إيران تدرس عرضًا أمريكيًا لاستئناف المحادثات النووية.. هل تنتهي الأزمة قريبًا؟
أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يوم السبت أن طهران تدرس بعناية تجديد الجهود الأمريكية لاستئناف المحادثات النووية المتعثرة، لكنه حذَّر من أن بلاده “ليست في عجلة من أمرها” للعودة إلى المفاوضات بعد التصعيد الأخير مع إسرائيل والولايات المتحدة.
قال عراقجي في بيان متلفز: “الأمريكيون يصرون على العودة إلى طاولة المفاوضات”، كاشفًا عن تلقي إيران “رسائل متعددة” من واشنطن. ومع ذلك، أكد عراقجي أن إيران تُقيّم خياراتها بشأن توقيت ومكان وإطار أي محادثات محتملة، مُصرًا على أن الحكومة لن تدخل في “مفاوضات متهورة”.
التصعيدات الأخيرة تلقي بظلالها على الدبلوماسية
صرح عراقجي، الذي ترأس سابقًا وفد إيران في المحادثات التي توسطت فيها عُمان مع الولايات المتحدة، بأن تلك المناقشات انهارت بعد أن شنت إسرائيل هجومًا مفاجئًا على مواقع نووية إيرانية في 13 يونيو.
أسفرت الضربات عن مقتل عدد من كبار المسؤولين العسكريين والنوويين الإيرانيين، واستهدفت مناطق حضرية استراتيجية ومكتظة بالسكان، بما في ذلك سجن إيفين في طهران.
تصاعدت التوترات أكثر عندما انضمت الولايات المتحدة إلى الهجوم الإسرائيلي في 22 يونيو، حيث ضربت ثلاث منشآت نووية إيرانية. وبينما ادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه “دمر” البنية التحتية النووية الإيرانية، وصف المسؤولون الإيرانيون المواقع بأنها “متضررة بشدة” ولكنها لم تُدمر.
ردًا على ذلك، أطلقت إيران صواريخ على قاعدة جوية قطرية تستخدمها القوات الأمريكية، لكن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل صامد إلى حد كبير منذ أواخر يونيو، على الرغم من اتهامات بانتهاكات طفيفة من كلا الجانبين.
الولايات المتحدة تسعى إلى تهدئة دبلوماسية وعرضت تخفيف العقوبات
جاءت تصريحات عراقجي بعد أيام قليلة من استضافة الرئيس ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مأدبة عشاء في واشنطن، حيث أبدى ترامب علنًا استعداده لرفع العقوبات عن إيران في إطار جهود استئناف المفاوضات.
صرح ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب ورئيس الوفد الأمريكي في محادثات عُمان السابقة، بأنه من المتوقع عقد اجتماع جديد مع المسؤولين الإيرانيين “خلال الأسبوع”.
إيران تطالب بضمانات، وتستشهد بمخاوف أمنية
على الرغم من الضغط الأمريكي، أوضح عراقجي أن إيران تسعى للحصول على ضمانات ملموسة من الولايات المتحدة وحلفائها. وصرح قائلاً: “إيران بحاجة إلى ضمانات بعدم تعرضها لهجوم مرة أخرى إذا لم تنجح المحادثات”، كاشفًا أن طهران تراجع بعض “الضمانات المعلنة بعدم نشوب حرب مرة أخرى”، لكنه لم يُفصّل في التفاصيل.
قال عراقجي: “إذا سنحت فرصةٌ لتأمين مصالح الشعب الإيراني، فلن نفوّتها”، مؤكدًا استعداد إيران للانخراط في الدبلوماسية. “أبواب الدبلوماسية لا تُغلق أبدًا”.
اقرأ أيضًا.. خطة رفح الإسرائيلية جريمة حرب.. لكن هل وفّر القانون الدولي الحماية لغزة يومًا؟
الرقابة الدولية لا تزال قائمة، لكنها خاضعة لرقابة مُحكمة
وفي معرض حديثه عن المخاوف بشأن الشفافية النووية، أكّد عراقجي أن تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية “لم يتوقف”.
مع ذلك، أشار إلى أن طلبات المراقبة المستقبلية من الوكالة ستُقيّم “على أساس كل حالة على حدة”، وسيتم تنسيقها حصريًا من خلال المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، مما يعكس نهجًا أكثر حذرًا بعد الهجمات الأخيرة.
الدبلوماسية ممكنة لكنها هشة
تأتي المبادرات الأمريكية المتجددة في لحظة حرجة، حيث تتعرض القيادة الإيرانية لضغوط للدفاع عن الأمن القومي مع بقائها منفتحة على التفاوض. ولخّص عراقجي موقف طهران قائلاً: “لسنا في عجلة من أمرنا، ولكن إذا سنحت فرصة حقيقية للشعب الإيراني، فنحن مستعدون للتحرك”.
بينما تدرس كل من واشنطن وطهران خطواتهما المقبلة، تراقب المنطقة عن كثب لمعرفة ما إذا كان وقف إطلاق النار الهش هذا والجهود الدبلوماسية الجديدة سيُفضيان إلى تقدم ملموس، أم أن دائرة المواجهة ستُستأنف.