إنتاج 500 طائرة انتحارية يوميًا بأقل تكلفة.. روسيا تحول “شاهد 136” إلى سلاح استنزاف شامل

في خضمّ الصراع الطويل بين روسيا وأوكرانيا، لم يكن لتكثيف استخدام الطائرات المُسيّرة الانتحارية (الكاميكازي) تأثيرٌ تقنيّ فقط، بل تحوّل إلى عامل استراتيجي يُعيد تشكيل معادلات القوة الجوية والتكتيكية في ساحة المعركة.
روسيا تنتج 500 طائرة انتحارية يوميًا بأقل تكلفة
ومع اقتراب الإنتاج الروسي من عتبة 500 طائرة مُسيّرة يوميًا، تُطرح تساؤلات جدية حول قدرة الدفاعات الأوكرانية على الصمود، والتوازن المتغيّر بين موسكو وحلف الناتو على نطاق أوسع.
روسيا تحول “شاهد 136” إلى سلاح استنزاف شامل
منذ منتصف عام 2022، دخلت روسيا في سباق تسليحي عالي الوتيرة لتوسيع إنتاجها من طائرات “شاهد 136” الانتحارية، والتي بدأت بصناعتها بموجب ترخيص إيراني.
ووفقًا لتقرير حديث نشرته مجلة “الإيكونوميست”، فإن روسيا رفعت معدل إنتاج هذه الطائرات من نحو 300 طائرة شهريًا إلى أكثر من 100 طائرة يوميًا، مع خطط للوصول إلى 500 طائرة يوميًا خلال الفترة القادمة.
هذا الارتفاع الهائل في الإنتاج يعكس تحولًا جذريًا في القدرة الصناعية الروسية، ويمنحها ميزة تنافسية في حرب الاستنزاف الجوي.

تكلفة المسيّرة مقابل صاروخ باتريوت
الميزة الأبرز في هذه الطائرات ليست فقط في عددها، بل في انخفاض تكلفتها بشكل حاد.
فقد كانت كلفة الطائرة الواحدة تُقدّر بـ35 ألف دولار، بينما تشير التقديرات الجديدة إلى انخفاضها لما دون 30 ألف دولار، ما يجعل استخدامها بكثافة ممكنًا وفعّالًا.
للمقارنة، فإن صاروخًا واحدًا من منظومة باتريوت الأمريكية يتجاوز ثمنه 3.8 مليون دولار.
هذا الفارق الهائل في الكلفة يُفرغ الدفاعات الغربية من محتواها ببطء، ويجعل استهلاك صواريخ باهظة الثمن لاعتراض أهداف رخيصة خيارًا غير مستدام على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً.. مع زيارة الرئيس الصيني المرتقبة للقاهرة.. أبرز الأسلحة الصينية المتوقع دخولها الخدمة بالجيش المصري
هجمات كثيفة وتراكم الضغط نمط جديد من الهجمات الجوية الروسية
الهجوم الروسي الأوسع في 26 مايو، الذي استخدمت فيه 298 طائرة مسيّرة و69 صاروخًا، كان جزءًا من نمط متكرر من الهجمات الجماعية.
ووفقًا لصحيفة “فاينانشال تايمز”، فإن موسكو باتت تُنتج طائرات مُسيّرة وصواريخ أسرع من وتيرة استخدامها، ما يعني قدرة متزايدة على تجديد المخزون وتنفيذ ضربات مُركزة بشكل منتظم.
التدهور المتزامن في قدرات الدفاع الجوي الأوكرانية، وصعوبة تعويضها من الغرب، يُضاعف من فاعلية هذا التكتيك الروسي.
كيف أصبحت “شاهد 136” العمود الفقري للهجمات الروسية؟
دخلت “شاهد 136” ساحة القتال الأوكراني لأول مرة في سبتمبر 2022، وسرعان ما أصبحت من أهم أدوات القصف الجوي الروسية.
تصميمها البسيط وتكلفتها المنخفضة سمحا باستخدامها لضرب أهداف تكتيكية من مستويات منخفضة، وهي أهداف لا تُناسب الاستخدام المُكلف للصواريخ الباليستية أو صواريخ كروز.
في حين احتلّت كوريا الشمالية مكانة الشريك العسكري الأكبر لروسيا من حيث حجم التسليح، تظلّ المسيّرات الإيرانية هي الأهم من حيث التأثير المباشر في الميدان، وقد شكّلت نقطة تحوّل في نمط الهجمات الروسية.
دعم غربي غير محدود ومازال التفوق روسي
بينما يستمر الغرب في دعم أوكرانيا، يبقى السؤال الأساسي: هل تستطيع الدفاعات الجوية التقليدية مجاراة كثافة هذا النوع من الهجمات؟ تشير المعطيات إلى أن الحرب دخلت مرحلة جديدة تُبنى فيها السيادة الجوية ليس فقط على التكنولوجيا المتقدمة، بل أيضًا على القدرة على التصنيع والإغراق الكمي.
وإذا ما نجحت روسيا في المحافظة على هذا المعدل الإنتاجي أو تجاوزه، فقد لا تكون ساحة المعركة الأوكرانية وحدها من سيتغيّر، بل مفاهيم الدفاع الجوي الحديثة برمّتها.
اقرأ أيضاً.. دولة عربية وحيدة تمتلك منظومة S-400 الروسية.. ضمن الأفضل عالميًا للدفاع الجوي