إثيوبيا تحشد قواتها المسلحة ضد متمردين في إقليم أمهرة 

التصعيد في إثيوبيا: القوات الفيدرالية تحشد قواتها وسط تمرد أمهرا المتصاعد

مرة أخرى، تشهد إثيوبيا اضطرابات مع انتشار القوات الفيدرالية بأعداد كبيرة في منطقة أمهرة، حيث استمر التمرد المستمر لأكثر من عام، وفقا لما نشره موقع سبيس وور.

حسب ما نقله خاص عن مصر، في قلب هذا الصراع توجد ميليشيا فانو، وهي جماعة مسلحة قديمة مرتبطة بالجماعة العرقية الأمهرية، والتي حملت السلاح ضد الحكومة بعد محاولات نزع سلاح القوات الإقليمية. ومع تصاعد الصراع، أثارت التقارير عن الاعتقالات التعسفية والعنف المتزايد مخاوف بشأن الاستقرار السياسي والاجتماعي في إثيوبيا.

صعود فانو: قوة الدفاع عن النفس الأمهرية

ظهرت ميليشيا فانو، ذات الجذور العميقة في الجماعة العرقية الأمهرية، كقوة “دفاع عن النفس”، تدافع عن حماية مصالح الأمهرية. اندلعت التوترات بين الميليشيا والحكومة الفيدرالية الإثيوبية في أبريل 2023 عندما حاولت الحكومة نزع سلاح القوات الإقليمية. وقد أثار هذا التحرك تمردًا، مما أشعل فتيل مواجهات عنيفة في جميع أنحاء ولاية أمهرة، التي يقطنها حوالي 23 مليون شخص.

كثفت ميليشيا فانو، المعروفة ببنيتها اللامركزية وافتقارها إلى القيادة الموحدة، هجماتها على القوات الفيدرالية على مدار العام الماضي. وفي عدة حالات، سيطر مقاتلو فانو لفترة وجيزة على البلدات والمدن، مؤكدين نفوذهم في المنطقة ومتحدين الحكومة الفيدرالية.

رد الحكومة: حالة الطوارئ والتعزيزات العسكرية

لاحتواء الاضطرابات المتزايدة، أعلنت الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ في أغسطس 2023، وهو الإجراء الذي ظل ساريًا حتى يونيو 2024. وعلى الرغم من انتهاء حالة الطوارئ، لم يُظهر التمرد أي علامات على التراجع. وفي الأسابيع الأخيرة، كانت هناك زيادة ملحوظة في الوجود العسكري الفيدرالي في أمهرة، حيث تسعى الحكومة إلى إعادة تأكيد السيطرة على المنطقة.

أكد مصدر أمني لوكالة فرانس برس أن “التعزيزات العديدة” تم نشرها في أمهرة خلال الأسبوعين الماضيين، إلى جانب اعتقال مسؤولين يشتبه في تعاونهم مع ميليشيا فانو. وتعكس هذه الاعتقالات النهج العدواني للحكومة في القضاء على ما تعتبره تهديدات داخلية، على الرغم من أن هذا أدى إلى مخاوف متزايدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.

مخاوف حقوق الإنسان: تحذيرات منظمة العفو الدولية

وسط التوترات المتصاعدة، أثارت منظمة العفو الدولية ناقوس الخطر بشأن ما وصفته بـ “الاعتقالات التعسفية الجماعية” في أمهرة.

سلطت المجموعة الحقوقية الضوء على أن السلطات اعتقلت أفرادًا، بما في ذلك أعضاء من المجتمع الأكاديمي، غالبًا دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. وأعرب تيجيري تشاغوتاه، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، عن قلقه قائلاً: “إن الحملة المستمرة التي يشنها الجيش والشرطة الإثيوبيان من الاعتقالات الجماعية التعسفية في منطقة أمهرة هي دليل آخر على تجاهل الحكومة التام لسيادة القانون”.

أقرا أيضا.. الصين تعرض بيع طائرات مقاتلة لمصر بديلًا للمعدات العسكرية الأمريكية

أدت هذه المزاعم إلى تعميق المخاوف من أن تؤدي تكتيكات الحكومة القاسية إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر، مع تآكل الثقة في مؤسسات الدولة. ومع تقييد الوصول إلى أمهرة، أثبت التحقق المستقل من هذه المزاعم أنه أمر صعب، مما ترك العديد من الأسئلة دون إجابة حول النطاق الحقيقي للصراع.

الاشتباكات والضحايا: العنف في ديبارك

وقعت إحدى أكثر بؤر العنف اشتعالاً في 17 سبتمبر في ديبارك، وهي بلدة في أمهرة تقع على بعد 750 كيلومتراً شمال العاصمة أديس أبابا. اشتبكت القوات الفيدرالية مع مقاتلي فانو، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل، معظمهم من المدنيين. ويؤكد حادث ديبارك على التكلفة البشرية للصراع، حيث يجد المدنيون أنفسهم بشكل متزايد محاصرين في تبادل إطلاق النار بين القوات الحكومية والميليشيات.

أصبحت مثل هذه الاشتباكات شائعة للغاية في المنطقة، مع تقارير عن العنف مصحوبة غالبًا بإصابات بين المدنيين. ويؤدي الافتقار إلى هيكل قيادة مركزي داخل ميليشيا فانو إلى تعقيد جهود السلام بشكل أكبر، حيث تعمل المجموعة باستقلال نسبي وغالبًا ما تتصرف بشكل غير متوقع.

السياق التاريخي: الصراع بين أمهرة وتيجراي

يمكن إرجاع جذور الصراع الحالي في أمهرة إلى الحرب الأهلية الوحشية التي خاضتها إثيوبيا مع منطقة تيغراي المجاورة بين عامي 2020 و2022. وخلال الحرب، قاتلت ميليشيات فانو جنبًا إلى جنب مع القوات الفيدرالية، وكان العديد من الأمهريين يأملون في تأمين السيطرة على الأراضي المتنازع عليها في تيغراي. ومع ذلك، أحبطت اتفاقية السلام الموقعة بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وزعماء تيغراي في نوفمبر 2022 هذه الطموحات الإقليمية.

لقد أدت الخيانة لمصالح الأمهريين في أعقاب اتفاقية السلام إلى تأجيج الكثير من الاضطرابات الحالية. يعتقد الكثيرون داخل مجتمع الأمهرة، وخاصة أولئك المتحالفين مع فانو، أنهم حُرموا من مطالبهم المشروعة، مما ترك شعورًا بالاستياء العميق تجاه الحكومة الفيدرالية. وقد ساهم هذا الشعور بالظلم في التمرد المستمر، حيث تسعى ميليشيات فانو إلى تأكيد استقلاليتها وتحدي سلطة الحكومة المركزية.

زر الذهاب إلى الأعلى