون، تسعى الشركة لبناء منشآت تكرير محلية ومصانع لإنتاج مغناطيسات النيوديميوم-البراسيوديميوم، وهي المكونات الأساسية في التطبيقات العسكرية والمدنية على حد سواء.
ساحة المعركة الجديدة: المعادن بدلًا من البارود
تكشف الوثائق أن هذه المعادن تُضاعف دقة الصواريخ بنسبة 30%، وتُعزز كفاءة المحركات، وتُقلل البصمة الرادارية للطائرات الحربية. في الوقت ذاته، يعتمد عليها التوسع في إنتاج السيارات الكهربائية وتوليد الطاقة المتجددة.
غير أن السيطرة الصينية على البنية التحتية للتكرير مازالت تمثل عقبة رئيسية، وسط مخاوف من رد انتقامي من بكين عبر إغراق السوق أو فرض قيود جديدة على التصدير.
سباق لا يحتمل التباطؤ
في ظل التحديات المالية والتقنية، تبقى قدرة “إم بي ماتيريالز” على تحقيق الاستقلالية موضع شك.
التكرير يتطلب استثمارات تتجاوز 500 مليون دولار، وعمالة ماهرة، وبنية تحتية معقدة. كما أن الانقسامات السياسية داخل واشنطن – مثل تشكك بعض صقور الجمهوريين في مشاريع الطاقة النظيفة – قد تُعرقل الطلب المحلي.
المنافسة تتسع .. والرهان على من يقود المستقبل
فيما تتحرك أمريكا بسرعة، تُبادر دول أخرى للحاق بالسباق. الاتحاد الأوروبي يسعى للاكتفاء الذاتي بنسبة 20% بحلول 2030، بينما تحاول اليابان استغلال التعدين في أعماق البحار.
وفي المقابل، تُعزز الصين قبضتها بإيرادات تفوق 1.2 مليار دولار من صادرات المعادن في عام 2024 فقط.
معركة الموارد الجديدة .. من يتحكم في مفاتيح التكنولوجيا؟
صفقة البنتاغون مع “إم بي ماتيريالز” ليست مجرد استثمار اقتصادي، بل إعلان نوايا. إنها تمثل بداية معركة استراتيجية ستُحدد مَن يمتلك مفاتيح القوة في القرن الحادي والعشرين.
كما إنها مواجهة تتجاوز الصواريخ والدبابات لتطال عناصر غير مرئية في باطن الأرض، لكنها تصنع مستقبل الحروب والتكنولوجيا .. فهل تكسب واشنطن المعركة قبل أن يُغلق بكين باب المعادن؟
اقرأ أيضاً.. خلافات ألمانية-فرنسية تعصف بمشروع المقاتلة FCAS وبرلين ترد بطلب 15 مقاتلة F-35 إضافية