اعتراف مرتقب بفلسطين.. هل يغير موقف بريطانيا قواعد الصراع في الشرق الأوسط؟

في خطوة دبلوماسية قد تعيد خلط أوراق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر المقبل، ما لم تتوقف إسرائيل عن حربها في غزة وتقبل بحل الدولتين.

التحول المرتقب في السياسة البريطانية يندرج ضمن مبادرة أوروبية مشتركة، جرى التوافق عليها خلال لقاءات غير معلنة بين لندن وباريس وبرلين، وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر.

خطة سلام أوروبية جديدة تقودها بريطانيا

جاء الإعلان بعد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء البريطاني، عرض خلاله ستارمر خطة سلام جديدة للمنطقة، قال إنها تم الاتفاق عليها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس.

الهدف المعلن هو الدفع باتجاه وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وتهيئة الأرضية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، كجزء من مسار دبلوماسي لإنهاء الاحتلال وتحقيق تسوية على أساس حدود 1967.

ضغوط داخلية على حكومة ستارمر

بحسب تقارير يواجه رئيس الوزراء البريطاني ضغوطاً متزايدة من نواب حزب العمال والمجتمع المدني لدعم الاعتراف بفلسطين، خصوصاً بعد إعلان فرنسا نيتها اتخاذ هذه الخطوة خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة.

وتزامنت هذه التطورات مع تقرير صادم صدر عن مرصد الأمن الغذائي العالمي، أكد فيه أن “المجاعة الفعلية” باتت واقعًا حقيقيًا في قطاع غزة، في ظل استمرار القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات.

هل يمثل الاعتراف تحولاً جذرياً في السياسة البريطانية؟

يرى خبراء أن اعتراف بريطانيا بفلسطين لن يكون مجرد موقف رمزي، بل سيفتح الباب أمام تغييرات دبلوماسية دولية أوسع.
وبحسب الدكتورة جولي نورمان، أستاذة سياسات الشرق الأوسط في جامعة لندن، تؤكد أن الاعتراف سيحمل “وزناً معنوياً وأخلاقياً كبيراً”، رغم أنه قد لا يُغيّر واقع الاحتلال الإسرائيلي على الأرض مباشرة.

وتضيف بحسب وسائل إعلام أن خطوة كهذه “تُخرج بريطانيا من دائرة التردد” وتضعها ضمن القوى التي تدفع فعلياً نحو تسوية عادلة، لا تكتفي بالدعوات الشكلية.

التأثير على وضع اللاجئين الفلسطينيين

من الناحية العملية، لن يؤدي الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين إلى تغييرات جوهرية في سياسات التأشيرات أو الهجرة، وفق ما أوضحه فنسنت فين، القنصل البريطاني السابق في القدس.

ويشير فين إلى أن الاعتراف قد يُفضي لاحقاً إلى الاعتراف بجوازات سفر فلسطينية رسمية، لكن دون تعديل فوري في إجراءات دخول الفلسطينيين إلى المملكة المتحدة.

أما “حق العودة” فهو مسألة تتطلب مفاوضات مع إسرائيل ولن تُحسم بقرار بريطاني أحادي.

الاعتراف بالدولة لا يعني الاعتراف بالحكومة

وفق تقارير فإنه من المهم التمييز بين الاعتراف بدولة فلسطين والاعتراف بأي حكومة قائمة فيها.

وتقول نورمان إن الاعتراف سيكون بالدولة فقط، وليس بحركة “حماس” التي تصنفها لندن “جماعة إرهابية”.

وتوضح أن التعامل الدبلوماسي البريطاني سيظل محصورًا بالسلطة الفلسطينية في رام الله، والتي تربطها علاقات رسمية قديمة بالحكومة البريطانية.

ويُتوقع أن تبقى لندن على هذا الخط، حتى في حال شراكة السلطة الفلسطينية مستقبلاً في إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

من سبق بريطانيا في الاعتراف بـ فلسطين؟

أعلنت فرنسا رسميًا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر، في رسالة مباشرة وجهها الرئيس ماكرون إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وسبقتها إلى هذا الموقف دول أوروبية مثل إسبانيا وآيرلندا والنرويج، التي اعترفت بفلسطين دولة مستقلة ضمن حدود ما قبل عام 1967، مع الإقرار بإمكانية تعديل تلك الحدود لاحقًا عبر مفاوضات.

وبهذا، تنضم لندن إلى مسار دبلوماسي يتّسع تدريجيًا داخل أوروبا، رغم استمرار الرفض الأمريكي لأي اعتراف من طرف واحد بالدولة الفلسطينية.

تداعيات الاعتراف على المشهد الدولي

يرى مراقبون أن الاعتراف البريطاني – إذا تم – سيمثل نقطة تحول في موازين القوى الدبلوماسية المتعلقة بالصراع.
وتقول نورمان إن ذلك “قد يعزل الموقف الأمريكي بوصفه الوحيد الرافض للاعتراف بين القوى الكبرى”، ويُعيد التأكيد على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ضمن إطار دولي داعم.

وتضيف: “رغم غياب التأثير العسكري البريطاني مقارنة بواشنطن، فإن وزن لندن الدبلوماسي لا يُستهان به، ويمكن أن يُعيد تنشيط المسار السياسي الذي جرى تهميشه خلال السنوات الأخيرة”.

هل يقود اعتراف بريطانيا بـ فلسطين لتغيير قواعد اللعبة؟

يبدو أن قرار لندن المحتمل قد يشكّل نقطة انطلاق لتحرك دبلوماسي أوسع يهدف إلى إعادة إحياء مبدأ حل الدولتين، وسط انسداد الأفق السياسي.

وقد يساهم في إعادة الزخم إلى القضية الفلسطينية داخل المحافل الدولية، ويضع إسرائيل أمام معادلة جديدة تتراجع فيها قدرتها على إدارة الصراع دون كلفة سياسية.

اقرأ أيضا.. زلزال مدمر وتسونامي.. ماذا حدث في كامتشاتكا بـ روسيا وما علاقة أمريكا | شاهد

 

زر الذهاب إلى الأعلى