اتفاق حكومة دمشق وقسد.. ما تداعياته على الاقتصاد السوري؟

قال الباحث والمحلل السياسي السوري عبد الرحمن ربوع، إن توقيع اتفاق قسد ودمشق الذي تم بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يمثل تحولًا مهمًا في المشهد السوري، لا سيما أنه أسهم في تهدئة الأوضاع، ومنع اندلاع مواجهة عسكرية كانت متوقعة بين الطرفين.
وأوضح لـ “خاص عن مصر” أن هذا الاتفاق لاقى ترحيبًا شعبيًا واسعًا كونه يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار، ولو بشكل مؤقت، كما أنه قد يُشكِّل فرصة لتعزيز الموارد المالية للدولة السورية التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة.
قطاع النفط بين قسد ودمشق
وأضاف ربوع أن قطاع النفط في سوريا يعاني من أضرار جسيمة؛ حيث إن معظم الآبار تحتاج إلى إعادة تأهيل، ولا يمكن حاليًا تشغيل أكثر من 5% منها بطاقة إنتاجية لا تتجاوز 10 آلاف برميل يوميًا، وهي كمية لا تغطي سوى 20% من الاحتياج الوطني المقدر بنحو 50 ألف برميل يوميًا.
وأشار إلى أن هذا النقص الحاد في الإنتاج يجعل من الضروري البحث عن حلول عاجلة، سواء عبر جذب استثمارات لإعادة تأهيل الحقول النفطية، أو من خلال إيجاد بدائل لتغطية الاحتياجات المحلية.
تحديات ضخمة أمام الحكومة بعد اتفاق قسد ودمشق
وأكد ربوع أن قطاع الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، بحاجة إلى إصلاحات جذرية، حيث لم تخضع هذه القطاعات لأي صيانة منذ 15 عامًا بسبب الحرب.
ولفت إلى أن الدمار الذي طال البنية التحتية، بما في ذلك محطات التوليد وسد الفرات الذي تضررت غرف التحكم وعنفاته جراء القصف الجوي لقوات التحالف الدولي خلال معارك طرد تنظيم داعش، يفرض تحديات كبيرة على الحكومة السورية الجديدة، إذ تقدر تكلفة إصلاح السد وحده بأكثر من مليار دولار.
تهديدات أمنية وتحديات لوجستية
وقال ربوع إن الاتفاق قد يساهم في إعادة تنشيط القطاع الزراعي، خاصة في منطقة الجزيرة السورية (شرق الفرات) التي تضم أكبر المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والشعير والقطن.
وأضاف أن العقبات التي تواجه الفلاحين، مثل الألغام ومخلفات الحرب، بالإضافة إلى الاستهداف المستمر من قبل الفصائل المسلحة التابعة لتركيا (والتي باتت اليوم جزءًا من وزارة الدفاع السورية الجديدة)، تسببت في تراجع الإنتاج الزراعي بشكل حاد، ليس فقط شرق الفرات، بل في إدلب وحماة، حيث تقع ثاني أكبر مساحة زراعية في سوريا.
مخاطر انهيار الاتفاق
وأكد ربوع أن التحدي الأكبر أمام نجاح هذا الاتفاق يكمن في الحفاظ عليه ومنع انهياره في ظل وجود قوى داخلية وخارجية لا ترغب في استقرار سوريا، مشيرًا إلى أن إيران والمليشيات التابعة لها، مثل الفرقة الرابعة ولواء الباقر واللواء الثامن، قد تسعى إلى تقويض الاتفاق لاستعادة نفوذها في البلاد.
كما حذر من أن فلول النظام السابق ما زالوا يحاولون زعزعة الأوضاع عبر افتعال الفتن والاضطرابات، كما حدث مؤخرًا في الساحل السوري، حيث أسفرت المواجهات عن مقتل المئات من ضباط وجنود الأمن والجيش والمدنيين.
الاستقرار السياسي والأمني
واختتم ربوع تصريحاته بالتأكيد على أن استمرار الأزمة الاقتصادية سيعرقل أي جهود لإعادة بناء الدولة وإعادة الإعمار وعودة اللاجئين، مشددًا على أن تحقيق التعافي الاقتصادي يتطلب أولًا معالجة الملفات الأمنية والسياسية التي لا تزال تشكل تهديدًا لأي استقرار مستدام في سوريا.
اقرأ أيضًا: نظام رئاسي وإلغاء منصب رئيس الحكومة.. أبرز ملامح الإعلان الدستوري المرتقب في سوريا