اشتباكات بين الحشد الشعبي والحكومة العراقية.. تمرد مسلح أم صراع على النفوذ في بغداد؟

في حادثة غير مسبوقة هزّت العاصمة العراقية بغداد صباح الأحد، اندلع اشتباك مسلح  بين قوات الأمن العراقية ومجموعة تابعة لـ”الحشد الشعبي” داخل مبنى حكومي يتبع وزارة الزراعة في منطقة الكرخ ببغداد، ما أسفر عن مقت.ل شرطي وإصابة 9 آخرين، وطرح تساؤلات خطيرة حول مستقبل العلاقة بين الدولة والميليشيات شبه الرسمية.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، القائد العام للقوات المسلحة، أصدر فورًا أمرًا بتشكيل لجنة تحقيق عليا لكشف ملابسات ما وصفه بـ”حادث خطير”، يضع سيادة الدولة والسلاح المنفلت في مواجهة مباشرة.

تفاصيل هجوم الحشد الشعبي

بيانات وزارة الداخلية العراقية كشفت أن مجموعة من المسلحين التابعين للواءين 45 و46 ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، اقتحموا مبنى دائرة حكومية تابعة لوزارة الزراعة أثناء اجتماع إداري رسمي يشهده المدير الجديد للدائرة بعد استلام مهامه.

المسلحون، بحسب شهود عيان ومصادر أمنية تحدثت لوكالة “رويترز”، كانوا يهدفون إلى منع تسلّم المدير الجديد منصبه، في مشهد يعكس حجم تغلغل الفصائل في مفاصل الدولة، وقدرتها على فرض إرادتها بقوة السلاح.

حالة من الذعر عمّت أروقة المبنى الحكومي، ما دفع الموظفين للاستنجاد بالقوات الأمنية التي تحركت فورًا نحو الموقع واشتبكت مع المسلحين، وتمكنت من السيطرة على الوضع بعد مواجهات عنيفة.

سقوط قت.لى في اشتباكات بغداد

خلية الإعلام الأمني أعلنت أن القوات الأمنية ألقت القبض على 14 مسلحًا تم التأكد من انتمائهم لتشكيلات الحشد الشعبي، مشيرة إلى أنهم حاليًا في عهدة القضاء العراقي تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

فيما أفادت مصادر طبية وأمنية بسقوط شرطي على الأقل وإصابة 9 آخرين خلال الاشتباك، وهو ما يعيد إلى الأذهان مشاهد الصدامات العسكرية في مناطق النزاع لا في المؤسسات الرسمية للعاصمة.

السوداني يتحرك بعد اشتباكات بغداد

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أصدر توجيهًا عاجلًا لتشكيل لجنة تحقيق عليا تعمل تحت إشرافه المباشر، للتحقق من طريقة تحرك القوة المسلحة من دون أوامر، ومحاسبة المسؤولين عن التنسيق أو التغاضي عن العملية، وسط تسريبات عن فتح ملفات أوسع تتعلق بتغلغل الفصائل داخل الوزارات المدنية.

بيان صادر عن قيادة العمليات المشتركة أكد أن من تم القبض عليهم ينتمون رسميًا إلى الحشد الشعبي، وهو ما وضع قيادة الحشد في موقف محرج، خاصة في ظل تصاعد الأصوات الداعية لحصر السلاح بيد الدولة.

انفلات أم استعراض قوة؟

الحادث أثار عاصفة من الجدل السياسي والشعبي، حيث يرى مراقبون أن ما جرى هو “استعراض قوة” يهدف إلى توجيه رسالة سياسية إلى الحكومة بشأن التعيينات داخل الوزارات، بينما يعتبره آخرون تمردًا مسلحًا يستدعي ردًا حاسمًا من الدولة.

وفي هذا السياق، أشار محللون سياسيون إلى أن الحادث يمثل “بروفة تمرد” قد تتكرر في مؤسسات أخرى، إذا لم تُحسم العلاقة بين الحكومة المركزية والحشد الشعبي، الذي ما يزال يحتفظ باستقلالية مالية وعسكرية رغم تبعيته الشكلية لرئاسة الوزراء.

هل تفلت الميليشيات من السيطرة؟

وفق مراقبون فالحادث يعيد إلى السطح ملف “السلاح المنفلت” في العراق، والذي يعد من أبرز التحديات أمام أي حكومة تسعى لترسيخ الاستقرار وبناء مؤسسات دولة قوية. فبينما يُنظر إلى الحشد الشعبي على أنه قوة وطنية قاتلت تنظيم داعش، فإن تعدد أجنحته وتدخلاته المتكررة في الشأن السياسي والمؤسسي أصبح مصدر قلق داخلي وخارجي.

ويواجه السوداني الآن اختبارًا حاسمً هل سيتمكن من فرض هيبة الدولة ومحاسبة المتورطين، أم أن الواقع سيفرض عليه التعايش مع التوازنات الهشة التي تتحكم في المشهد السياسي العراقي؟

اقرأ أيضا.. سوريا تستعد لأول انتخابات بعد الأسد.. ماذا عن مناطق الأكراد والدروز؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى