اقتصاد

أوروبا تأمن وتحدث علاقاته في مجال الطاقة مع مصر والجزائر

يسعي الاتحاد الأوروبي نحو مستقبل أقل اعتمادا على الغاز وزيادة الاعتماد علي الطاقة المتجددة، لذا يسلط تحليل ريتشارد سميث وماريا باستوخوفا، المنشور علي موقع مؤسسة E3G الفكرية، الضوء علي علاقة الكتلة الأوروبية مع شركاء الطاقة الرئيسيين، مثل مصر والجزائر، وما تتطلبه هذه العلاقات من إعادة ضبط.

تعتمد العلاقات بين الإتحاد الأوروبي ومصر والجزائر، تاريخيًا على واردات الغاز، وتواجه الآن نقطة تحول، حيث سعي الاتحاد الأوروبي للإبتعاد عن الغاز الروسي وتطلع إلى تعزيز أمن الطاقة الإقليمي من خلال مصادر الطاقة المتجددة.

انحدار الغاز: التأثيرات على مصر والجزائر

كان الغاز محوريًا لعلاقات الطاقة بين الاتحاد الأوروبي وكل من مصر والجزائر، لكن ديناميكيات السوق المتغيرة تجبر على إعادة التقييم.

انخفض الطلب على الغاز في الاتحاد الأوروبي بشكل حاد، حيث انخفض بنسبة 18٪ في عام 2023 مقارنة بعام 2019، مع توقعات بانخفاض آخر بنسبة 50٪ بحلول عام 2030. ويعود هذا الانخفاض إلى التزام الاتحاد الأوروبي بإزالة الكربون وأمن الطاقة، مما يشير إلى مستقبل متضائل لواردات الغاز من جيرانه الجنوبيين.

أقرا أيضا.. مصر الدولي للطيران..دخول جريء لعالم المعارض الجوية الدولية

بالنسبة للجزائر، يشكل هذا التحول تهديدًا وجوديًا. يعتمد اقتصاد البلاد بشكل كبير على صادرات الوقود الأحفوري، وكان معدل تنويعها بطيئًا. مع تشكيل المشترين الأوروبيين لجزء كبير من سوق الغاز الجزائري، فإن انخفاض الطلب من الاتحاد الأوروبي يجعل الجزائر عرضة للخطر، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار اقتصادها الهش بالفعل.

يحذر خبراء اقتصاديون، مثل محلل الطاقة بيير نويل، من أن افتقار الجزائر إلى الاستعداد قد يؤدي إلى تفاقم البطالة وخنق النمو إذا فشلت البلاد في التحول نحو اقتصاد أكثر تنوعًا.

تكافح مصر تحديات الطاقة الخاصة بها. أدت مشاكل إمدادات الغاز، التي تفاقمت بسبب ارتفاع الطلب على الكهرباء، إلى إجهاد الاقتصاد المصري.

الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة: طريق نحو المنفعة المتبادلة

تتمتع كل من مصر والجزائر بإمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ويزعم الخبراء أن تحويل تركيز الاتحاد الأوروبي على الطاقة نحو دعم القدرة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة في هذين البلدين يوفر فوائد متبادلة.

لن يعالج هذا التعاون احتياجات مصر والجزائر المتزايدة من الكهرباء فحسب، بل سيعزز أيضًا مرونتهما الاقتصادية من خلال تعزيز الصناعة المحلية وخلق فرص العمل وزيادة ثقة المستثمرين.

يؤكد ريتشارد سميث وماريا باستوخوفا، مؤلفا التحليل، أن الاتحاد الأوروبي يجب أن ينتهز “لحظة إعادة الضبط” الحالية لتحديث علاقاته في مجال الطاقة مع مصر والجزائر.

كما يقترحان إعطاء الأولوية لتوليد الطاقة المتجددة وتحسين الكفاءة وصادرات التكنولوجيا النظيفة. إن هذا التحول من شأنه أن يرفع من مكانة البلدين كلاعبين رئيسيين في قطاع الطاقة المتجددة، مع إمكانية تصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا وخارجها.

في المقابل، سوف يستفيد الاتحاد الأوروبي من استقرار إقليمي أكبر وزيادة القدرة التنافسية في سوق الطاقة النظيفة العالمية.

أقرا أيضا.. الخلافات بين مصر وإسرائيل في ظل حرب غزة

يدعم خبير الطاقة بول سايمونز هذا النهج، مسلطًا الضوء على أن العلاقة القائمة على الطاقة المتجددة من شأنها أن تضمن الاستقرار الطويل الأجل للاتحاد الأوروبي، في حين تعمل في الوقت نفسه على تعزيز الأمن الإقليمي.

يشير بول سايمونز أن المشاريع المتجددة في مصر والجزائر من شأنها أن توفر الاستثمار في البنية التحتية والعمالة التي تشتد الحاجة إليها، مما يخفف من بعض التحديات الاقتصادية التي تواجهها كل من البلدين. بالإضافة إلى ذلك، من خلال الطاقة المتجددة، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يعزل نفسه عن تقلبات أسواق الوقود الأحفوري.

لضمان انتقال ناجح نحو شراكة الطاقة المتجددة مع مصر والجزائر، يحدد التقرير عدة توصيات رئيسية:

1. تحويل التركيز من الغاز إلى الطاقة المتجددة

يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعمل على إعادة صياغة علاقاته في مجال الطاقة مع مصر والجزائر من خلال تركيز جهوده على تعزيز القدرة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة.

2. التحولات في مجال الطاقة ذات المنفعة المتبادلة

يتعين على الاتحاد الأوروبي الاستفادة من قنواته الدبلوماسية لتحديد أولويات مشتركة للتحولات في مجال الطاقة. ومن خلال توجيه التمويل الأوروبي إلى مشاريع الطاقة المتجددة، يمكن لكل من مصر والجزائر تسريع نشر حلول الطاقة النظيفة وبناء البنية الأساسية اللازمة لدعم التنمية المحلية والإقليمية.

3. تشجيع الأهداف الطموحة للطاقة المتجددة

يدعو التقرير الاتحاد الأوروبي إلى دعم مصر والجزائر في رفع طموحاتهما في مجال الطاقة المتجددة. وقبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثلاثين، يمكن للاتحاد الأوروبي مساعدة هذه الدول في مراجعة مساهماتها الوطنية المحددة لتعكس أهدافًا أكثر للطاقة المتجددة، وبالتالي ضمان الالتزام بأمن الطاقة على المدى الطويل والقدرة على الصمود في مواجهة المناخ.

تلعب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دورًا حاسمًا في دعم تطوير الطاقة المتجددة في مصر والجزائر:

إسبانيا وإيطاليا واليونان

ينبغي لهذه الدول أن تركز على وضع نفسها كمراكز للطاقة لواردات الكهرباء المتجددة من شمال إفريقيا. من خلال مساعدة مصر والجزائر على بناء القدرة على الاستهلاك المحلي والتصدير، يمكن لهذه الدول الأعضاء تعزيز أمنها في مجال الطاقة مع المساهمة في الاستقرار الإقليمي.

يشجع التقرير ألمانيا على توسيع شراكاتها في مجال الطاقة مع مصر والجزائر إلى ما هو أبعد من الهيدروجين، مع التركيز بشكل أكبر على مبادرات الطاقة المتجددة والكفاءة. وهذا من شأنه أن ينوع إمدادات الطاقة في ألمانيا مع دعم أهدافها المناخية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى