إعادة اكتشاف صبغة خالدة.. اللون الأزرق المصري القديم يمكنه توليد الطاقة وتبريد المباني

القاهرة (خاص عن مصر)- كشفت دراسة حديثة نشرت في مجلة الفيزياء التطبيقية أن الصبغة القديمة المعروفة بالأزرق المصري، والتي طورها المصريون منذ أكثر من 4500 عام، قد تحمل وعدًا كبيرًا لتعزيز كفاءة الطاقة الحديثة في المباني وذلك وفقا لما نشره تقرير نيوزويك.

كشف البحث الذي أجراه فريق من مختبر لورانس بيركلي الوطني أن الأزرق المصري أكثر فلورية بعشر مرات مما كان يُعتقد سابقًا، مما يؤدي إلى إمكانيات مثيرة لتطبيقه في الهندسة المعمارية المعاصرة.

يُحتفى بالأزرق المصري، المشتق من سيليكات النحاس والكالسيوم، باعتباره أول صبغة صناعية. تاريخيًا، زينت صور الآلهة والملوك في مصر القديمة، والمعروفة لدى الرومان باسم “السيروليوم”. ومع ذلك، تلاشت معرفة إنشائها بعد العصر الروماني ولم يتم إحياؤها حتى القرن التاسع عشر.

أقرا أيضا.. معرض “إلى الأبد الآن” يحول أهرامات الجيزة إلى متحف مفتوح للفن المعاصر

تطبيقات مبتكرة للتحديات الحديثة

تشير نتائج الدراسة إلى أنه يمكن تسخير اللون الأزرق المصري لتعزيز كفاءة الطاقة في المباني من خلال تبريد أسطح المنازل والجدران، فضلاً عن تمكين توليد الطاقة الشمسية من خلال النوافذ الملونة. وأظهر الباحثون أنه عندما يمتص اللون الأزرق المصري الضوء المرئي، فإنه ينبعث منه ضوء في نطاق الأشعة تحت الحمراء القريبة. تقدم هذه الفلورسنت – وهي عملية حيث تنبعث المواد الضوء عند التعرض لأشكال أخرى من الإشعاع الكهرومغناطيسي – فائدة مزدوجة: فهي تحافظ على الأسطح باردة ويمكنها تحويل الطاقة الزائدة إلى كهرباء.

صرح الباحث الرئيسي من مختبر بيركلي: “إن هذا الصبغ لديه القدرة على إحداث ثورة في طريقة تفكيرنا في مواد البناء”. “من خلال دمج اللون الأزرق المصري في تصميماتنا المعمارية، يمكننا إنشاء هياكل لا تستهلك طاقة أقل فحسب، بل تساهم أيضًا في توليد الطاقة المتجددة”.

تعزيز كفاءة الطاقة في البيئات الحضرية

تمتد آثار هذا البحث إلى ما هو أبعد من الجماليات. يمكن أن يخفف استخدام المواد العاكسة، مثل اللون الأزرق المصري، بشكل كبير من تأثير جزيرة الحرارة الحضرية – وهي ظاهرة حيث تشهد المناطق الحضرية درجات حرارة أعلى من نظيراتها الريفية بسبب الأنشطة البشرية والبنية التحتية. من خلال عكس أشعة الشمس، يمكن لهذه المواد تقليل الطلب على تكييف الهواء، وهو مساهم رئيسي في استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي.

في حين أن اللون الأبيض هو تقليديًا اللون الأكثر فعالية للحفاظ على برودة المباني، تشير الدراسة إلى أن الألوان الأخرى، بما في ذلك الأزرق المصري والأحمر الفلوري، يمكن أن توفر أيضًا بدائل قابلة للتطبيق. تسمح هذه المرونة للمهندسين المعماريين والمصممين بإعطاء الأولوية للتفضيلات الجمالية دون المساس بكفاءة الطاقة.

خطوة نحو الاستدامة

إن إمكانات اللون الأزرق المصري في تقليل استهلاك الطاقة ومكافحة الانحباس الحراري العالمي تتوافق مع الجهود الأوسع لتعزيز الاستدامة في البناء. مع مواجهة أصحاب المباني ومخططي المدن لضغوط متزايدة لتبني ممارسات صديقة للبيئة، فإن دمج المواد المبتكرة مثل الأزرق المصري يمثل خطوة مهمة إلى الأمام.

من خلال استخدام الطلاءات التي تعكس ضوء الشمس وتولد الكهرباء، يمكن للمهندسين المعماريين المساهمة في مستقبل أكثر استدامة. تؤكد الدراسة على أهمية إيجاد حلول تتوافق مع التراث الثقافي والتقدم التكنولوجي الحديث.

إن إحياء اللون الأزرق المصري كمادة وظيفية في الهندسة المعمارية المعاصرة يوضح كيف يمكن للابتكارات القديمة معالجة التحديات الملحة اليوم. ومع استمرار الباحثين في استكشاف خصائصه، قد لا يعمل اللون الأزرق المصري على تعزيز الجاذبية الجمالية للمباني فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا حاسمًا في الحد من استهلاك الطاقة والتخفيف من آثار تغير المناخ.

زر الذهاب إلى الأعلى