إسماعيل قاآني.. الرجل الذي مات أكثر من مرة وما زال مصيره غامضاً

لا يزال الغموض يكتنف مصير قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، العميد إسماعيل قاآني، بعد الضربة الإسرائيلية الواسعة التي استهدفت العاصمة طهران فجر الجمعة، وأسفرت عن مقتل عدد من أبرز القادة العسكريين الإيرانيين.

ورغم تضارب الروايات، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن قاآني كان ضمن المستهدفين، وأن الضربة قد أودت بحياته، بينما تواصل المصادر الإيرانية الرسمية التزام الصمت، وسط غياب كامل لأي ظهور علني للقائد الذي تولى قيادة “فيلق القدس” خلفاً لقاسم سليماني في عام 2020.

 هدف دائم لاسرائيل

منذ اغتيال قاسم سليماني في بغداد بضربة أمريكية، بات إسماعيل قاآني هدفاً دائماً للضربات الإسرائيلية والغربية. وتكررت خلال السنوات الماضية الشائعات حول مقتله في سوريا والعراق واليمن ولبنان، إلا أن أياً منها لم يُؤكد بشكل رسمي، وغالباً ما كان يظهر لاحقاً في زيارات مقتضبة وغامضة لدول الجوار.

الضربة الأخيرة على طهران أعادت اسمه إلى الواجهة، وطرحت من جديد تساؤلات حول ما إذا كان الرجل الذي اختار العمل من خلف الستار قد سقط هذه المرة بالفعل، أم أن مصيره لا يزال معلقاً كسابق العهد.

من هو إسماعيل قاآني؟

وُلد قاآني عام 1957 في مدينة مشهد شمال شرقي إيران، وانضم إلى الحرس الثوري في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979. تلقى تدريبه العسكري في طهران، وشارك مبكراً في معارك ضد الجماعات الكردية غرب البلاد، قبل أن يبرز خلال الحرب العراقية-الإيرانية كقائد ميداني بارز.

تدرّج قاآني في المناصب العسكرية داخل الحرس، وشغل قيادة “فيلق نصر خراسان”، وشارك في معارك حاسمة مثل الفاو والشلامجة ومهران، ثم تولى قيادة “لواء الإمام الرضا”، وفرقة “النصر 5″، ووصل لاحقاً إلى منصب نائب قائد القوات البرية.

إسماعيل قاآني من ساحات القتال إلى استخبارات الحرس

مع انتهاء الحرب، عاد قاآني إلى مشهد وتولى مسؤوليات متعددة، منها قيادة القوات البرية في الشرق الإيراني، ثم عُيّن بين عامي 2006 و2007 نائباً لرئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري، وكذلك نائباً لوحدة الحماية، قبل أن ينتقل للعمل في “فيلق القدس” كنائب مباشر لقاسم سليماني.

ومع اغتيال سليماني في مطار بغداد في يناير 2020، عيّنه المرشد الأعلى علي خامنئي قائداً للفيلق، في توقيت حساس كانت فيه إيران تواجه ضغوطاً أمنية إقليمية كبيرة.

قيادة حذرة وتحركات سرّية

خلافاً لسليماني الذي اشتهر بكاريزما ميدانية وحضور دائم إلى جانب الميليشيات المدعومة من طهران، اتسمت قيادة قاآني بالتحفظ والعمل السري. نادراً ما ظهر علناً، وكان يفضل إدارة الاجتماعات والزيارات عبر قنوات مغلقة، وغالباً بعيداً عن الإعلام.

هذه الاستراتيجية جعلت منه قائداً “غير مرئي” في بعض الأحيان، لكنها أيضاً أثارت تساؤلات داخل إيران وخارجها حول مدى فعاليته في قيادة عمليات “فيلق القدس” الممتدة من سوريا إلى اليمن، ومن العراق إلى لبنان.

هل تم اغتيال إسماعيل قاآني في الضربة الأخيرة؟

الضربة التي نفذتها إسرائيل مؤخراً واستهدفت مواقع حساسة في طهران، أوقعت عدداً من كبار القادة، من بينهم رئيس الأركان محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، وقائد مقر “خاتم الأنبياء” غلام علي رشيد. ومع تداول أنباء عن وجود قاآني في الموقع المستهدف، ازدادت الشكوك بشأن مصيره.

حتى اللحظة، لم تُصدر الجهات الرسمية الإيرانية بياناً ينفي أو يؤكد مقتله، ما يزيد من غموض المشهد، ويطرح فرضيات عدة، من بينها أن إيران تُخفي الخبر مؤقتاً لأسباب تتعلق بحسابات الردع والاستقرار الداخلي، أو أن قاآني نجا فعلاً لكنه لا يرغب في الظهور حالياً.

اقرا أيضا: خامنئي يغرد بالعبرية ونتنياهو يخاطب الفرس.. من يربح حرب الداخل بين إيران وإسرائيل؟

زر الذهاب إلى الأعلى