إسرائيل تبيد الأطفال الفلسطينيين والغرب يشاهد بلا استنكار

قُتل عامر محمد ربيع، أحد الأطفال الفلسطينيين والمواطن الأمريكي البالغ من العمر 14 عامًا، برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وفقًا لمقال نشرته الجارديان، بقلم أحمد إبسيس، شاعر فلسطيني أمريكي من الجيل الأول.
اتسمت هذه المأساة بغياب مروع للمساءلة أو الاعتراف، مع غياب أي تحقيق في وفاته وغياب أي استنكار شعبي من القوى الغربية. يُعدّ مقتل عامر تذكيرًا قاتمًا بالعنف المستمر الذي يستهدف الأطفال الفلسطينيين – وهو عنف أصبح جزءًا متكررًا من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
لقد أُخمدت حياته، كحياة العديد من الأطفال الفلسطينيين، دون أي عواقب، كاشفةً عن اتجاه مقلق نحو التهميش واللامبالاة تجاه معاناة الفلسطينيين.
خسائر متزايدة في الأرواح بين الأطفال الفلسطينيين
يُعدّ مقتل عامر ربيع جزءًا من رواية أوسع وأكثر فظاعة: القتل الممنهج للأطفال الفلسطينيين. منذ أكتوبر 2023، لقي أكثر من 17000 طفل فلسطيني حتفهم في غزة.
تفاقم الوضع منذ استئناف إسرائيل هجومها في مارس 2025، حيث أفادت الأمم المتحدة بمقتل أو إصابة ما لا يقل عن 100 طفل يوميًا منذ ذلك الحين. في 36 غارة جوية موثقة فقط، استهدفت إسرائيل منازل مدنية، ولم يُعثر تحت الأنقاض إلا على نساء وأطفال – ليس مسلحين أو أهداف عسكرية، بل عائلات ومدنيين وأطفال.
ليست عمليات القتل حوادث معزولة. فمن الضفة الغربية إلى غزة، يُقتل الأطفال في منازلهم، وفي طريقهم إلى المدارس، وخلال الاحتجاجات، وحتى أثناء مشاركتهم في أعمال بسيطة كرشق الحجارة. هؤلاء الأطفال، العالقون في مرمى نيران الاحتلال المطول والعدوان العسكري، محرومون من حقهم الأساسي في النمو والتعلم والعيش بسلام.
التكلفة البشرية لحصار غزة
يتفاقم العنف ضد الأطفال الفلسطينيين بسبب الأزمة الإنسانية الحادة في غزة، المحاصرة منذ أكثر من عقد. منذ مارس 2025، فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا، مانعةً وصول مليوني نسمة من سكان غزة إلى الغذاء والوقود والأدوية والخدمات الأساسية.
دُمرت الأراضي الزراعية في غزة، وقُصفت قوارب الصيد، وأُغلقت مخابزها. أصبح البقاء على قيد الحياة صراعًا بشريًا، حيث تلجأ العائلات إلى غلي الأعشاب، أو أكل السلاحف، أو إنفاق مبالغ طائلة على الطعام. ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، فقد مات 57 طفلًا على الأقل جوعًا تحت الحصار.
وأفادت اليونيسف وأطباء بلا حدود أن الأطفال في غزة يعانون من سوء تغذية حاد، وجفاف، وجروح غير معالجة. وتوفي رُضّع بسبب انخفاض حرارة أجسامهم، ويصل الأطفال إلى المستشفيات بأجساد هزيلة، وجروح متحللة، دون موارد طبية لعلاجهم. هذه ليست حوادث معزولة، بل هي جزء من عنف متعمد وبطيء يستهدف الأطفال الفلسطينيين بشكل منهجي ويحرمهم من أي أمل في مستقبل أفضل.
نية إسرائيل: إبادة حياة الفلسطينيين
استهداف الأطفال ليس مجرد أضرار جانبية في حرب؛ بل هو سياسة استراتيجية تهدف إلى محو الحياة الفلسطينية. الأمر لا يتعلق بحماس، ولا بالأمن. إنه يتعلق بالقضاء على شعب من خلال استهداف أضعف أفراده: أطفاله.
تتجاوز هذه السياسة العنف الجسدي المتمثل في التفجيرات وإطلاق النار، بل تهدف إلى تجريد الفلسطينيين من حقهم في الحياة والذاكرة والتاريخ. تُدمر المدارس والمستشفيات والمنازل ليس فقط لأنها تؤوي الناس، بل لأنها رموز للمستقبل الفلسطيني، وتسعى حملة التدمير الإسرائيلية إلى حرمان الفلسطينيين من أي فرصة لمستقبلهم.
وثقت هيومن رايتس ووتش حالات عديدة لأطفال فلسطينيين أُعدموا دون مبرر على يد القوات الإسرائيلية – بإطلاق النار عليهم في الظهر أو الصدر أو أثناء ذهابهم إلى المدرسة.
العنف شخصي وحميم، وغالبًا ما يكون دون استفزاز. هذه ليست أفعالًا معزولة؛ بل هي جزء من جهد مستمر ومنسق لمحو الوجود والهوية الفلسطينية، وخاصة من خلال القضاء على أصغر أفرادها.
اقرأ أيضًا: رفع العقوبات عن سوريا.. هل يتعافى اقتصاد دمشق قريبًا أم أنها خطوة تتبعها آلاف الخطوات؟
الصمت الدولي ودور الولايات المتحدة
ما يزيد من بشاعة هذه المجازر هو الصمت الذي أعقبها. لقد مرّت وفاة عامر ربيع مرور الكرام على المجتمع الدولي. لم تُعقد إحاطات إعلامية من وزارة الخارجية، ولا بيانات من الكونغرس، ولا أي احتجاج من الحكومة الأمريكية.
بالمثل، لم يُعر الغرب أي اهتمام لمقتل آلاف الأطفال الفلسطينيين، ولا يزال المجتمع الدولي متواطئًا في العنف المستمر بسبب دعمه المستمر لإسرائيل.
تُموّل الولايات المتحدة العمليات العسكرية الإسرائيلية بما يصل إلى 3.8 مليار دولار سنويًا، وتُستخدم أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لتمويل القنابل التي تقتل الأطفال الفلسطينيين. هذا الدعم ليس بلا عواقب – فكل رصاصة تقتل طفلًا فلسطينيًا، وكل قنبلة تُبيد عائلة، تُمكِّنها هذه الأموال.
اتفاقيات جنيف واضحة: يجب حماية المدنيين، وخاصة الأطفال، أثناء النزاعات المسلحة. ومع ذلك، في غزة والضفة الغربية، تُتجاهل القوانين الدولية التي تهدف إلى حماية أرواح الفلسطينيين، وتمارس إسرائيل أفعالها في ظل إفلات من العقاب. إن تقاعس العالم عن محاسبة إسرائيل يسمح باستمرار دوامة العنف دون هوادة، دون أي عواقب حقيقية على مرتكبي هذه الفظائع.
مستقبل محروم
لا تقتصر حملة إسرائيل ضد الأطفال الفلسطينيين على عنف اليوم فحسب، بل تشمل أيضًا الحرمان الممنهج من مستقبل الفلسطينيين.
عندما يُقتل الأطفال، أو عندما يتضورون جوعًا، أو عندما يُحرمون من التعليم، يُمحى مستقبلهم بالكامل. هذه ليست سياسة مجردة؛ بل هي جهد مقصود ومنسق لمنع الفلسطينيين من الوجود كشعب ذي مستقبل. إنها محاولة لمحو ذكراهم وتاريخهم، لجعلهم غير مرئيين وغير جديرين بالحياة.
كان عامر ربيع أكثر من مجرد رقم. كان طفلًا، له آمال وأحلام ومستقبل. ومثل كثيرين غيره، حُرم من فرصة تحقيق تلك الأحلام لمجرد كونه. ينبغي أن يكون موته، وموت عدد لا يُحصى من الأطفال الفلسطينيين الآخرين، سببًا لاستنكار دولي. لكن بدلًا من ذلك، قوبل بالصمت والتواطؤ، والدعم المستمر للقوى المسؤولة.