إسرائيليون تضامنوا معهم.. كيف أشعلت صورة “جوعى غزة” الغضب ضد حكومة نتنياهو؟

في مشهد صادم تناقلته منصات التواصل الاجتماعي بسرعة البرق، ظهر آلاف الفلسطينيين من جوعى غزة في غرب مدينة رفح، جنوب القطاع ، وهم يتدافعون في يأس للحصول على مساعدات غذائية شحيحة.

وبحسب تقارير فقد اندفع آلاف المواطنين، بينهم نساء وأطفال، نحو المركز بعد أشهر من الحرمان، متجاوزين الحواجز ومقتحمين المكان للحصول على صناديق الطعام.

وأقر الجيش الإسرائيلي بإطلاق “طلقات تحذيرية” لاستعادة السيطرة، بينما تحدث فلسطينيون عن إطلاق نار “مخيف”.

الصورة التي وصفت بـ”المهينة”، لم تثر غضب الفلسطينيين فحسب، بل أحدثت موجة استنكار غير مسبوقة حتى داخل إسرائيل نفسها، مسلطة الضوء على عمق الأزمة الإنسانية وموجهة سهام النقد إلى سياسات حكومة بنيامين نتنياهو.

ردود فعل إسرائيلية غير متوقعة على مشهد جوعى غزة

لم يقتصر الغضب على الفلسطينيين الذين يعانون ويلات الحصار والجوع، بل امتد ليصل إلى أصوات إسرائيلية بارزة. الأكاديمي الإسرائيلي ومضيف البودكاست الجيوسياسي، شائيل بن أفرايم، علق بتهكم مرير على منصة “إكس” قائلاً: “لا تقلقوا.. لقد أكدوا لي أن هذا ليس معسكر اعتقال”.

ولم يتردد في تغريدة لاحقة بتشبيه المشهد بمعسكرات الاعتقال النازية، في مقارنة تعكس مدى فداحة الصورة في الوعي الإسرائيلي.

بدوره، وصف الناشط الإسرائيلي ألون لي جرين المشهد بـ”المروع”، معتبراً أنه يجسد “بشكلٍ مُريع سياسة الحكومة الإسرائيلية التدميرية، والقاضية بتجويع مليوني إنسان حتى الموت”.

مشهد جوعى غزة يفضح فشل إسرائيل

هذه الفوضى العارمة، التي بررتها مؤسسة غزة الإنسانية بـ”العدد الكبير جداً لطالبي المساعدة”، اعتبرها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة “فشلاً ذريعاً” لمشروع توزيع المساعدات الإسرائيلي، وإدانة لاستخدام الجوع “كسلاح حرب وأداة للابتزاز السياسي”.
وتأسست “مؤسسة غزة الإنسانية” في جنيف في فبراير الماضي، لكنها سرعان ما أصبحت محور جدل واسع. استقالة مديرها التنفيذي، جيك وود، قبل أيام من بدء عمليات التوزيع، معللاً ذلك بعدم قدرة المنظمة على الالتزام بالمبادئ الإنسانية الأساسية كالـ”حياد وعدم التحيز والاستقلالية”، ألقت بظلال من الشك حول طبيعة عملها.

الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى قاطعت المؤسسة، معتبرة أن آليتها تقوض مبدأ توزيع المساعدات بشكل مستقل عن أطراف النزاع. المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، وصف المشاهد بـ”المفجعة”، مؤكداً أن خطة المؤسسة “لا تتوافق مع مبادئنا الأساسية”.

غطاء إنساني لاستراتيجية عسكرية

تذهب الانتقادات إلى أبعد من مجرد التشكيك في حياد المؤسسة. منظمات غير حكومية، مثل “أكشن إيد”، اعتبرت أن “المساعدات المستخدمة للتستر على العنف المستمر ليست مساعدات، بل هي غطاء إنساني لإخفاء استراتيجية عسكرية للسيطرة ونزع الملكية”.

هذا الرأي يتقاطع مع ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين إسرائيليين بأن خطة المساعدات الجديدة “أعدها الإسرائيليون وطوَّروها إلى حدّ كبير كوسيلة لإضعاف حماس”.

تداعيات سياسية محتملة على حكومة نتنياهو بعد صورة جوعي غزة

الصورة “المهينة” وردود الفعل الغاضبة التي أثارتها، خاصة من داخل إسرائيل، تضع ضغوطاً إضافية على حكومة نتنياهو. ففي الوقت الذي يواجه فيه انتقادات دولية متزايدة ومذكرات اعتقال محتملة من المحكمة الجنائية الدولية،

تأتي هذه المشاهد لتؤجج السخط الداخلي وتزيد من صعوبة تسويق الحرب وسياساتها الإنسانية. المقارنات مع معسكرات الاعتقال النازية، حتى وإن كانت فردية، تحمل وزناً رمزياً كبيراً في المجتمع الإسرائيلي، وقد تساهم في تآكل الدعم الشعبي لسياسات الحكومة المتشددة تجاه غزة.

ووفق مراقبون فإن مشهد الجوع والفوضى، الذي فشلت آلية المساعدات الجديدة في احتوائه بل وربما فاقمته، يقدم صورة قاتمة عن إدارة الحكومة للأزمة الإنسانية، وقد يكون له تداعيات سياسية يصعب التكهن بمدى تأثيرها على المدى الطويل.

اقرأ أيضا

نتنياهو يخطب من أسفل الأقصى ومستوطنون يقتحمون المسجد.. ماذا يحدث في القدس؟

زر الذهاب إلى الأعلى