أوروبا تستكشف أقمارا صناعية للاستخبارات العسكرية لتقليل الاعتماد على أمريكا

يدرس الاتحاد الأوروبي إنشاء شبكة أقمار صناعية للاستخبارات العسكرية، في ظل تزايد المخاوف بشأن موثوقية الولايات المتحدة كشريك دفاعي.
وفقا لفاينانشال تايمز، تأتي هذه الخطوة في أعقاب تعليق الرئيس دونالد ترامب المؤقت مؤخرًا لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، مما أكد اعتماد أوروبا المستمر على الولايات المتحدة للحصول على بيانات دفاعية واستخباراتية بالغة الأهمية.
أقمارًا صناعية للاستخبارات العسكرية: خطوة نحو الاستقلالية
يهدف نظام الأقمار الصناعية الجديد، الذي لا يزال في مراحله الأولى من التخطيط، إلى تزويد أوروبا بمعلومات استخباراتية جغرافية مكانية مُحسّنة للكشف عن التهديدات مثل التحركات العسكرية وتنسيق العمليات العسكرية في جميع أنحاء القارة.
أكد أندريوس كوبيليوس، مفوض الدفاع والفضاء في الاتحاد الأوروبي، على أهمية تطوير شبكة أقمار صناعية تُكمل البرامج الأوروبية الحالية، مثل نظام كوبرنيكوس لرصد الأرض.
بخلاف نظام كوبرنيكوس، الذي يُقدّم تحديثات حول تغيّر المناخ والكوارث الطبيعية كل 24 ساعة، ستحتاج شبكة الأقمار الصناعية العسكرية المقترحة إلى تقديم تحديثات أكثر تواترًا، ويُفضّل أن تكون كل 30 دقيقة.
سيُتيح وقت الاستجابة الأسرع هذا للقوات الأوروبية الحصول على معلومات استخباراتية آنية حول الأنشطة العسكرية، مما يُحسن بشكل كبير من جاهزية القارة الدفاعية.
أقرا أيضا.. النقاش النووي في أوروبا.. هل تستغني عن المظلة النووية الأمريكية؟
التحديات التكنولوجية والمالية
في حين تُعتبر شبكة الأقمار الصناعية الجديدة استثمارًا ضروريًا، أقر كوبيليوس بالتحديات المالية والتكنولوجية الكبيرة التي تنتظرنا.
سيتطلب بناء مثل هذا النظام نشر عشرات الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض، بحيث يُقدّم كل قمر صناعي تحديثات عالية التردد.
من المتوقع أن تكون تكلفة هذه المبادرة باهظة، وسيستغرق تطويرها وقتًا. في ضوء هذه التحديات، يدرس كوبيليوس نهجًا تجاريًا مؤقتًا، يسمح للاتحاد الأوروبي باستئجار خدمات الأقمار الصناعية قبل تشغيل النظام بالكامل.
أقمارًا صناعية للاستخبارات العسكرية: خطط الدفاع الأوسع
بالإضافة إلى نظام الأقمار الصناعية العسكري، يُطور الاتحاد الأوروبي أيضًا شبكة IRIS² للنطاق العريض، والتي ستعمل في مدار أرضي منخفض. يهدف مشروع IRIS² إلى تعزيز التواصل بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وضمان تواصل وتنسيق أفضل، لا سيما في الأنشطة الدفاعية.
كما أشار كوبيليوس إلى خطة الدفاع الأوسع للمفوضية، والتي تتضمن قروضًا بقيمة 150 مليار يورو للدول الأعضاء. تهدف الخطة إلى تحسين القدرات الدفاعية الأوروبية من خلال السماح للدول بتجاوز القواعد المالية وزيادة إنفاقها الدفاعي بما يصل إلى 650 مليار يورو.
تأمل المفوضية الأوروبية أن يُقلل هذا من الاعتماد على الولايات المتحدة في مجالات مثل سعة النقل الجوي، والتزود بالوقود جوًا، وأنظمة الإنذار والمراقبة الجوية.
الحاجة الاستراتيجية للدفاع الصاروخي
كجزء من الخطة، سلّط كوبيليوس الضوء على الحاجة الماسة إلى نظام دفاع صاروخي أوروبي جماعي، والذي قدّر تكلفته بحوالي 500 مليار يورو.
سيوفر هذا النظام تغطيةً شاملةً للأراضي الأوروبية بأكملها، مما يضمن عدم تعرض الدول الأعضاء لتهديدات الصواريخ. وجادل كوبيليوس بأن تطوير مثل هذا النظام بشكل مشترك، بدلاً من فردي، سيكون أكثر كفاءةً وفعالية.
نهج دفاعي موحد للاتحاد الأوروبي
تعمل المفوضية الأوروبية أيضًا على خطة تسمح للدول الأعضاء بشراء الأسلحة بشكل مشترك، وتجميع الطلب لضمان أسعار أفضل.
أشار كوبيليوس إلى أن هذا النهج قد يدعم أيضًا جهود أوكرانيا الدفاعية، نظرًا لأن الأسلحة الأوكرانية غالبًا ما تكون أرخص بكثير من نظيراتها الغربية، وفي الوقت نفسه يُعزز الاقتصاد الأوكراني.
في ظل سعي أوروبا إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، أصبحت استراتيجية الاتحاد الأوروبي الدفاعية أكثر توحيدًا.
ستُعطي خطة الدفاع القادمة، المقرر مناقشتها بمزيد من التفصيل في الأسابيع المقبلة، الأولوية للمجالات الاستراتيجية التي اعتمد فيها الاتحاد الأوروبي تقليديًا على القدرات الأمريكية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ.
يعتقد كوبيليوس أنه من الضروري للاتحاد الأوروبي تطوير قدراته الدفاعية الشاملة لضمان أمنه في مواجهة التهديدات العالمية المتغيرة.