إسرائيل تقصف جنوب لبنان وسط دعوات لوقف “حرب لا تنتهي”

في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، قامت الغارات الجوية والمدفعية التابعة لإسرائيل بقصف جنوب لبنان؛ مما أشعل فتيل صراع قد يُهدِّد وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحزب الله.

جاءت الغارات الجوية ردًا على إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية، في أول هجوم من نوعه منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وتأتي هذه الاشتباكات الجديدة في وقت تناشد فيه عائلات الأسرى لدى حماس في غزة، إلى جانب الرهائن المفرج عنهم، الحكومة الإسرائيلية وقف القتال المستمر والعودة إلى طاولة المفاوضات.

إسرائيل تقصف جنوب لبنان.. التصعيد الأخير

وفقًا لتقرير الجارديان، أدت الغارات الجوية الإسرائيلية يوم السبت إلى تفاقم الوضع الحساس أصلًا في جنوب لبنان، حيث ساد وقف إطلاق نار هش منذ نوفمبر بعد صراع استمر عامًا بين إسرائيل وحزب الله.

وفقًا للجيش الإسرائيلي، اعترض سلاح الجو ثلاثة صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، وهو تطور مهم إذ يُمثل المرة الأولى منذ أشهر التي تقع فيها مثل هذه الهجمات الصاروخية.

نفى حزب الله، الذي التزم بوقف إطلاق النار، أي تورط له في إطلاق الصواريخ. وأكدت الميليشيا اللبنانية أن مزاعم إسرائيل بتورط حزب الله ما هي إلا ذريعة لمواصلة مهاجمة لبنان. إلا أن الغارات الجوية الإسرائيلية تسببت في إصابات، لا سيما في قرية كفر كلا، وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية.

ردًا على الهجمات الصاروخية، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، من أن أي انتهاكات مستقبلية لوقف إطلاق النار ستُقابل بعواقب وخيمة، مؤكدًا أن الحكومة اللبنانية ستتحمل مسؤولية أي عدوان ينطلق من أراضيها.

اقرأ أيضًا: من كلينتون إلى ترامب.. كيف تلاعب بوتين بالرؤساء الأمريكيين وأغراهم؟

إسرائيل تقصف جنوب لبنان: وقف إطلاق النار الهش

نجح وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في وقف الأعمال العدائية العسكرية الشاملة التي عصفت بلبنان لأكثر من عام، مخلفةً آلاف القتلى ونحو مليون نازح. ومع ذلك، ورغم الهدنة، واصلت إسرائيل شن غارات جوية على ما تزعم أنها أهداف لحزب الله في جميع أنحاء لبنان، في حين كانت إجراءات حزب الله الانتقامية ضئيلة منذ سريان الهدنة.

أعرب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يوم السبت عن قلقه من أن تجدد العمليات العسكرية في جنوب لبنان قد يجر البلاد إلى حرب أوسع نطاقًا، وحثّ وزارة الدفاع اللبنانية على تولي زمام القرارات العسكرية لمنع حزب الله من جرّ البلاد إلى صراع جديد.

كما حذّرت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، اليونيفيل، التي تراقب الحدود الإسرائيلية اللبنانية، من المخاطر المحتملة لمزيد من التصعيد العسكري، وحثّت الجانبين على الوفاء بالتزاماتهما بالسلام.

دعوات لإنهاء الحرب من عائلات الرهائن

في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات مع حزب الله، تتزايد الدعوات في إسرائيل لإنهاء الحرب الدائرة مع حماس في غزة.

وجَّهت رسالة وقّعها 40 رهينة مُحرَّرًا من حماس و250 فردًا من عائلات الأسرى الذين ما زالوا محتجزين في غزة نداءً حارًا للحكومة الإسرائيلية لوقف العمليات العسكرية والعودة إلى محادثات السلام. الرسالة، التي تُعبّر عن ألم عائلات الأسرى، تصف الصراع الدائر بأنه “حرب لا تنتهي”، وتحثّ الحكومة على إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الرهائن على العدوان العسكري.

تُجادل عائلات الرهائن بأن استمرار القتال سيُحكم على الرهائن المتبقين بالموت المُحقق، مُحذّرةً من أن استراتيجية إسرائيل الحالية هي سياسة إجرامية تُضحّي بأرواح البشر. ودعت الحكومة الإسرائيلية إلى استكمال المفاوضات لإعادة جميع الرهائن، حتى لو كان ذلك يعني إنهاء الحرب.

يعكس هذا النداء، الذي كُتب بحزن عميق، خيبة الأمل المتزايدة من استراتيجية الحكومة في غزة.

الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في غزة

في غضون ذلك، أكّد وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، علنًا موقف الحكومة، مُصرّحًا بأن الجيش سيواصل الاستيلاء على المزيد من الأراضي في غزة وضمّها ما لم تُوافق حماس على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين في المنطقة.

أدّى هذا الخطاب العسكري المُتصاعد إلى استئناف القتال على نطاق واسع، حيث أفادت التقارير بمقتل أكثر من 500 شخص في غزة خلال الأيام الماضية منذ استئناف الغارات الجوية.

رغم اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم في يناير، والذي كان من المفترض أن يُمهّد الطريق لإطلاق سراح الرهائن ووقف دائم للأعمال العدائية، رفضت إسرائيل المضي قدمًا في محادثات المرحلة الثانية من الهدنة.

قدّمت إسرائيل بدلًا من ذلك خطة بديلة، أفادت التقارير بدعم المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، تتضمن وقف إطلاق نار لمدة تتراوح بين 30 و60 يومًا وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، ولكن دون الالتزام بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين – وهو عنصر أساسي في اتفاق وقف إطلاق النار الأصلي.

الاضطرابات والاحتجاجات الداخلية

أثارت الحرب الدائرة وقرارات نتنياهو المثيرة للجدل احتجاجات داخلية واسعة النطاق في إسرائيل. ونزل الآلاف إلى الشوارع، وأغلقوا الطرق السريعة ردًا على محاولات الحكومة إقالة رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك).

يزعم المنتقدون أن هذه الإقالة جزء من جهد أوسع نطاقًا من جانب نتنياهو لتقويض الرقابة والمساءلة الديمقراطية.

في الوقت نفسه، يواجه نتنياهو معركة قانونية مع النظام القضائي الإسرائيلي بعد أن منعت المحكمة العليا محاولته إقالة بار، الذي كانت وكالته تحقق في مزاعم انتهاكات أمنية تورط فيها مقربون من نتنياهو.

زر الذهاب إلى الأعلى