اقتصاد سوريا يحتاج نصف قرن.. تقرير دولي: آثار كارثية للحرب والتنمية لن تعود قبل 2080

كشفت الأمم المتحدة في تقرير حديث أن اقتصاد سوريا سيحتاج إلى أكثر من خمسين عامًا لاستعادة مستوياته التي كان عليها قبل الحرب؛ وذلك في ظل معدلات النمو الحالية.
التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحت عنوان “تأثير الصراع في سوريا” أكد أنَّ الحرب التي استمرت لأكثر من أربعة عشر عامًا ألغت نحو أربعة عقود من التقدم الاقتصادي والاجتماعي، ما يجعل التعافي مسألة معقدة تتطلب استثمارات ضخمة وإصلاحات جذرية.
اقتصاد منهار وفقر متزايد في سوريا
أوضح التقرير أن الاقتصاد السوري تقلَّص إلى أقل من نصف حجمه مقارنةً بعام 2011 بسبب الحرب والعقوبات ودمار البِنية التحتية.
وذكر أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بينما تصل نسبة البطالة إلى 25%، في انعكاس مباشر لحجم الأزمة الاقتصادية.
كما أشار إلى أن النمو الاقتصادي السنوي في السنوات السبع الأخيرة لم يتجاوز 1.3%، وهو مُعدَّل ضعيف لا يساعد على تحقيق التعافي في المستقبل القريب.
وحذَّر التقرير من أن استعادة الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوياته قبل عام 2011 قد لا يتحقق قبل عام 2080 إذا استمرت معدلات النمو الحالية. غير أن تحقيق نسبة نمو سنوي تبلغ 5% على مدى الخمسة عشر عاماً القادمة قد يسمح بعودة الاقتصاد إلى حجمه السابق بحلول عام 2040، وهو سيناريو يبدو أكثر واقعية رغم التحديات.
تأثير الحرب في اقتصاد سوريا بالأرقام
الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد أدت إلى خسائر اقتصادية هائلة قدرت بحوالي 800 مليار دولار. كما ارتفع معدل الفقر بشكل كبير، حيث انتقل من 33% قبل الحرب إلى 90% حالياً، بينما قفز الفقر المدقع من 11% إلى 66%.
قطاع التعليم كان من أبرز القطاعات المتضررة؛ إذ يُقدر أن ما بين 40% و50% من الأطفال السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عاماً باتوا خارج المدارس.
كما أظهر التقرير أن ثلاثة من كل أربعة سوريين يعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية؛ ما يعكس تدهور الظروف المعيشية في البلاد.
دمار واسع في البنية التحتية
الحرب تسببت أيضًا في دمار هائل طال البنية التحتية. فقد دُمر نحو ثلث الوحدات السكنية أو تعرضت لأضرار جسيمة، مما جعل 5.7 مليون شخص بحاجة إلى دعم سكني عاجل.
كما أن أكثر من نصف محطات معالجة المياه وشبكات الصرف الصحي تضررت أو خرجت عن الخدمة، ما حرم نحو 14 مليون شخص من مياه نظيفة وخدمات الصرف الصحي.
في قطاع الطاقة، انخفض إنتاج الكهرباء بنسبة 80%، مع تضرر أكثر من 70% من محطات الطاقة وخطوط النقل، ما أدى إلى تراجع قدرة الشبكة الوطنية إلى أقل من ربع طاقتها الأصلية.
هذا التدهور الحاد في البنية التحتية أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية، حيث أصبح السوريون يواجهون صعوبات يومية في الحصول على الماء والكهرباء والخدمات الأساسية.
المطلوب لإنعاش اقتصاد سوريا
تراجع مؤشر التنمية البشرية في سوريا إلى 0.557 بعدما كان 0.661 في عام 2010، وهو أدنى مستوى تسجله البلاد منذ عام 1990، ما يعكس التأثير العميق للحرب على مختلف القطاعات التنموية.
التقرير شدد على ضرورة تنفيذ خطة شاملة لإعادة بناء الاقتصاد من خلال تحفيز القطاعات الإنتاجية، وخلق فرص عمل للحد من البطالة والفقر، إلى جانب إعادة تأهيل البنية التحتية للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة.
وأكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن تحقيق التعافي الاقتصادي يتطلب استثمارات ضخمة وإصلاحات هيكلية واسعة، بالإضافة إلى استقرار سياسي يساعد على جذب الاستثمارات الخارجية.
اقرأ أيضًا: جنازة حسن نصر الله.. كيف استعد لبنان لتوديع زعيم حزب الله؟