فقدان 80 ألف منزل بسبب الفيضانات يرسم صورة قاتمة لمستقبل الإسكان في نيويورك

القاهرة (خاص عن مصر)- يُظهر تقرير جديد صادر عن جمعية التخطيط الإقليمي (RPA) صورةً قاتمة لمستقبل الإسكان في نيويورك وضواحيها.
وفقًا للنتائج، قد يُفقد أكثر من 80 ألف منزل في المناطق المُعرّضة للخطر، مثل جزيرة ستاتن وجنوب شرق كوينز ولونغ آيلاند، بسبب الفيضانات خلال السنوات الخمس عشرة القادمة، وذلك بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر والظواهر الجوية المتطرفة المرتبطة بتغير المناخ.
يُسلّط تقرير نيويورك تايمز، الذي يُسلّط الضوء على التحديات المزدوجة المتمثلة في نقص المساكن وتزايد مخاطر المناخ، الضوء على كيفية تفاقم أزمة الإسكان في نيويورك مع تزايد صعوبة العيش في الأحياء.
التهديد المُتزايد لتغير المناخ على الإسكان في نيويورك
تُقدّر الدراسة أن أكثر من 80 ألف منزل سيُفقد بحلول عام 2040، مما سيُفاقم أزمة الإسكان الحادة أصلًا في المنطقة. مع تجاوز الطلب على المساكن في منطقة المترو العرض، يتوقع التقرير عجزًا قدره 1.2 مليون منزل خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة.
أكد موسى جيتس، نائب رئيس الإسكان وتخطيط الأحياء في جمعية التخطيط الإقليمي، أن نيويورك لن تحتاج فقط إلى تعويض المنازل التي تضررت جراء الفيضانات، بل ستحتاج أيضًا إلى تلبية الطلب المتزايد على المساكن الجديدة لتجنب أزمة أكبر. حذر جيتس قائلاً: “ستحتاجون إلى بناء المزيد من المساكن لتعويض ما تضرر في بلديتكم”.
ويؤكد التقرير أيضًا أن المناطق الأكثر عرضة للخطر تشمل الأحياء المنخفضة في جزيرة ستاتن، ومنطقة روكاوايز، وأجزاء من لونغ آيلاند، التي عانت طويلًا من الفيضانات المتكررة. بعض المجتمعات، مثل تلك الواقعة على طول لونغ آيلاند ساوند والسواحل الجنوبية لكوينز وبروكلين، معرضة للخطر بشكل خاص.
في الواقع، يقع أكثر من نصف المنازل المتوقع تضررها في لونغ آيلاند، بما في ذلك مدن مثل بابل وإيسليب، التي تواجه مخاطر فيضانات متزايدة بسبب تعرضها للمحيط الأطلسي.
تأثير الفيضانات على الإسكان والبنية التحتية
في حين تُبذل بعض جهود التخفيف من آثار تغير المناخ، مثل إنشاء سدود (كثبان رملية اصطناعية ذات نوى من الحجر والفولاذ) في روكاوايز وجدران صد الفيضانات في الجانب الشرقي السفلي من مانهاتن، إلا أن نهج المنطقة في التكيف مع تغير المناخ لا يزال متباينًا.
حققت بعض المناطق نجاحًا أكبر في تطبيق تدابير الحماية من غيرها. على سبيل المثال، شهدت شبه جزيرة روكاوايز، التي يقطنها 125 ألف نسمة، بعض جهود الحماية على الجانب المطل على المحيط من شبه الجزيرة. ومع ذلك، لا يزال جانب الخليج عرضة للفيضانات المتكررة، مما يترك مساحات شاسعة من الأراضي دون حماية.
إن تزايد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة، مثل إعصار ساندي، الذي ضرب جزيرة ستاتن بشدة عام 2012، يُبرز الحاجة إلى بنية تحتية أكثر مرونة. ومع ذلك، ورغم هذه الجهود، لا يزال غياب خطة شاملة مدعومة اتحاديًا لحماية المدينة بأكملها من العواصف الساحلية يُمثل عائقًا رئيسيًا أمام التقدم.
لا تزال الخطط الطموحة القائمة تنتظر سنوات قبل تنفيذها، حيث تنتظر بعض المشاريع، مثل خطة الحماية الشاملة من العواصف الساحلية، موافقة الحكومة الفيدرالية.
اقرأ أيضًا: بعد أسبوع خسائر بسبب رسوم ترامب الجمركية.. وول ستريت تستعد لمزيد من الفوضى
أزمة إسكان تتفاقم بسبب تغير المناخ
تتفاقم أزمة الإسكان في نيويورك، مدفوعةً بالحاجة إلى مساكن بأسعار معقولة، بسبب التهديد الوشيك بالخسائر المرتبطة بالمناخ. تواجه المنطقة، التي لطالما كافحت لبناء ما يكفي من المنازل لمواكبة الطلب، الآن تحديًا إضافيًا يتمثل في التعامل مع أضرار الفيضانات.
أدى نقص المساكن بأسعار معقولة إلى ارتفاع الإيجارات وأسعار المنازل، مما جعل العديد من سكان نيويورك غير قادرين على تحمل تكاليف السكن. ومما يزيد الطين بلة، أن المناطق المعرضة للفيضانات في المنطقة الحضرية تزداد صعوبة في التطوير أو إعادة التطوير، مما يزيد من تفاقم النقص.
أكدت آمي تشيستر، المديرة الإدارية لشركة “إعادة البناء بالتصميم”، على الحاجة الملحة للاستثمار في تدابير المرونة لمساعدة الأحياء على التكيف مع تغير المناخ. أوضح تشيستر قائلاً: “كلما أسرعنا كمدينة في الاستثمار في تدابير المرونة لمساعدة الأحياء على التكيف – سواءً بالتحصين أو النقل – أسرعنا في تجنب أزمة أكبر للجيل القادم”.
دعوات لإصلاح قوانين تقسيم المناطق لتلبية احتياجات الإسكان
يدعو التقرير أيضًا إلى تغييرات جذرية في قوانين تقسيم المناطق للسماح بزيادة الكثافة السكنية في المناطق الأقل عرضة للفيضانات. وتهدف هذه الإصلاحات إلى تلبية الطلب المتزايد على السكن مع تخفيف الضغط على المناطق المعرضة للفيضانات.
يشير تقرير جمعية التخطيط الإقليمي إلى أن المدن والبلدات في جميع أنحاء المنطقة بحاجة إلى مراجعة قوانين تقسيم المناطق الخاصة بها للسماح ببناء المزيد من المنازل، لا سيما في الأماكن الأقرب إلى وسائل النقل العام والمراكز التجارية الأقل عرضة للفيضانات.
على الرغم من تزايد الطلب على المساكن، لا تزال مقاومة إصلاحات تقسيم المناطق قوية، لا سيما في الضواحي. وقد قاوم المسؤولون المحليون في مناطق مثل لونغ آيلاند ومقاطعة ويستتشستر جهود بناء المزيد من المساكن، خوفًا من أن تؤدي المشاريع الجديدة إلى ارتفاع التكاليف أو تغيير طابع مجتمعاتهم.
لاقت محاولات الحاكمة كاثي هوشول لدفع إصلاحات تقسيم المناطق في جميع أنحاء الولاية نتائج متباينة، حيث يعارض قادة الضواحي زيادة الكثافة السكانية.
الحاجة إلى مساكن بأسعار معقولة وتدابير مرنة
في الوقت الذي تكافح فيه المنطقة لمعالجة نقص المساكن والمخاطر المتزايدة لتغير المناخ، تصبح الحاجة إلى مساكن بأسعار معقولة أكثر إلحاحًا. وقد أعرب وارن شرايبر، رئيس مؤتمر كوينز المدني، عن مخاوفه بشأن تكلفة المشاريع الجديدة.
تساءل شرايبر: “من سيدفع ثمن هذا؟ هل ستتحمله عائلات الطبقة العاملة ذات الدخل المتوسط؟”. تُعدّ تكلفة التخفيف من مخاطر الفيضانات وبناء مساكن أكثر مرونة مصدر قلق رئيسي في الوقت الذي تسعى فيه المنطقة إلى الموازنة بين التكيف البيئي والحاجة الملحة إلى مساكن بأسعار معقولة.