إيران تطالب بتعويضات وترامب يرد بعقوبات.. هل انتهت فرص الحوار بين واشنطن وطهران؟

في تطور يُنذر بتجميد المسار الدبلوماسي بين طهران وواشنطن، صعّدت إيران من شروطها لاستئناف المحادثات النووية، مطالبة بتعويضات مالية وضمانات أمنية، بينما ردت الإدارة الأمريكية بعقوبات هي الأشد منذ سنوات وتهديدات صريحة بشن ضربات جديدة.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن استئناف الحوار مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشروط باعتراف واشنطن بالأضرار التي لحقت بطهران خلال الهجمات الأخيرة، وتعويضها مالياً، إضافة إلى تقديم ضمانات بعدم شن هجمات مستقبلية أثناء التفاوض.
وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز، قال عراقجي: “على الأمريكيين أن يشرحوا لماذا هاجمونا في منتصف المفاوضات، وعليهم أن يضمنوا عدم تكرار ذلك”، مضيفًا أن بلاده تحتاج إلى “إجراءات حقيقية لبناء الثقة”.
رسائل سرية خلال الحرب
أفادت الصحيفة بأن عراقجي والمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف تبادلا الرسائل خلال اندلاع المواجهة العسكرية في يونيو، وأكد الطرف الإيراني ضرورة التوصل إلى “حل يعود بالنفع على الجانبين” لإنهاء الأزمة المستمرة بشأن برنامج إيران النووي.
وكانت إيران قد تعرّضت لهجمات جوية استهدفت منشآت نووية، تقول واشنطن إنها تُستخدم لتطوير أسلحة، بينما تصر طهران على أن برنامجها سلمي ويهدف لأغراض مدنية بحتة.
عقوبات غير مسبوقة تستهدف شبكة شمخاني
في مؤشر واضح على تصعيد الحملة الأمريكية، أعلنت وزارة الخزانة فرض عقوبات جديدة وصفتها بأنها “الأوسع منذ 2018″، مستهدفة أكثر من 115 كيانًا وشخصًا وسفينة. وجاء في مقدمة المستهدفين محمد حسين شمخاني، نجل علي شمخاني مستشار المرشد الإيراني الأعلى.
وأكدت الوزارة أن شمخاني يدير شبكة ضخمة من السفن وشركات الشحن تستخدم لتهريب النفط الإيراني والروسي، وأنه يحقق من خلالها أرباحًا بمليارات الدولارات تُستخدم جزئيًا في تمويل النظام الإيراني.
وشملت العقوبات الجديدة 15 شركة شحن، و52 سفينة، و12 فردًا، و53 كيانًا موزعين في 17 دولة، من بينها بنما وإيطاليا وهونغ كونغ، ما يعكس تحركًا منسقًا لتجفيف منابع تمويل طهران.
طهران ترد على عقوبات أمريكا
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي وصف العقوبات بأنها “مثال صارخ على العداء الأمريكي للأمة الإيرانية”، مضيفًا أن الإجراءات “تستهدف التنمية الاقتصادية ورفاهية الشعب الإيراني”، بحسب ما نقلته وكالة أنباء الطلبة الإيرانية.
رغم ذلك، قلّل مسؤول أمريكي من أثر العقوبات على الأسواق العالمية، مؤكدًا أن صادرات إيران النفطية انخفضت إلى نحو 1.2 مليون برميل يوميًا، مقارنة بـ1.8 مليون في بداية العام، مع توقعات بمزيد من الانخفاض في ظل الحصار الجديد.
ترامب يتوعد بضربة ثانية
في موقف يُقفل أبواب الحوار، حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن أي محاولة إيرانية لإعادة تشغيل المنشآت النووية التي استهدفتها القوات الأمريكية في يونيو ستُقابل بهجوم فوري.
وقال للصحفيين إن “إيران ترسل إشارات سيئة”، مشيرًا إلى أن بلاده لن تسمح لطهران بإعادة بناء قدراتها النووية.
وكانت إدارة ترامب قد شنّت خمس ضربات جوية رئيسية استهدفت مواقع نووية إيرانية، وقالت إنها “قضت على قدرات طهران لتطوير قنبلة نووية”، وهو ما تنفيه إيران بشكل قاطع.
طريق مسدود أم انتظار مبادرة جديدة؟
رغم حدة التصعيد، لم تُغلق واشنطن الباب بالكامل، إذ صرّح مسؤول كبير في البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لا تزال “منفتحة على الحوار المباشر مع طهران”. غير أن دبلوماسيين أوروبيين وإيرانيين استبعدوا حصول أي تقدم قريب، معتبرين أن الثقة “تآكلت بالكامل” بعد القصف الأمريكي وتصاعد العقوبات.
ويرى مراقبون أن شروط إيران الجديدة، التي تشمل التعويضات والضمانات الأمنية، تُشكّل سقفًا تفاوضيًا مرتفعًا قد يصعب على إدارة ترامب قبوله، خاصة في ظل تمسّكها بسياسة “الضغط الأقصى”.
مصير الاتفاق في مهب الريح
وفق مراقبون فإن المعادلة الحالية تُشير إلى أن فرص استئناف المفاوضات باتت ضعيفة، في ظل تمسك الطرفين بمواقفهما، وغياب أي وساطة فعالة لكسر الجمود. فبينما تسعى إيران لفرض شروط جديدة تتجاوز الملف النووي، تواصل واشنطن تشديد الخناق اقتصاديًا وعسكريًا.
في هذا السياق، لا يبدو أن الحوار سيُستأنف قريبًا، وربما يكون العالم مقبلًا على مرحلة جديدة من المواجهة المفتوحة، ما لم تحدث مفاجأة تقلب موازين المعادلة الحالية.
اقرأ أيضا.. عاصفة الاعتراف الدولي بفلسطين.. هل تنعكس على مفاوضات الهدنة في غزة؟