إيران تهدد قاعدة بريطانية في تشاغوس وسط تصاعد التوتر مع واشنطن

إيران تهدد قاعدة عسكرية، في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، حيث أصدرت تحذيرًا شديد اللهجة بأنها ستستهدف القوات البريطانية في جزر تشاغوس إذا نفذ الرئيس دونالد ترامب تهديداته بالعمل العسكري ضد النظام.

أثار هذا الادعاء مخاوف بشأن التصعيد المحتمل للصراع في الشرق الأوسط والعواقب الجيوسياسية الأوسع نطاقًا على المملكة المتحدة والولايات المتحدة وحلفائهما.

إيران تهدد قاعدة عسكرية: الخطط الانتقامية

وفقا لتقرير صنداي تايمز، أوضحت إيران أنه في حال شنت الولايات المتحدة هجومًا على أراضيها، فإن القاعدة العسكرية البريطانية في دييغو غارسيا، الواقعة في أرخبيل تشاغوس، ستكون هدفًا. وصرح مسؤول عسكري إيراني كبير بأنه لن يكون هناك تمييز بين القوات البريطانية والأمريكية في حال الرد.

قال: “عندما يحين الوقت، لن يهم إن كنت جنديًا أمريكيًا أو بريطانيًا أو تركياً – ستُستهدف إذا استخدم الأمريكيون قاعدتك”.

حذّرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية من أن طهران ستستخدم صواريخ باليستية وطائرات مسيرة انتحارية، مثل صاروخ خرمشهر وطائرة “شاهد-136 بي” الانتحارية، لضرب منشأة دييغو غارسيا.

تُعتبر القاعدة العسكرية الأمريكية البريطانية المشتركة ذات أهمية استراتيجية، لا سيما بسبب استخدامها من قبل قاذفات بعيدة المدى مثل “بي-2 سبيريت”، القادرة على استهداف المنشآت الإيرانية تحت الأرض.

أثار هذا البيان مخاوف في ظل تطور قدرات إيران الصاروخية والطائرات المسيرة، حيث من المحتمل أن يصل صاروخ متوسط ​​المدى وطائرة مسيرة يبلغ مداها 4000 كيلومتر إلى القاعدة البريطانية، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للأمن الإقليمي.

إيران تهدد قاعدة عسكرية: أهمية دييغو غارسيا

تُعدّ قاعدة دييغو غارسيا رصيدًا عسكريًا محوريًا لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي. تُعد القاعدة، التي تضم حوالي 4000 فرد، نقطة حرجة للعمليات العسكرية في المحيط الهندي والمناطق المحيطة به.

تُقدَّر هذه القاعدة بشكل خاص لقدرتها على نشر قاذفات استراتيجية، بما في ذلك بي-2 سبيريت، القادرة على تنفيذ مهام بعيدة المدى ضد أهداف في عمق الحدود الإيرانية.

على الرغم من أهميتها الاستراتيجية، لا تزال القاعدة موضع خلاف بسبب النزاع المستمر حول سيادة جزر شاغوس.

تُجري المملكة المتحدة مفاوضات مع موريشيوس حول مستقبل الجزر، مع خطط لتأجير دييغو غارسيا للمملكة المتحدة لمواصلة العمليات العسكرية. إن وجود هذه القاعدة الحيوية في المنطقة يجعلها هدفًا ذا أهمية جيوسياسية كبيرة.

ضغط ترامب على إيران

تتمثل خلفية هذه التوترات في الضغط المستمر الذي تمارسه إدارة ترامب على إيران. بعد استئناف حملة “الضغط الأقصى”، الهادفة إلى منع إيران من امتلاك سلاح نووي، حذّر ترامب من أن “أمورًا سيئة للغاية ستحدث” إذا لم توافق إيران على اتفاق نووي.

أعرب ترامب عن تفضيله التفاوض على حل سلمي مع إيران، لكنه أوضح أن عدم التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

زاد خطاب الرئيس الأمريكي من الشعور بالإلحاح، مع احتمال اللجوء إلى العمل العسكري في حال فشل الدبلوماسية. إلا أن القيادة الإيرانية ظلت ثابتة على رفضها الدخول في محادثات مباشرة تحت الضغط الأمريكي، حيث أكد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أنه “لن تُحل أي مشكلة بالتفاوض مع أمريكا”.

اقرأ أيضًا: كسوف جزئي للشمس.. القمر يحجب جزءًا عن سكان نصف الكرة الشمالي

إمكانية المفاوضات: رد إيران

في حين رفضت إيران فكرة المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، لم تستبعد البلاد إمكانية إجراء محادثات غير مباشرة. وأشار كمال خرازي، كبير مستشاري خامنئي، إلى أنه في حين أن إيران لن تدخل في مفاوضات مباشرة تحت الضغط الأمريكي، فإن النظام لا يزال منفتحًا على المناقشات غير المباشرة، كما حدث في الماضي.

ينبع إحجام النظام عن التفاوض المباشر من اعتقاده بأن الولايات المتحدة لا تحترم الاتفاقيات. على الرغم من ذلك، يُشير محللون سياسيون إلى أن إيران قد لا يكون أمامها خيارٌ في نهاية المطاف سوى الدخول في محادثات مع ترامب، مُقرّين بأن بقاء النظام يعتمد على إيجاد طريقة لتهدئة الوضع.

يقول أستاذٌ في العلوم السياسية مقيمٌ بالقرب من طهران: “سيكون النظام كحيوانٍ بريٍّ جريح، يُهاجم كل ما يقع عليه نظره. إنهم مُقتنعون بأنهم لن يصمدوا إذا تصاعد الوضع، خاصةً بدون دعم روسيا أو الصين”.

التداعيات الإقليمية: التصعيد والتحالفات

يشهد الوضع تقلباتٍ شديدة، ولا يزال احتمال حدوث المزيد من التصعيد يُشكّل مصدر قلقٍ بالغ. ولا تقتصر تهديدات إيران على القوات البريطانية والأمريكية.

فقد أدرج النظام العديد من المواقع العسكرية الأمريكية الأخرى في آسيا والشرق الأوسط، بما في ذلك القواعد البحرية في البحرين، كأهدافٍ مُحتملة في حال نشوب مواجهة عسكرية. وتُنذر التوترات المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تفاقمت بسبب خطاب ترامب المُلتهب ومواقف إيران الانتقامية، بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

بالنسبة للمملكة المتحدة، يُعدّ أمن قاعدة دييغو غارسيا محوريًا لاستراتيجيتها الدفاعية في منطقة المحيط الهندي. وقد أدانت الحكومة البريطانية تهديدات إيران، ووصفتها بأنها “غير مقبولة”، وأكدت التزامها بالأمن الإقليمي.

إلا أن أهمية القاعدة لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تجعلها نقطة اشتعال محتملة في الصراع الجيوسياسي الأوسع بين إيران والغرب.

زر الذهاب إلى الأعلى