إسرائيل تبني قواعد عسكرية وسط غزة.. تساؤلات حول الاحتلال طويل الأمد
القاهرة (خاص عن مصر)- وسع الجيش الإسرائيلي عملياته بشكل كبير في وسط غزة، حيث قام ببناء قواعد عسكرية وهدم هياكل فلسطينية فيما يبدو أنه استعداد لاحتلال طويل الأمد.
يكشف تحليل مفصل أجرته صحيفة نيويورك تايمز – بالاستعانة بصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو وآراء الخبراء – عن مدى هذه التطورات، التي أثارت الجدل حول نوايا إسرائيل المستقبلية في المنطقة.
الوجود الإسرائيلي المتزايد في وسط غزة
منذ بدء حملتها في غزة في أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، احتلت إسرائيل ممر نتساريم، وهو طريق يبلغ طوله أربعة أميال يربط الحدود الإسرائيلية بالبحر الأبيض المتوسط.
في البداية كان الهدف من الاحتلال تقييد عودة الفلسطينيين النازحين شمالاً، وتطور إلى منطقة خاضعة لسيطرة عسكرية تبلغ مساحتها 18 ميلاً مربعًا، وفقًا لتصريحات الجيش الإسرائيلي وبيانات الأقمار الصناعية. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، هدمت القوات الإسرائيلية أكثر من 600 مبنى على طول الممر، مما أدى إلى إنشاء منطقة عازلة كبيرة وتحصين ما لا يقل عن 19 قاعدة، 12 منها إما تم بناؤها حديثًا أو تم توسيعها منذ سبتمبر.
تشمل القواعد ثكنات وخنادق دفاعية وأبراج اتصالات، مما يمكن إسرائيل من تنظيم الحركة داخل الجيب. وأوضح المقدم ناداف شوشاني، المتحدث العسكري الإسرائيلي، التوسع باعتباره ضرورة عملياتية، مؤكدًا أن هذه الهياكل يمكن تفكيكها بسرعة إذا لزم الأمر.
ومع ذلك، فإن البنية الأساسية تشير إلى استعدادات لاحتلال طويل الأمد، مما أثار تكهنات حول استراتيجية إسرائيل الأوسع نطاقًا في غزة.
اقرأ أيضا.. نتنياهو ليس صانع سلام.. وقف إطلاق النار في لبنان يعني الرعب والموت بغزة
تحول في الاستراتيجية
تاريخيًا، امتنعت إسرائيل عن الحفاظ على وجود طويل الأمد في غزة، حيث أخلت مستوطناتها ومواقعها العسكرية أثناء الانسحاب في عام 2005. ومع ذلك، تشير التصريحات الأخيرة من المسؤولين والمحللين الإسرائيليين إلى تحول نموذجي.
لقد أعلن المسؤول الإسرائيلي آفي ديختر أن إسرائيل “ستبقى في غزة لفترة طويلة”، في حين زعم العميد المتقاعد أمير أفيفي أن عصر “الانسحاب والانفصال” قد انتهى. وقد سلط أفيفي، الذي يتشاور بشكل متكرر مع قادة الأمن الإسرائيليين، الضوء على الإجماع المتزايد على الحفاظ على السيطرة، قائلاً: “إن الحقائق تتحدث عن نفسها”.
وبينما استبعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة في الوقت الحالي، ألمح مسؤولون آخرون إلى تطورات مستقبلية محتملة في هذا الاتجاه.
التأثير على غزة وشعبها
لقد كان لتوسيع ممر نتساريم عواقب مدمرة على المجتمعات الفلسطينية. فقد تم محو قرى مثل المغراقة، التي كانت موطنًا لأكثر من 10 آلاف نسمة، تقريبًا، وتُظهِر صور الأقمار الصناعية دمارًا واسع النطاق، ولم يبق في المنطقة سوى الأنقاض.
يصف السكان مثل بشير أبو كميل، الذي فر مع عائلته إلى جنوب غزة، خسارة منازلهم وسبل عيشهم بأنها دائمة، ويأسف أبو كميل قائلاً: “لم يتبق سوى الدمار”.
يزعم المسؤولون الإسرائيليون أن عمليات الهدم هذه ضرورية للأمن، زاعمين أن مقاتلي حماس استخدموا العديد من الهياكل كنقاط مراقبة ومخابئ، وتعرض مقاطع فيديو نشرها مهندسو القتال الإسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعي عمليات هدم محكومة للمباني الفلسطينية.
ردود الفعل الأمريكية والدولية
أعربت إدارة بايدن عن معارضتها للوجود الإسرائيلي الطويل الأمد في غزة، مؤكدة على رؤيتها لغزة كجزء من دولة فلسطينية مستقبلية.
وفي الوقت نفسه، حث الرئيس المنتخب دونالد ترامب إسرائيل على إنهاء الحرب دون تحديد شروط لحكم غزة بعد الحرب.
عدم اليقين في المستقبل
تشير تصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة إلى تحول كبير في نهجه تجاه المنطقة، حيث تشير القواعد المحصنة والسيطرة الواسعة إلى الابتعاد عن سياسات الانسحاب السابقة.
وبينما يصف المسؤولون هذه التطورات بأنها ضرورية للأمن، فإن تدمير المنازل والمجتمعات الفلسطينية يرسم صورة قاتمة لمستقبل غزة تحت السيطرة الإسرائيلية الممتدة.
يحذر الخبراء من أن هذه التغييرات قد تعزز قبضة إسرائيل على غزة، وإعادة تشكيل ديناميكيات المنطقة لسنوات قادمة، ما يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه استراتيجية عسكرية مؤقتة أم أنها الأساس لوجود دائم، ولكن التأثير على سكان غزة لا يمكن إنكاره بالفعل.