إعادة تسليح أوروبا.. مشروع ضخم لتعزيز القدرات العسكرية بقيمة 800 مليار يورو

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن خطة دفاعية جديدة تحمل اسم “ReArm Europe”، تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية الجماعية لدول الاتحاد الأوروبي على مدى السنوات الأربع القادمة.

إعادة تسليح أوروبا.. إعلان الخطة الدفاعية الجماعية

تبلغ التكلفة الإجمالية للخطة 800 مليار يورو، حيث ستساهم الدول الأعضاء بمبلغ 650 مليار يورو، بينما سيتم إقراض 150 مليار يورو لبعض الدول الأوروبية لتعزيز قدراتها الدفاعية.

هذه الخطة تعد خطوة كبيرة نحو تأسيس بنية دفاعية أوروبية مشتركة، مختلفة عن الإنفاق العسكري الفردي لدول الاتحاد، والتي تنفق مجتمعة أكثر من 340 مليار يورو سنويًا على الدفاع، والهدف الأساسي هو تمهيد الطريق لإنشاء جيش أوروبي موحد يقلل من الاعتماد على الولايات المتحدة ويعزز السيادة الأوروبية.

إعادة تسليح أوروبا.. الدوافع والتداعيات الاستراتيجية

تأتي هذه الخطة في سياق التحديات الجيوسياسية المتزايدة، وأبرزها التصعيد الروسي في أوروبا الشرقية والتوترات الدولية التي أثارت قلق العواصم الأوروبية بشأن أمنها القومي، يرى الاتحاد الأوروبي ضرورة بناء استراتيجية دفاعية مستقلة لمواجهة التهديدات دون الحاجة إلى الاعتماد الكامل على حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي تقوده الولايات المتحدة.

كما أن التقلبات السياسية الأمريكية، خاصة بعد تزايد الأصوات المطالبة بتخفيض الالتزامات العسكرية الأمريكية تجاه أوروبا، دفعت الاتحاد الأوروبي إلى التفكير جديًا في تعزيز أمنه الذاتي بعيدًا عن أي ضغوط خارجية.

القدرات الصناعية والتكنولوجية العسكرية الأوروبية

لتحقيق هذه الرؤية، سيعتمد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على قدراته الصناعية والتكنولوجية، وتمتلك أوروبا بالفعل شركات دفاعية رائدة مثل:
– داسو للطيران (فرنسا) – المصنعة لمقاتلات رافال.
– إيرباص للدفاع والفضاء (ألمانيا-فرنسا-إسبانيا) – المطورة للطائرات العسكرية مثل يوروفايتر تايفون.
– MBDA (كونسورتيوم أوروبي) – الرائدة في تطوير أنظمة الصواريخ المتقدمة.
– كراوس مافاي فيغمان (ألمانيا) – المصنعة لدبابات ليوبارد 2 الشهيرة.

سيتم توجيه استثمارات ضخمة إلى هذه الشركات وغيرها لتعزيز الإنتاج العسكري وتطوير أنظمة تسليح جديدة، مثل الطائرات بدون طيار، الدفاعات الجوية، والصواريخ الباليستية، إضافةً إلى تحديث أساطيل الدبابات والمدرعات الأوروبية.

صورة توضيحية للجيوش الأوروبية المتحدة

التعاون الأوروبي في المجال العسكري

تعتمد الخطة على تعزيز التكامل الدفاعي بين دول الاتحاد الأوروبي، مما يعني زيادة التنسيق في عمليات الإنتاج العسكري والمشتريات الدفاعية وتوحيد معايير التسليح. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى:
– إنشاء قوات تدخل سريع مشتركة تعمل تحت قيادة موحدة.
– زيادة التدريبات العسكرية الأوروبية الجماعية لتعزيز الجاهزية القتالية.
– تعزيز الشراكات الدفاعية مع الحلفاء الأوروبيين غير المنتمين إلى الاتحاد مثل النرويج والمملكة المتحدة.

هذا التعاون الدفاعي سيجعل أوروبا أكثر قدرة على التصدي للتحديات الأمنية دون الحاجة إلى مظلة الحماية الأمريكية، مما يعزز من استقلالية القرار الأوروبي في الشؤون الدفاعية والعسكرية.

خلال لقاء القادة والرؤساء الأوروبيين لدعم أوكرانيا

نهاية الاعتماد الأوروبي على الولايات المتحدة؟

لطالما اعتمدت أوروبا على الولايات المتحدة في ضمان أمنها، خاصة من خلال حلف الناتو، إلا أن تغيرات المشهد السياسي العالمي دفعت القادة الأوروبيين إلى إعادة التفكير في هذا النهج.

ولا يعني ذلك القطيعة الكاملة مع الولايات المتحدة، لكن من الواضح أن أوروبا تسعى إلى تقليل التبعية الدفاعية وتعزيز قدرتها على التصرف بشكل مستقل في الأزمات.

قد تثير هذه الخطة قلق واشنطن، التي ترى أن استقلالية أوروبا عسكريًا قد تؤدي إلى إضعاف النفوذ الأمريكي داخل القارة، كما أنها قد تؤثر على علاقات الاتحاد الأوروبي مع بريطانيا، التي خرجت من الاتحاد ولكنها ما زالت تلعب دورًا رئيسيًا في الدفاع الأوروبي.

خطة ReArm Europe

خطة “ReArm Europe” ليست مجرد مبادرة عسكرية، بل تعكس تحولًا استراتيجيًا في سياسات الأمن والدفاع الأوروبية، إذا نجح الاتحاد الأوروبي في تنفيذ هذه الخطة، فقد نشهد ميلاد قوة عسكرية أوروبية متماسكة، قادرة على حماية مصالحها بشكل مستقل، والتعامل مع التهديدات الأمنية بدون الحاجة إلى دعم أمريكي مباشر.

اقرأ أيضاً

ترامب يتوقف عن تزويد اوكرانيا بالأسلحة وسط توتر مع زيلينسكي

هل تكون هذه الخطة بداية النهاية لاعتماد أوروبا على الولايات المتحدة؟ أم أنها مجرد خطوة نحو تعزيز التعاون الدفاعي الداخلي؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف مدى نجاح هذا التحول الاستراتيجي.

زر الذهاب إلى الأعلى