إسرائيل في مرمى العقوبات الأوروبية بسبب غزة.. هل تفعلها القارة العجوز؟

تواجه إسرائيل في الآونة الأخيرة موجة متصاعدة من الانتقادات والتهديدات الغربية، في تطور غير مسبوق قد يضعها قريبًا في مرمى العقوبات الأوروبية، على خلفية حملتها العسكرية المستمرة على قطاع غزة ورفضها السماح بإدخال المساعدات الإنسانية.

وبينما كانت دول مثل فرنسا وبريطانيا وكندا تعد تقليديًا من أقرب حلفاء تل أبيب، إلا أن تصريحاتها الأخيرة حملت لهجة غاضبة وتحذيرات صريحة، فُسّرت على نطاق واسع كمؤشر على تحول نوعي في الموقف الأوروبي من الحرب الدائرة في غزة.

تلويح بالعقوبات الأوروبية على إسرائيل

في بيان مشترك صدر الإثنين، حذرت حكومات بريطانيا وفرنسا وكندا من أنها قد تلجأ إلى فرض عقوبات محددة الهدف ضد مسؤولين إسرائيليين، إذا لم تتوقف العمليات العسكرية في غزة ولم تُرفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية. وأكدت الدول الثلاث أن إغلاق إسرائيل لمعابر القطاع ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.

وقال البيان:”لن نتردد في اتخاذ خطوات إضافية، بما في ذلك عقوبات محددة، إذا استمرت الانتهاكات وجرى تجاهل القانون الدولي”.

غضب نتنياهو بسبب التهديد بالعقوبات الأوروبية على إسرائيل

هذه التصريحات أثارت غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي اعتبرها بمثابة “جائزة كبرى لحركة حماس”، وقال في بيان شديد اللهجة إن قادة الدول الثلاث “يشجعون على تكرار فظائع السابع من أكتوبر/تشرين الأول”، في إشارة إلى الهجوم الذي شنته الحركة على المستوطنات الجنوبية.

مأزق داخلي وخارجي لحكومة نتنياهو

وفق تقارير فإن تصاعد التوتر الدبلوماسي بين إسرائيل وعدد من العواصم الأوروبية تزامن مع تزايد الانتقادات داخل الولايات المتحدة نفسها، خصوصًا في ظل برود العلاقة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لم يخف في الأسابيع الأخيرة تحفظه على استمرار الحرب دون أفق سياسي واضح.

في المقابل، تواصل حكومة نتنياهو تأكيد شروطها لإنهاء الحرب، والتي تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن ونزع سلاح الفصائل المسلحة في غزة.

كما أعلنت مؤخرًا عن إطلاق عملية عسكرية جديدة في القطاع، مؤكدة أن “الجيش سيسيطر على كامل أراضي غزة”، الأمر الذي فاقم القلق الدولي من توسع الحرب وتدهور الأوضاع الإنسانية.

تحذيرات من مجاعة في غزة

منظمات دولية، على رأسها برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، حذّرت من أن قطاع غزة بات على شفا مجاعة حقيقية تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع الإمدادات.

البيان الأوروبي الثلاثي شدد على أن ما تقوم به إسرائيل “لا يمكن تبريره بأي ذريعة أمنية”، مضيفًا:”دعمنا حق إسرائيل في الدفاع عن النفس لا يعني غض الطرف عن استخدام القوة المفرطة أو استهداف المدنيين”.

كما عبّر قادة الدول الثلاث عن دعمهم للمبادرات التي تقودها واشنطن والدوحة والقاهرة بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مؤكدين التزامهم بالاعتراف بدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين.

حماس ترحب

بدورها، حركة حماس سارعت إلى الترحيب بالبيان الأوروبي، واعتبرته “تطورًا إيجابيًا يُعيد الاعتبار للقانون الدولي”، كما دعت المجتمع الدولي إلى “الانتقال من الأقوال إلى الأفعال”، في إشارة إلى ضرورة فرض عقوبات رادعة على إسرائيل.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل تملك أوروبا فعليًا الإرادة السياسية لفرض عقوبات على تل أبيب؟ أم أن هذه التصريحات تبقى في حدود الضغط الكلامي؟

هل تفعلها القارة العجوز؟

بحسب تقارير فرغم صرامة اللهجة، لم تتخذ الدول الأوروبية حتى الآن أي إجراءات فعلية ضد إسرائيل، وهو ما يُبقي سقف التوقعات محدودًا، خصوصًا مع وجود انقسام داخل الاتحاد الأوروبي بشأن الموقف من الحرب. غير أن استمرار الحرب، وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، قد يدفع باتجاه مواقف أوروبية أكثر جرأة في المرحلة المقبلة.

ويرى مراقبون أن تلويح أوروبا بالعقوبات يُشكل سابقة دبلوماسية، خاصة إذا تم تفعيله ضد مسؤولين عسكريين أو سياسيين في الحكومة الإسرائيلية، ما قد يفتح الباب أمام تحركات دولية أخرى، سواء من الأمم المتحدة أو من محكمة الجنايات الدولية.

اقرا أيضا

خان يونس ليست استثناء.. العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية تاريخ من الفشل الاستراتيجي

زر الذهاب إلى الأعلى