أكدت نظرتها الإيجابية لتصنيف مصر الائتماني.. ماذا قالت “إس آند بي” عن الإصلاحات؟
القاهرة (خاص عن مصر) – أكدت وكالة “إس آند بي” للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري عند تصنيف “إيجابية”، مع الحفاظ على تصنيف الديون السيادية عند “B-/B”.
جاء ذلك في سياق مراجعة الوكالة لأداء الاقتصاد المصري، حيث أشارت إلى أن التوقعات الإيجابية تعكس احتمالية تحسين المواقف المالية والخارجية لمصر في المستقبل القريب، مؤكدة أن نظام سعر الصرف الجديد، الذي يعتمد على قوى السوق، سيساهم في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي ودعم توحيد الموازنة العامة على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا: تحت شعار صنع في مصر.. قفزة نوعية في المكون المحلي بشركات الأجهزة الكهربائية
تأثير الاستثمارات على التصنيف الائتماني
وفي مارس الماضي، عدلت الوكالة نظرتها لمصر من “مستقرة” إلى “إيجابية”، وذلك عقب حصول القاهرة على استثمارات إماراتية بقيمة 35 مليار دولار، وهو ما أدى إلى تدفق المزيد من التعهدات الدولية، حيث تجاوز إجمالي التمويلات الدولية التي حصلت عليها مصر حاجز 50 مليار دولار.
وهذه الأموال أسهمت في تمكين الحكومة من تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، أبرزها زيادة غير مسبوقة في أسعار الفائدة وخفض قيمة الجنيه المصري للمرة الرابعة منذ أوائل عام 2022.
الإصلاحات المالية وتأثيرها على الاقتصاد
ةأوضحت وكالة “إس آند بي” أن الإصلاحات التي تواصل الحكومة المصرية تنفيذها منذ تحرير سعر الصرف في مارس 2024 قد ساهمت بشكل كبير في جذب استثمارات أجنبية مباشرة وزيادة تدفقات رأس المال.
وإلى جانب برنامج المانحين السخي، لعبت هذه التدفقات المالية دوراً محورياً في دعم السيولة الخارجية وتحسين الحسابات المالية للبلاد، رغم أن بعض الاستثمارات الأجنبية المباشرة كانت معاملات لمرة واحدة وليست مستدامة.
التحديات النقدية والمالية
ورغم الإشادة بالتقدم المحرز، حذرت الوكالة من أن السياسة النقدية الصارمة وارتفاع أسعار الفائدة قد أثرت بشكل كبير على الميزانية العامة، حيث أنفقت الحكومة نحو 70% من إيراداتها على مدفوعات الفائدة، وهذا الوضع يثير تحديات أمام السلطات فيما يتعلق بتحقيق فوائض ميزانية أولية كبيرة تتماشى مع أهداف صندوق النقد الدولي.
كما أشارت الوكالة إلى أن المخاطر الجيوسياسية الإقليمية، بما في ذلك التوترات في غزة والبحر الأحمر، تلقي بظلالها على القطاعات الرئيسية مثل السياحة والغاز وإيرادات قناة السويس.
اقرأ أيضًا: مصر تمضي قدمًا في خططها الطموحة.. طرح سندات خضراء بـ 10 مليارات جنيه قبل منتصف 2025
تراجع عائدات قناة السويس
وأثرت التوترات الإقليمية على الاقتصاد المصري بشكل ملحوظ، حيث تسببت الحرب في غزة والاضطرابات في البحر الأحمر في تقليص عدد السفن العابرة لقناة السويس بنحو 50%.
ونتيجة لذلك، شهدت عائدات القناة انخفاضاً تراوح بين 50% و60%، وفقاً لما صرح به الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في حفل تخرج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة في سبتمبر الماضي.
وأضاف الرئيس السيسي أن قناة السويس، التي حققت عائدات بقيمة 10 مليارات دولار العام الماضي، فقدت أكثر من 6 مليارات دولار من دخلها خلال الأشهر الثمانية الماضية بسبب التوترات الإقليمية.
مراجعة صندوق النقد الدولي وتوقعات جديدة
يأتي تأكيد وكالة “إس آند بي” على النظرة الإيجابية للاقتصاد المصري في وقت تستعد فيه مصر للمراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي من قبل صندوق النقد الدولي في نوفمبر المقبل.
والمراجعة تفتح الباب أمام صرف شريحة جديدة بقيمة 1.3 مليار دولار من قرض الصندوق، وهي الشريحة الأكبر ضمن الشرائح المختلفة التي تلقتها مصر.
اقرأ أيضًا: استثمارات بـ6.4 مليار دولار لتوطين صناعة السلع الاستفزازية في مصر
وفي مايو الماضي، وافق مجلس صندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الثالثة بقيمة 820 مليون دولار، كما اعتمد في مارس المراجعتين الأولى والثانية ضمن تسهيل الصندوق الممدد لمصر.
وتمت زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إلى 8 مليارات دولار، ما سمح لمصر بسحب سيولة فورية بنحو 820 مليون دولار.
وتواصل مصر تنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق، مدفوعة بتدفقات استثمارية دولية ودعم من صندوق النقد الدولي، ورغم التحديات المالية والجيوسياسية، تبقى النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري إيجابية، مما يعكس الثقة في قدرة البلاد على تحسين مواقفها المالية وتعزيز استقرارها الاقتصادي على المدى البعيد.