ارتفاع أسعار المواد الغذائية في غزة.. حرب أسعار وجوع وعطش
مع تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع أسعار المواد الغذائية في غزة، أصبحت مشاهد الفوضى العارمة هي الوضع الطبيعي الجديد في مراكز توزيع المساعدات.
منذ أن أعادت إسرائيل هيكلة النظام في مايو، بزعم أنها تهدف إلى منع وصول الإمدادات إلى حماس، أصبحت عمليات تسليم المساعدات نادرةً ومحفوفةً بالمخاطر.
بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، فإن المخاطرة بحياتهم وأطرافهم في “مصائد الموت” هذه ليست خيارًا واردًا، لا سيما مع تزايد العنف في نقاط التوزيع، مع إطلاق طلقات تحذيرية إسرائيلية واشتباكات بين المدنيين اليائسين.
يقول محمد فارس، وهو نازح من سكان مدينة غزة يعتمد الآن مع عائلته على مشتريات السوق: “لست مستعدًا للمخاطرة بحياتي بالذهاب إلى مراكز المساعدات. البقاء على قيد الحياة يعني إنفاق ما تبقى لدينا من مدخرات قليلة، لمجرد الحصول على الدقيق والعدس. الفواكه والخضراوات ترفٌ بعيد المنال”.
الأسواق: مليئة بالبضائع لكن أسعارها باهظة
بالنسبة لمن لا يستطيعون الحصول على المساعدات، تُمثل أسواق غزة بديلاً قاتماً. تتكون الإمدادات في الغالب من مساعدات مهربة، وشحنات تجارية نادرة، وقليل من المنتجات المحلية – لكن الأسعار ارتفعت بشكل لا يُصدق.
تكشف بيانات جديدة من غرفة تجارة وصناعة غزة عن تضخمٍ هائل:
- السكر: 106 دولارات للكيلوغرام (كان 0.89 دولار قبل الحرب)
- الدقيق: 305 دولارات لـ 25 كيلوجرامًا (كان 10 دولارات)
- الطماطم والبطاطس: 30 دولارًا للكيلوجرام (كان 0.59 دولار)
- الخيار: 14 دولارًا للكيلوغرام (كان 0.59 دولار)
- الديزل: 36 دولارًا للتر (كان 1.87 دولار)
- الصابون: 10 دولارات للقطعة (كان 0.59 دولار)
- الحفاضات (عبوة 40 قطعة): 149 دولارًا (كان 8.61 دولار)
- حليب الأطفال (400 جرام): 51 دولارًا (كان 7.43 دولار)
يقول عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة: “هل رأيتُ هذا في أي مكان آخر بهذا القدر؟ بالتأكيد لا”. ويؤكد أن الأسعار وصلت إلى مستويات مرتفعة للغاية، لدرجة أنها أصبحت بلا معنى، مما يُقصي غالبية السكان تمامًا.
عدم الاستقرار، والسوق السوداء، وارتفاع حاد في تكاليف السلع غير الغذائية
أصبح تقلب الأسعار سمة مميزة لاقتصاد غزة في زمن الحرب. على سبيل المثال، وصل سعر الدقيق إلى 891 دولارًا للكيس الذي يزن 25 كجم في وقت ما من شهر يوليو، قبل أن يتقلب بشدة مع تغير القيود على الحدود.
وفقًا لعايد أبو رمضان، رئيس غرفة تجارة غزة، فإن هذه التقلبات تتزامن بشكل وثيق مع تشديد وتخفيف قيود الدخول. “نحن لا نواجه حرب قنابل فحسب، بل حرب أسعار وجوع وعطش”.
لم تنجُ السلع غير الغذائية من هذه الأزمة: فقد شهدت أسعار الصابون والوقود ومستلزمات الأطفال زيادات هائلة. وقد أدى نقص العملة الصعبة إلى تفاقم الأمور، حيث اضطر الناس إلى شراء الشيكل الإسرائيلي من السوق السوداء بعمولات تقترب من 50%، مما زاد من استنزاف قدرتهم على شراء حتى أبسط السلع.
أقرا أيضا.. كيف حوّلت الأسلحة الأمريكية عصابات هايتي إلى جيش؟ أكثر بقاع العالم عنفًا
صراع من أجل البقاء
يُعرف كفاح سكان غزة اليومي بمعاناة لا هوادة فيها. يقول فارس: “المعاناة متأصلة في كل جانب من جوانب الحياة”.
من خطر طلب المساعدة إلى استحالة توفير الطعام والضروريات، يحمل كل يوم تحديات جديدة. وبينما تواصل المنظمات الدولية دق ناقوس الخطر، فإن البقاء بالنسبة للكثيرين في غزة يعني الآن تحمل عنف الحرب والتكلفة الباهظة لضروريات الحياة.