الاتفاق العسكري بين مصر والصومال.. خطوة مصرية استراتيجية في النزاع مع إثيوبيا  

يشير الاتفاق العسكري الأخير بين مصر والصومال إلى تحول استراتيجي في النزاع الطويل الأمد بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، وفقا لتحليل معهد تحليل العلاقات الدولية.

يأتي هذا التطور، فوقا لموقع خاص عن مصر، وسط توترات متزايدة بشأن موارد المياه، له آثار أوسع على القرن الأفريقي وتوازن القوى الإقليمي.

سد النهضة: جذر النزاع

في قلب هذه المواجهة يأتي بناء إثيوبيا لسد النهضة على النيل الأزرق. بمجرد اكتماله، من المتوقع أن يولد السد ناتجًا سنويًا يبلغ 15700 جيجاوات ساعة، مما يعزز قدرة إثيوبيا على توليد الطاقة بشكل كبير. ومع ذلك، منذ أن بدأت إثيوبيا في ملء السد من جانب واحد دون التشاور المسبق مع مصر والسودان، تصاعدت التوترات. وعلى الرغم من إعلان المبادئ لعام 2015 بين البلدين، فإن إثيوبيا تؤكد أن الاتفاق غير ملزم، مما أدى إلى سلسلة من النزاعات ومحاولات الوساطة الفاشلة.

أقرا أيضا.. نتنياهو يحقق عودة قوية في الاستطلاعات الإسرائيلية

في سبتمبر 2024، صعدت مصر الأمر إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث نددت بملء إثيوبيا الخامس من جانب واحد لسد النهضة. واتهمت إثيوبيا مصر بمحاولة الحفاظ على احتكارها التاريخي لمياه النيل، وهي التهمة التي كررتها منذ ملء السد لأول مرة في عام 2020.

الاتفاقية العسكرية بين مصر والصومال: خطوة مدروسة

في 14 أغسطس 2024، أضفت مصر والصومال طابعًا رسميًا على تعاونهما العسكري المتزايد باتفاقية تم توقيعها في القاهرة خلال زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود. وبعد فترة وجيزة، بدأت مصر في تسليم المعدات العسكرية إلى الصومال، مما يؤكد على تعميق العلاقات بين البلدين. وانتقدت إثيوبيا بسرعة هذا التطور، محذرة من أن المنطقة “تدخل مياهًا مجهولة”.

إن هذا الاتفاق العسكري بمثابة تأكيد مباشر على نفوذ مصر في منطقة القرن الأفريقي، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية. إن قرار مصر بدعم سلامة أراضي الصومال، وخاصة فيما يتعلق بمطالباتها بأرض الصومال، يضع القاهرة كحليف رئيسي لمقديشو. وفي الوقت نفسه، ترى الصومال أن مصر شريك إقليمي مفضل، نظرًا لأن البلدين لا يشتركان في حدود برية، على عكس إثيوبيا، التي لديها مصالح راسخة في المنطقة.

هناك جانب حاسم آخر لهذه الديناميكية وهو انتهاء مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) في نهاية عام 2024. وستحل محلها بعثة جديدة، وهي بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (AUSSOM)، لكن الصومال أوضحت أنه ما لم تتخل إثيوبيا عن مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، فلن تسمح للقوات الإثيوبية بالمشاركة في مهمة حفظ السلام.

تواجه إثيوبيا، التي لديها آلاف الجنود في الصومال، خيارا صعبا: إما حماية حدودها الشرقية ضد حركة الشباب أو الحفاظ على وجودها في أرض الصومال، وهو ما قد يؤمن لها الوصول إلى ميناء مهم استراتيجيا.

وفي المقابل، تشير بعض التقارير إلى أن مصر قد تنشر ما يصل إلى 10 آلاف جندي في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، على الرغم من أن هذا العدد من المرجح أن يكون أقل نظرا للقدرة الإجمالية للبعثة. وإذا تم تأكيد ذلك، فإن هذا من شأنه أن يضع القوات العسكرية المصرية بالقرب من حدود إثيوبيا، مما يؤدي إلى تصعيد العلاقة الهشة بالفعل بين البلدين.

الدوافع الاستراتيجية والتأثير الإقليمي

من الواضح أن الاتفاق العسكري المصري الصومالي هو جزء من استراتيجية القاهرة الأوسع للضغط على إثيوبيا بشأن سد النهضة وتأكيد نفوذها في منطقة القرن الأفريقي. إن تأمين وجود في المنطقة من شأنه أن يمنح مصر نفوذا على طرفي البحر الأحمر، والذي يشمل قناة السويس في الشمال وخليج عدن في الجنوب – وهو ممر تجاري حيوي.

بالنسبة للصومال، فإن التحالف مع مصر يوفر مزايا عسكرية وسياسية. إن دعم مصر يعزز موقف الصومال ضد أرض الصومال ويوفر الموارد التي تشتد الحاجة إليها في معركتها المستمرة ضد حركة الشباب، الجماعة الإسلامية المتمردة التي لا تزال تهدد استقرار البلاد.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى