إيران تُهدد أوروبا.. ماذا وراء عرض المفاوضات النووية الجديد؟
في أول تصريح رسمي منذ التصعيد العسكري الأخير في الملف النووي الإيراني، كشف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عن تلقي طهران عرضاً لاستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا).
العرض الجديد، الذي وصفه عراقجي بـ”المدروس”، يأتي في وقت دقيق، حافل بالتوترات الأمنية والدبلوماسية، ووسط رسائل إيرانية واضحة موجهة نحو العواصم الأوروبية تحمل لهجة غير مسبوقة من التحذير.
طهران تدرس العرض
أوضح عراقجي أن بلاده تلقت فعلياً عرضاً للدخول في مفاوضات جديدة مع القوى الغربية بشأن البرنامج النووي، لكنها لن تتسرع في اتخاذ قرار القبول، مؤكداً أن أي خطوة تفاوضية يجب أن تحقق مصلحة مباشرة للشعب الإيراني، وأن التجارب السابقة أثبتت ضرورة الحذر من الوعود الغربية.
ويأتي هذا الانفتاح الحذر في ظل مرحلة ما بعد الهجمات الأخيرة على منشآت نووية داخل الأراضي الإيرانية، والتي تؤكد طهران أن من يقف خلفها هو التحالف الأمريكي الإسرائيلي.
تهديدات مبطنة لأوروبا
في لهجة حادة، وجه عراقجي تحذيراً مباشراً إلى الدول الأوروبية الثلاث، ملوّحاً بعواقب تفعيل آلية “الضغط على الزناد” المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والتي تعني عملياً إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
واعتبر الوزير الإيراني أن خطوة كهذه ستكون بمثابة “خطأ جسيم”، مشبّهاً إياها بقرار واشنطن استهداف المنشآت النووية، وقال إن مثل هذه السياسات لن تؤدي سوى إلى تعقيد فرص الوصول إلى حلول دبلوماسية.
خطوط حمراء حول البرنامج النووي الإيراني
شدد عراقجي على أن أي مفاوضات مستقبلية لن تكون نسخة مكررة من مفاوضات ما قبل الحرب، مؤكداً أن البيئة الدولية تغيّرت، وأن طهران لن تقبل بأي اتفاق لا يتضمن اعترافاً كاملاً بحقها في تخصيب اليورانيوم وممارسة أنشطتها النووية السلمية وفق اتفاقية منع الانتشار النووي.
كما أشار إلى أن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أعيدت صياغته، بما يتناسب مع مصالح الأمن القومي الإيراني، في إشارة إلى تقليص الرقابة الدولية على المواقع الحساسة.
ما حقيقة الموقف الروسي الجديد؟
تداولت تقارير إعلامية خلال الساعات الماضية معلومات تفيد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ الأطراف المعنية بدعمه لمفاوضات جديدة، مشترطاً على طهران وقف عمليات تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها. غير أن وكالة “تسنيم” الإيرانية، المقربة من الحرس الثوري، نقلت عن مصدر رسمي نفيه القاطع لوجود مثل هذا العرض الروسي، مؤكداً أن موسكو لم تُقدّم أي اقتراح يتضمن وقف التخصيب بالكامل.
وبحسب مصادر إيرانية، فإن طهران تعتبر أي وقف كامل للتخصيب بمثابة “اعتراف بالهزيمة” أمام أمريكا وإسرائيل، وأن تقديم تنازلات من هذا النوع يعني فتح الباب لمطالبات غربية أوسع تشمل القدرات الصاروخية والنفوذ الإقليمي.
تنازلات مشروطة مقابل رفع العقوبات
في المقابل، لا تغلق طهران الباب كلياً أمام احتمالات التفاهم، إذ تُظهر استعداداً لمناقشة سيناريوهات مرنة تتضمن خفض نسب التخصيب، أو تجميد النشاط النووي لفترة محدودة، أو حتى قبول آليات رقابة مشددة، بشرط أن تقترن هذه الخطوات برفع ملموس للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
حتى الآن، لم يصدر أي موقف رسمي من الكرملين يؤكد أو ينفي ما أُشيع عن العرض الروسي، ما يعزز الاعتقاد بأن موسكو تواصل دورها التقليدي كوسيط تقني لا يضغط على طهران، بل يسعى لتسويق حلول وسط، مثل استضافة اليورانيوم الإيراني الزائد أو توفير رقابة فنية محايدة دون المساس بجوهر البرنامج النووي.
اقرأ أيضًا: محطة جديدة في قطار التطبيع.. ماذا يفعل الرئيس السوري في أذربيجان؟