إسرائيل تزعم التدخل لحمايتهم.. ماذا يحدث في “جرمانا” بريف دمشق؟

تصاعدت التوترات في مدينة جرمانا بريف دمشق على خلفية الاشتباكات الأخيرة بين قوى الأمن السورية ومجموعات مسلحة، ما استدعى ردود فعل داخلية وإقليمية، تخللها إعلان إسرائيلي عن استعداده “لحماية” الطائفة الدرزية في سوريا، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً حول نوايا تل أبيب الحقيقية ودورها في المشهد السوري بعد سقوط نظام الأسد.

إسرائيل تزعم الدفاع عن الدروز في جرمانا

أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس تعليماتهما لقوات الجيش الإسرائيلي بالبقاء على أهبة الاستعداد، مدّعين أن إسرائيل “لن تسمح بالمساس بمواطني جرمانا”.

وفي بيان رسمي، قال مكتب نتنياهو، إن تل أبيب “ملتزمة بأمن الطائفة الدرزية في سوريا”، مشيراً إلى أن السكرتير العسكري لرئيس الوزراء أجرى محادثات مع مسؤولين روس لبحث التطورات في سوريا، خصوصاً ما يتعلق بالتواجد الروسي في الساحل السوري.

تصعيد داخلي في جرمانا

اندلعت الاشتباكات في المدينة إثر حادثة مقتل أحد عناصر الأمن العام السوري وإصابة آخرين، بعد مشادة بين عناصر أمنية تابعة لوزارة الدفاع السورية ومجموعة مسلحة في المنطقة.

وبحسب مدير أمن ريف دمشق، فإن الاشتباكات بدأت عندما حاولت مجموعة عسكرية دخول جرمانا لزيارة أقاربهم، لكنهم مُنعوا من الدخول وهم مسلحون، ما دفعهم إلى تسليم أسلحتهم. غير أنهم تعرضوا لاحقًا للاعتداء والضرب، قبل أن يتم إطلاق النار عليهم بشكل مباشر، ما أدى إلى مقتل عنصر أمني وإصابة آخر.

كما هاجمت المجموعة المسلحة قسم الشرطة في المدينة، واستولت على الأسلحة، ما استدعى تدخل وجهاء المنطقة لإعادة السيطرة على الوضع، وتمكنت الوساطات من تأمين إطلاق سراح أحد العناصر المخطوفين.

الحكومة السورية تتوعد برد صارم لما حدث في جرمانا

أعلنت الأجهزة الأمنية أنها مستمرة في ملاحقة جميع المتورطين، مؤكدة أنها لن تسمح لأي جهة بتهديد أمن سوريا ووحدة أراضيها، مشددة على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في جرمانا والمناطق المجاورة.

في المقابل، خرجت الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في جرمانا ببيان رسمي تدين فيه مقتل عنصر الأمن العام، مؤكدة رفع الغطاء عن المتورطين وتسليمهم للعدالة.

إسرائيل والتدخل في سوريا

تزامن التحرك الإسرائيلي بشأن جرمانا مع إعلان نتنياهو رفضه دخول أي قوات سورية إلى جنوب دمشق، بما في ذلك قوات *هيئة تحرير الشام التي تقود الحكومة السورية حالياً، مطالباً بإقامة منطقة منزوعة السلاح بالكامل في القنيطرة ودرعا والسويداء.

تصريحات نتنياهو أثارت ردود فعل غاضبة داخل سوريا، حيث خرجت مظاهرات في عدة مدن سورية رفضًا لأي مخططات تقسيم أو تدخل إسرائيلي في الشأن الداخلي، مطالبين بانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي توغلت فيها منذ ديسمبر الماضي.

إسرائيل توسع انتشارها في الجولان

منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، كثفت إسرائيل وجودها في المنطقة العازلة بمرتفعات الجولان المحتل، حيث أقامت أكثر من 10 مواقع عسكرية جديدة، كما توغلت قواتها في مناطق شرقي جبل الشيخ.

ورغم تصريحات نتنياهو بأن الوجود الإسرائيلي في الجولان “مؤقت” وذو طابع دفاعي فإن التحركات الميدانية تشير إلى نية إسرائيلية لتثبيت هذا التواجد خصوصاً في ظل الفراغ الأمني الذي خلفه تغير السلطة في سوريا، ومحاولات العديد من القوى الإقليمية إعادة ترتيب المشهد في الجنوب السوري.

التحركات الروسية في سوريا

يأتي التصعيد الإسرائيلي في وقت تكثف فيه روسيا تحركاتها الدبلوماسية لضمان استمرار نفوذها في سوريا، حيث شهدت الأيام الماضية اجتماعات رفيعة المستوى بين مسؤولين روس وإسرائيليين، تناولت مستقبل النفوذ الروسي في الساحل السوري.

وبحسب تقارير، فإن موسكو تسعى للحفاظ على قاعدتيها العسكريتين في سوريا، في حين ترى إسرائيل أن أي انسحاب روسي قد يؤدي إلى تمدد النفوذ الإيراني، وهو ما تعتبره تهديدًا استراتيجيًا.

هل يتحول الجنوب السوري إلى ساحة صراع جديدة؟

مع استمرار هذه التطورات، تبدو المنطقة الجنوبية من سوريا أمام مرحلة جديدة من التوترات، حيث تبرز عدة عوامل قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد خاصة في ظل تدخل إسرائيل العسكري المتزايد في الجولان ومحيطه، بحجة منع تهديدات أمنية.
بجانب التوترات الداخلية بين الفصائل المحلية والقوى الأمنية السورية، والتي قد تفتح الباب أمام تدخلات خارجية.
إضافة إلي الدور الروسي في سوريا ومستقبل التنسيق مع إسرائيل خصوصاً مع تصاعد التنافس الإقليمي حول النفوذ في سوريا.

وبحسب تقارير ففي ظل هذه المعطيات، تبقى الأوضاع في جرمانا وباقي المناطق الجنوبية مرشحة لمزيد من التصعيد وسط تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تستغل الظروف الراهنة لتوسيع نفوذها، أم أنها تكتفي بالتحركات “المؤقتة” التي تبررها بحماية أمنها القومي؟

اقرأ أيضًا: فرحة مختلفة.. كيف استقبل السوريون أول رمضان بعد سقوط الأسد؟

زر الذهاب إلى الأعلى