إسرائيل تتهم عددا «غير مسبوق» من الإسرائيليين بالتجسس لصالح إيران
القاهرة (خاص عن مصر)- كشفت السلطات الإسرائيلية عن موجة غير مسبوقة من أنشطة التجسس، حيث تم اعتقال أكثر من 30 مواطنا إسرائيليا على مدار العام الماضي بتهمة التجسس لصالح إيران.
وفقا لتقرير سي أن أن، يُزعم أن المشتبه بهم، بما في ذلك عدد كبير من الإسرائيليين اليهود، نفذوا مجموعة متنوعة من المهام، من تصوير القواعد العسكرية إلى التخطيط لاغتيالات رفيعة المستوى.
يمثل هذا اتجاها جديدا ومثيرا للقلق في الحرب السرية الجارية بين إسرائيل وإيران، حيث يسلط الخبراء الضوء على مدى تكثيف إيران لجهودها في جمع المعلومات الاستخباراتية.
عمليات الاستخبارات الإيرانية المتنامية
يتزامن ارتفاع حالات التجسس مع زيادة الضربات الصاروخية الإيرانية على أهداف إسرائيلية، مثل قاعدة نيفاتيم الجوية، التي ضربتها صواريخ إيرانية في أكتوبر 2024.
تزعم السلطات الإسرائيلية أن جواسيس إيرانيين تم نشرهم لتصوير مواقع عسكرية رئيسية في إسرائيل، بما في ذلك القاعدة الجوية.
وبحسب الشرطة، بدا هؤلاء الأفراد عاديين ويعانون من صعوبات مالية، مما جعلهم أهدافًا رئيسية للتجنيد. وقد قدم عملهم المزعوم معلومات استخباراتية قيمة ربما ساهمت في نجاح الضربات الإيرانية.
وصف المشرف ماور جورين، الذي يشرف على تحقيقات مكافحة التجسس لصالح شرطة إسرائيل، الارتفاع في التجسس بأنه غير مسبوق. وقال جورين، وهو يتأمل حجم الاعتقالات: “في العقود القليلة الماضية، كان بإمكاننا أن نحصي على أصابع اليدين عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم بتهمة التجسس لصالح إيران”.
أقرا أيضًا.. أنهار وبحيرات بريطانيا تحتوي على بكتيريا ضارة وملوثة بجينات جراثيم خارقة
خلية التجسس في حيفا واعتقالات أخرى
من بين أبرز الاعتقالات كانت مجموعة من سبعة أفراد من حيفا، بما في ذلك زعيم الخلية المزعوم، عزيز نيسانوف. تزعم الشرطة الإسرائيلية أن نيسانوف، وهو مهاجر أذربيجاني، ومجنديه صوروا مواقع استراتيجية مختلفة في جميع أنحاء إسرائيل على مدى عامين.
شملت هذه المواقع بطاريات القبة الحديدية والقواعد العسكرية، والتي استهدفت بعضها لاحقًا بالصواريخ الإيرانية أو حليفها اللبناني، حزب الله.
وبحسب ما ورد، كان المشتبه بهم يتقاضون ما بين 500 و1200 دولار لكل مهمة، ويُزعم أن بعض صورهم ساعدت في دقة الضربات الصاروخية.
قال جورين: “لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين ما إذا كانوا مسؤولين بشكل مباشر عن الهجمات، لكنهم كانوا هناك من قبل”، مشيرًا إلى أن أفعالهم ربما سهلت الضربات. وعلى الرغم من هذه الاتهامات، يزعم محامي نيسانوف أن موكله لم يكن لديه أي فكرة عن أنه كان يعمل لصالح إيران وكان مدفوعًا ببساطة باليأس المالي.
ملف المتهمين: المهاجرون والأهداف الضعيفة
ظهر نمط مقلق بين الأفراد المعتقلين: كثير منهم مهاجرون يعانون ماليًا. هذا الاتجاه ليس مصادفة. يشير خبراء الاستخبارات، بما في ذلك عوديد أيلام، رئيس مكافحة الإرهاب السابق في الموساد، إلى أن إيران نجحت بشكل خاص في تجنيد الأفراد المهمشين اجتماعيًا أو اقتصاديًا، مثل المهاجرين الذين لا تربطهم علاقات عميقة بإسرائيل.
أشار أيلام إلى أن هؤلاء الأفراد “فرائس أسهل بكثير” للعملاء الإيرانيين الذين يتطلعون إلى استغلال نقاط الضعف.
وقال أيلام، “إن الأشخاص اليائسين من جزء المجتمع الذي عادة ما يتم إهماله وتجاهله هم أهداف رئيسية للتجنيد”، مشددًا على الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لهذه الحملة التجسسية.
مخططات الاغتيال المزعومة ومهام أخرى
في حين كان العديد من الأفراد المعتقلين متورطين في أنشطة جمع المعلومات الاستخباراتية، واجه آخرون اتهامات أكثر خطورة، بما في ذلك المؤامرات لاغتيال مسؤولين إسرائيليين بارزين.
شملت إحدى هذه الحالات موتي مامان البالغ من العمر 73 عامًا، والذي يُزعم أنه حاول تدبير اغتيال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار.
تزعم السلطات الإسرائيلية أن مامان تم تجنيده من قبل عملاء استخبارات إيرانيين، الذين هربوه إلى إيران في مناسبتين منفصلتين لمناقشة تفاصيل هذه المؤامرات.
وهناك حالة أخرى تتعلق بمشتبه به متهم بالتخطيط لاغتيال نيابة عن إيران باستخدام بندقية وذخيرة. تسلط هذه الحالات الضوء على مدى استهداف إيران للمسؤولين الإسرائيليين، مما يحول التجسس إلى قضية أكثر خطورة.
حرب الظل بين إيران وإسرائيل
لقد انخرطت إسرائيل وإيران منذ فترة طويلة في حرب استخباراتية خفية، حيث تستخدم كل من الدولتين تكتيكات سرية لتقويض الأخرى.
اشتهرت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وخاصة الموساد، بتنفيذ عمليات ناجحة داخل إيران، بما في ذلك اغتيال شخصيات رئيسية. ومع ذلك، في الأشهر الأخيرة، يبدو أن ميزان القوى قد تحول، حيث يبدو أن العملاء الإيرانيين نجحوا في التسلل إلى المجتمع الإسرائيلي، وتجنيد عدد متزايد من المطلعين.
إن تكتيكات التجنيد الإيرانية متنوعة وتشمل كل من الأساليب التقليدية للاتصال والأساليب الرقمية الأحدث. وقد كشفت الشرطة الإسرائيلية عن العديد من الحالات التي استخدم فيها عملاء إيرانيون منصات مثل تيليجرام لاستهداف الجواسيس المحتملين.
يقدم هؤلاء العملاء مبالغ مغرية من المال مقابل مهام تبدو غير ضارة، مثل تصوير المباني أو حتى إشعال الحرائق. ووفقًا لجورين، فإن “مهام الاختبار” الأولية هذه تجتذب الأفراد الضعفاء من خلال تقديم مكافآت مالية سريعة، ثم تتصاعد لاحقًا إلى أنشطة أكثر خطورة.
آراء الخبراء: الآثار الأوسع نطاقًا
يتفق الخبراء على أن العدد المتزايد من حالات التجسس يؤكد على تحول مقلق في المشهد الأمني في إسرائيل. ومع استهداف العملاء الإيرانيين بشكل متزايد للمواطنين الإسرائيليين، بما في ذلك المهاجرين وأولئك الذين يعانون من ضائقة مالية، تواجه إسرائيل تهديدًا داخليًا متزايدًا.
هذه ليست مجرد مسألة عدوان خارجي بل تتعلق بقدرة البلاد على حماية مواطنيها من التحول إلى عملاء لقوى أجنبية.
“يجب على إسرائيل أن تستجيب لهذا التحدي ليس فقط بعمليات استخباراتية أقوى ولكن من خلال معالجة الأسباب الجذرية التي تجعل بعض الأفراد أكثر عرضة للتجنيد”، كما قال عوديد أيلام، رئيس مكافحة الإرهاب السابق في الموساد. وهذا يعكس قلقًا أعمق من أن إيران لا تشارك فقط في التجسس التقليدي ولكنها تعمل أيضًا على تعزيز جيل جديد من العملاء داخل حدود إسرائيل.