ابنة مفقودة ومكالمة تيك توك و44 عامًا من اليأس الصامت.. لم شمل الإعلامية الليبية حنان المقوب

في قصة أسرت العالم العربي وأبكت الملايين، التقت الصحفية والناشطة الليبية حنان المقوب بعائلتها البيولوجية، في القاهرة، مصر، بعد 44 عامًا من الفراق – بفضل مكالمة صدفة خلال بث مباشر على تيك توك.
أثارت قصتها، التي اتسمت بالمأساة والصمود، وتحول غير متوقع في القدر، نقاشًا واسع النطاق حول التبني والهوية والألم المستمر لأصول مجهولة.
من عتبة مسجد إلى شاشات التلفاز
في أوائل عام 1981، عُثر على رضيعة عمرها يومان في صندوق خارج مسجد في بنغازي. أطلق موظفو دار الأيتام على تلك الرضيعة اسم فردوس عبد الله، ثم تبنتها عائلة ليبية وأطلقت عليها اسم حنان.
نشأت حنان في كنف الحب والرعاية حتى بلغت السادسة والعشرين من عمرها، حين توفي والداها بالتبني، وهو حدثٌ دفعها إلى أزمة قانونية وعاطفية.
روت حنان لاحقًا: “طُلب مني العودة إلى دار الأيتام لأنني لم أكن متزوجة ولا وصاية قانونية عليّ. كان الأمر كما لو أنني عدتُ إلى ملكية الدولة”. تدخّل عمها بالتبني، ووقّع على إقرار سنوي يُؤكّد حرصه على الوصاية القانونية عليها لإبعادها عن الدار.

صوتٌ لمن لا صوت لهم
أصبحت حنان شخصيةً إعلاميةً بارزةً ومدافعةً عن حقوق الإنسان في ليبيا. قدّمت برامج سياسية جريئة تحدّت الوضع الراهن، مما أدى في النهاية إلى استبعادها من الإعلام الليبي.
أجبرها الضغط على اللجوء إلى مصر، حيث أعادت بناء حياتها من خلال المنصات الرقمية والبث المباشر، وخاصةً على تيك توك، حيث قدّمت برنامجها “تعال نحكيلك”.
المكالمة التي غيّرت كل شيء
خلال أحد هذه البرامج، انضم شاب ليبي يُدعى عمر موسى إلى البث المباشر وشارك قصةً بدت مألوفةً بشكلٍ غريب، أوضح أن والدته أنجبت في الرابعة عشرة من عمرها، وقيل لها إن طفلتها ماتت، لكنها لطالما اعتقدت أن ابنتها على قيد الحياة، عندما رأت وجه حنان، صرخت والدتها: “هذه ابنتي!”.
تطابقت التفاصيل بشكل كبير، التواريخ، والمستشفى، وحتى عدم وجود شهادة وفاة، أغلقت حنان البث في منتصف المحادثة، وهي مرتجفة، بعد أيام، عادت بكشف: عمر هو شقيقها.
@hananalmgawab #غربة مداخلة الشاب عمر موسى في برنامج #تعال_نحكيلك و لحظة إدراك مقدمة البرنامج أنه شقيقها و أنه يروي قصتها بعد فراق 44 سنة !!! برنامج #تعال_نحكيلك مع #حنان_المقوب اللي يجيكم كل ليلة على تمام الساعة العاشرة ليلاً بتوقيت #ليبيا🇱🇾 الحبيبة .. و سهرة للمواهب الفنية كل ليلة سبت الساعة 11 م ما تنسوش اتديروا متابعة للحساب علي #التيك_توك 🤗 #media #tv #Friends #فن #family #بنغازي #درنة #طبرق #مصراته #سبها #طرابلس #libya🇱🇾 #تونس #مصر #المغرب #الجزائر #السعودية #الكويت #الخليج #تركيا #italy #unitedkingdom #canada_life🇨🇦 #unitedstates #istanbul #podcast #بودكاست #fyp #foryourpage #tik_tok #CapCut
ظننت أنني مجهولة النسب
في فيديو مؤثر نُشر على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت حنان: “ظننت أنني مجهولة النسب ومنفصلة عن الشجرة. ثم اكتشفت أن لدي عائلة تشبهني، وأمًا تعكسني، وأعمامًا وخالات، وقبيلة في سبها”.
لم تكشف رحلتها في اكتشاف الذات عن روابط الدم فحسب، بل عن جروح نفسية أيضًا. اعترفت بالتخلي عن الزواج والأطفال، خوفًا من ازدراء المجتمع ووصمة اليتم. قالت: “لقد تحملتُ عارًا لم أستحقه”.

البحث عن العدالة، إيجاد السلام
ما يبقى مؤلمًا هو عجزها عن محاسبة المسؤولين عن الخداع. تواصل معها العديد من الليبيين، ناشرين قصصًا مماثلة عن أطفال أُعلنت وفاتهم دون توثيق. يتكهن البعض بالجريمة المنظمة، أو فساد المستشفيات، أو حتى صفقات الاتجار بالأطفال التي لم تُنفَّذ.
رغم الصدمة، أصرت حنان على إجراء فحص الحمض النووي كنوع من التعويض المعنوي. ورغم أن التشابه بينها وبين عائلتها لافت للنظر، إلا أنها تسعى إلى تأكيد علمي. وقالت: “الأمر لا يتعلق بالشك؛ بل بالشفاء”.
اقرأ أيضا.. رأسمالية السرطان.. أدوية أغلى بلا فوائد تُذكر والجشع يزيد معاناة المرضى
لقاء الشمل في مطار القاهرة
في 29 مايو 2025، انتظرت حنان بفارغ الصبر في مطار القاهرة الدولي للقاء عائلتها البيولوجية لأول مرة. انقطع البث المباشر للقاء الشمل العاطفي قبل لحظات من عناقهما. المشهد – المليء بالترقب والدموع – لا يزال حيًا في ذكريات متابعيها وفي سجلات القصص العربية الحديثة.
تُوثّق بي بي سي قصتها بالتفصيل، حيث حصلت على أول مقابلة كاملة وتغطية لاختبار الحمض النووي.
رمز للأمل
قصة حنان ليست مجرد لمّ شمل امرأة مع عائلتها، بل هي سجلّ إنساني للفقد والبقاء وقوة الحقيقة التي لا يمكن التنبؤ بها. وقد أثارت نقاشات حيوية حول حقوق الطفل، وشفافية التبني، ودور وسائل التواصل الاجتماعي في إعادة صياغة المصائر.