الإمارات تنتصر ماليا.. شطب تاريخي من قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء

أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، شطب دولة الإمارات العربية المتحدة من قائمته للدول “عالية المخاطر” في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو قرار يعد محطة مفصلية في مسيرة الدولة نحو تعزيز شفافيتها المالية وموقعها كمركز اقتصادي دولي موثوق.
ويعكس هذا الإعلان، الصادر عن المفوضية الأوروبية، تقديرا رسميا للجهود الجادة التي بذلتها الإمارات في تحديث منظومتها التشريعية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مكافحة الجرائم المالية.
ويمثل هذا القرار تطورا نوعيا من شأنه تعزيز مكانة الإمارات عالميا، وزيادة الثقة في نظامها المالي، في ظل إستراتيجية واضحة تهدف إلى بناء اقتصاد مستدام وتنافسي، وتعزيز الجاذبية الاستثمارية للدولة في الأسواق الدولية.
التزام إماراتي ومراجعة أوروبية
ووفقا لوكالة “بلومبرج”، جاء هذا التحول بعد تقييمات دقيقة من قبل المفوضية الأوروبية، والتي أعلنت أن الإمارات لم تعد ضمن “الجهات القضائية التي تعاني من أوجه قصور استراتيجية في أنظمتها الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
ولا يزال القرار في طور التثبيت، إذ يتطلب موافقة نهائية من البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء، علما بأن البرلمان كان قد عرقل محاولة مشابهة العام الماضي.
وإلى جانب الإمارات، شطبت المفوضية الأوروبية كلا من بربادوس، جبل طارق، جامايكا، بنما، الفلبين، السنغال، وأوغندا، فيما أضافت عشر دول جديدة إلى القائمة، من بينها الجزائر، لبنان، موناكو، أنجولا، كوت ديفوار، كينيا، لاوس، ناميبيا، نيبال، وفنزويلا.
الإمارات تسير وفق المعايير الدولية
وأكدت المفوضة الأوروبية للخدمات المالية، ماريا لويس ألبوكيرك، أن تحديث القائمة “يعكس التزامنا بالتوافق مع المعايير الدولية، لا سيما تلك التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF).” وقد كانت هذه المجموعة قد شطبت الإمارات من قائمتها الرمادية في العام 2023، ما أتاح المجال أمام بروكسل لمراجعة موقفها.
وتجري المجموعة، التي تتخذ من باريس مقرا لها، تقييمات مستمرة للالتزام الدولي في أكثر من 200 دولة، مركزة على جهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتدرج في قائمتها الرمادية الدول التي تحتاج إلى رقابة معززة.
خلفيات دبلوماسية ومفاوضات تجارية ناشئة
ويأتي هذا القرار الأوروبي في وقت بالغ الأهمية، إذ شهدت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والإمارات دفعة دبلوماسية مع إعلان بدء مفاوضات تجارة حرة بين الطرفين. ورغم غياب الربط الرسمي بين الملفين، إلا أن العديد من الخبراء يرون في هذا التزامن مؤشراً على تصاعد الثقة والتقارب في الرؤى الاقتصادية بين أبوظبي وبروكسل.
وترى الإمارات، التي عبرت مرارا عن استيائها من إدراجها السابق في قائمة الدول عالية المخاطر، في هذا التطور إنصافا لجهودها واستحقاقا لموقعها كمركز مالي عالمي منفتح وملتزم.
منظومة إماراتية جديدة لمحاربة الجريمة المالية
وخلال السنوات الماضية، أطلقت الإمارات حزمة من القوانين والمبادرات، من أبرزها إصدار أول قانون اتحادي لمواجهة جرائم غسل الأموال، إلى جانب تعزيز قدرات الجهات الرقابية وزيادة التعاون مع الشركاء الدوليين. كما قامت بتحديث بنيتها التشريعية والرقابية لتعزيز الشفافية وملاحقة الأنشطة المشبوهة، مما ساهم في رفع مستوى الامتثال والحد من المخاطر المالية.
وأكدت الحكومة الإماراتية أن هذا القرار يتوج مرحلة من العمل المكثف، ويشكل دافعا جديدا لاستمرار تطوير الإطار الوطني للامتثال المالي.
موقف موناكو والدول الأخرى المدرجة حديثا
ومن جهة أخرى، تم إدراج إمارة موناكو، إلى جانب لبنان والجزائر، ضمن قائمة الدول التي تحتاج إلى رقابة إضافية. وأصدرت حكومة موناكو بيانا أكدت فيه أنها أخذت علما بالتحديث، مشيرة إلى التزامها الكامل باتخاذ الإجراءات اللازمة للخروج من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي “في المستقبل القريب”.
ويُذكر أن موناكو مدرجة على قائمة FATF منذ منتصف عام 2024، إلى جانب بلغاريا وكرواتيا، رغم أن الدولتين الأخيرتين عضوين في الاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضا.. أضخم استثمار في تاريخها.. “أدنوك للغاز” الإماراتية تبرم عقودا بـ 5 مليارات دولار
تعزيز الثقة والاستثمار
وتعد إزالة الإمارات من القائمة الأوروبية خطوة مهمة في سبيل تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتدعيم العلاقات التجارية مع شركاء دوليين، خاصة داخل الاتحاد الأوروبي.
كما ينتظر أن ينعكس القرار إيجابا على مؤشرات الثقة في النظام المالي للدولة، ويعزز موقعها كمركز أعمال وجذب عالمي، في وقت تتجه فيه الدولة إلى تسريع تنفيذ رؤيتها الاقتصادية للسنوات القادمة.